خطة أميركية جديدة لمنح بنك الاحتياطي الفيدرالي سلطات جديدة أوسع

ستقترح غدا من أجل الإشراف على استقرار السوق المالية

TT

من المتوقع ان تقترح وزارة المالية الاميركية يوم غد الاثنين على الكونغرس، منح بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) سلطة جديدة أوسع، من أجل الإشراف على استقرار السوق المالية، والسماح بإرسال فرق متخصصة إلى أي مكان أو مؤسسة قد تعرض النظام المالي العام للخطر. وهذا العرض يأتي كجزء من برنامج العمل الشامل لفحص حالة الوكالات المالية النظامية في الولايات المتحدة، والتي يقول عنها العديد من الخبراء بأنها قد فشلت في إدراك التجاوزات التي تفشت في قروض الرهن العقاري، حتى ظهر ما يعرف الآن بأنه أسوأ كارثة مالية منذ عقود. ويدرك المشرعون الديمقراطيون تماما أن هذا العرض لا يكفي تماما لمنع كافة أنواع الممارسات التي أدت إلى حدوث هذه الأزمة المالية. وكذلك فإن العديد من العروض، مثل تلك التي تنادي بتوحيد الوكالات النظامية، لن تفعل شيئا تجاه الأزمة الحالية التي تعصف بالأسواق المالية. كما أن بعض العروض قد تقلل من قانونية هذه الممارسات. وحسب ملخص قدمته الحكومة، فإن الخطة ستتضمن دمج منظمين مصرفيين ومنظمي أوراق استثمار مالية في شكل مراقبين أقوياء يشرفون على كل شيء، بدءا من البنوك وشركات الصرافة إلى صناديق التحوط والشركات الخاصة. وفي الوقت الذي قد تعرض هذه الخطة بنوك الاستثمار في وول ستريت وصناديق التحوط، إلى المزيد من الفحص، فإنها تتجنب الدعوة إلى تشريع أقوى. وليس من شأن الخطة أن توقف الممارسات المتعلقة بأزمة الإسكان والرهن العقاري، مثل تحويل الرهون الخطرة إلى أوراق استثمار مالية، تتمتع بأعلى معدلات فائدة. وستمنح الخطة للاحتياطي سلطة على مؤسسات وول ستريت، ولكن ذلك يكون فقط في حالة تهديد ممارسات البنك الاستثماري للنظام المالي العام. ولا توصي الخطة بتشريع قوانين أكثر صرامة فيما يتعلق بالأسواق الكبيرة وغير المنظمة للاشتراك في المخاطر والتحوط، مثل المقايضات الائتمانية الافتراضية، والتي من المفترض أن تطمئن المقرضين تجاه الخسائر، ولكنها أصبحت أداة مضاربة وأعطت العديد من المؤسسات شعورا كاذبا بالأمان. وبعض أجزاء الخطة قد تقلل من قوة عمولة الصرافة وأوراق الاستثمار المالية، التي يتم تحصيلها عن طريق تأمين نظام أسواق الصرف والسندات، وحماية المستثمرين. وسوف تعمل الخطة على دمج في هيئة البورصات والاوراق المالية الاميركية مع اللجنة التجارية لمستقبل السلع الأساسية، مما يعمل على تنظيم مستقبل تبادل السلع الأساسية مثل الزيت والحبوب والعملات، وما شابه ذلك. وتقترح الخطة أيضا العديد من المجالات التي يجب على هيئة البورصات والاوراق المالية الاميركية التساهل معها أثناء عملية الإشراف. ومن بين هذه المجالات: السماح باختلاف أكبر في أسعار الصرف حتى تتم عملية التنظيم، وتسهيل الموافقة على وجود منتجات جديدة، بل والسماح بالموافقة التلقائية على منتجات أوراق الاستثمار المالية التي يتم الإتجار فيها داخل الأسواق الأجنبية. وقد بدأت الاقتراحات في العام الماضي كمجهود مقدم من قبل هنري بولسون، وزير المالية، لجعل الأسواق المالية الأميركية أكثر منافسة أمام الأسواق العالمية عن طريق تحديث نظام أصبح قديما. وقد كان هدفه هو تنظيم القواعد المختلفة والمتناقضة أحيانا، والخاصة بالبنوك التجارية والمدخرات والقروض ومقرضي الرهون العقارية خارج البنوك. وحسب نسخة أولية، سيقول بولسون في خطابه يوم الاثنين المقبل: «أنا لا أقول إن المزيد من التنظيم هو الحل، أو أن التنظيم الأكثر فعالية يمكن أن يمنع فترات الضغط على السوق المالية، والتي يبدو أنها تحدث من 5 إلى 10 سنوات. ولكنني أقول إنه يجب أن يكون لدينا نظام مصمم للعالم الذي نعيش فيه، نظام يتسم بالمزيد من المرونة». ومن المتوقع ان يوافق الكونغرس على معظم العناصر الخاصة بالعرض، ويقوم القادة الديمقراطيون بالفعل بعمل مسودات قوانين لفرض المزيد من الرقابة على بنوك الاستثمار في وول ستريت، وصناديق التحوط والسوق المتنامية للأعمال الفرعية مثل المقايضات الائتمانية الافتراضية.

ولكن عرض بولسون للاحتياطي، قد أوحى بأفكار يتزعمها الممثل النيابي بارني فرانك، وهو ديمقراطي من ماسوشيستس، ورئيس مجلس إدارة لجنة بيت الخدمات المالية.

وكلاهما ينظر إلى مخاطرة إشراف الفيدرالي على كل الأفق المالي، ولكن فرانك قد يفضل دورا فيدراليا أكثر قوة وأن تكون البنوك الاستثمارية عرضة للقوانين نفسها التي يجب أن تتبعها البنوك التجارية حاليا، لاسيما فيما يتعلق باحتياطات رأس المال. ومن شأن خطة وزارة المالية أن تسمح لمسؤولي الفيدرالي بفحص الممارسات، بل وسجلات شركات الصرافة، وصناديق التحوط، وعمليات تبادل السلع التجارية وأي مؤسسات أخرى قد تعرض النظام المالي العام للخطر. وسوف يكون ذلك توسعا هاما في المهمة التنظيمية للبنك المركزي. ولأول مرة منذ عام 1930، فقد وافق الفيدرالي أيضا على السماح للبنوك الاستثمارية باقتراض مئات المليارات من الدولارات من نافذة الخصم الخاصة بها، وهو برنامج إقراض للطوارئ، يحتفظ به للبنوك التجارية وغير ذلك من المؤسسات الإيداعية. ولكن عرض بولسون سوف يشبه التنظيم الذي يقدمه الديمقراطيون. وقد كان هناك جدال بين فرانك وبعض الديمقراطيين القدامى بشأن منافسة البنوك الاستثمارية وغيرها من المؤسسات عالية التنظيم مع البنوك التجارية، وأن عليها أن تخضع لتنظيم مشابه، بما في ذلك وجود مراقبين يتفحصون السجلات ويطالبون بعمل تغييرات في الممارسات الخاصة بها. ومن شأن عرض بولسون أن يثير حفيظة البعض من أعضاء الكونغرس، والوكالات والمجموعات الصناعية المتنافسة التي تستفيد من التشريعات الحالية. وقد أفاد مسؤولو الإدارة يوم الجمعة الماضية بأنهم لم يتوقعوا أن يصبح العرض قانونا خلال هذا العام، ولكنهم أفادوا بأنهم يأملون أن يساعد على تبني سياسة جيدة بعد الانتخابات التي تجري في نوفمبر (تشرين الثاني).

وفي خطوة تهدف إلى تحريك الإقراض العقاري، قدمت الإدارة مشروع تشكيل لجنة تنظيم الرهن العقاري لتقييم فعالية حكومات الولايات في تنظيم سوق الرهن العقاري وحماية المستهلكين. ومع ذلك، فقد تم تطوير معظم العرض، قبل احتدام أزمة الرهن العقاري ونشوء العديد من أزمات الائتمان الأكبر، وتتجه معظم العروض إلى تسهيل العملية التنظيمية. وسوف تدمج هذه الخطة عددا كبيرا من المراقبين إلى ثلاث وكالات كبيرة وجديدة. وسيتم الإشراف على البنوك (يتم تقسيم ذلك الإشراف الآن بين خمسة بنوك فيدرالية) من قبل مراقب مالي، يمكن أن يرسل مراقبين إلى أي بنك أو مؤسسة إيداعية تتم حمايتها من قبل مؤسسة تأمين إيداعي فيدرالي، أو مؤسسة اتحادية أخرى. ومن شأن ذلك أن يقلل الفارق بين «البنوك» و«المؤسسات القوية» والتي يكون الفارق بينها واضحا لمعظم العملاء، كما سوف يتم إغلاق مكتب الإشراف الاقتصادي.

ويفيد مسؤولو الإدارة بأن النظام القومي سوف يقلل من عدم فعالية 50 جهة رقابة على الولايات، ممن تحرص على مراكز قوتها وتعمل على محاربة أي تدخل فيدرالي. وقد أفاد آرثر ليفيت وهو رئيس مجلس إدارة سابق في هيئة البورصات والاوراق المالية الاميركية، والذي طالب كثيرا بحماية المستثمرين، بأن انطباعه الأول عن الخطة كان إيجابيا. وعلى الرغم من أن سلطات البورصة ربما تكون قد تقلصت، لكن ليفيت يقول إن الخطة سوف تنشئ وكالة أكبر لتنظيم العمل في كافة الخدمات المالية. وقال: «إنها وثيقة هامة. إنني مهتم بحقيقة أنها تولي حماية المستثمرين أهمية خاصة، كما إنها تؤسس لوكالة تعمل على هذا الغرض، في كل الأسواق. إنني أعتقد أن هذه خطوة هامة للغاية».

* خدمة «نيويوك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»