الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن: دوافعنا حماية صغار المستثمرين وإبداء حقائق يخفيها البعض

رئيس الجمعية السعودية للمحللين الفنيين لـ«الشرق الأوسط» : مقولة «التحليل الفني لا ينطبق على السوق السعودية» يروجها أشخاص منتفعون

الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن
TT

في ظل الاهتمام المتزايد المنصب على سوق الأسهم السعودية، وكثرت الاهتمام بالعلوم التي تساعد على التعامل مع هذا السوق، طبقت كثيرا من التحاليل الخاصة بالتعامل مع سوق الأسهم، والتي تساعد في اتخاذ قرار الدخول أو الخروج، والتي تعززت بعد الانهيارات المتوالية التي مرت بها السوق منذ فبراير (شباط) 2006.

وذلك الأمر دفع السعوديين للتفكير مليا قبل الإقدام على خطوة الدخول إلى عالم الأسهم، مما جعل البعض يبحث عن مساعد للوصول إلى أهدافه من السوق سواء عن طريق محاولته الاستعانة بأصحاب الخبرة أو عن طريق تعلم آلية تحليل السوق، والتي أصبحت حاليا محط أنظار غالبية المتداولين.

وفي هذا الاطار قال الأمير الدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العزيز أل سعود، إنه من خلال المراحل التي مرت بها السوق السعودية واهتمام العموم بالأسهم، انكشفت بوضوح الصورة في أن صغار المتداولين أصبحوا ضحية لبعض كبار المتعاملين، حيث وقعوا ضحية التلاعب بأموالهم، لينتهي بهم المطاف مدينين لجهات عديدة، بعد أن كانوا يسعون لتحقيق رغباتهم في الحصول على مكاسب لهم ولعائلاتهم، إلا أنهم لم يتمكنوا من تحقيقها، بسبب تأثرهم بموجات من التصاريح غير المدروسة أو التي لها أهداف تخدم جهات أخرى، فكان هذا هو الدافع لإنشاء الجمعية وهو حماية صغار المستثمرين وإبداء حقائق قد يخفيها البعض للحصول على مكاسب أو منافع شخصية.

وأوضح رئيس الجمعية السعودية للمحللين الفنيين في حوار مع «الشرق الأوسط» في الرياض، «أن هناك مقولة إن الناس أعداء لكل ما هو جديد، حيث يوجد من ينظر إلى هذه الجمعية بأنها ستقطع أرزاقا معينة أو ستقيم أخطاء أو ستخرج أشخاصا من مراكزهم بوجودها، إلا أننا يد أخرى لكل من يريد الارتقاء بالمجتمع، كما أن عدم فهم الناس لمغزى الجمعية من صغار المساهمين، يمثل إحدى العقبات، فقد يعتقد البعض أن الجمعية ربحية أو أن الهدف منها أن تكون استشارية لبعض الجهات الاستثمارية من شركات خاصة وكبار مضاربين، وهذه كلها ليست حقيقة، لكن الحقيقة أن الجمعية مع كل ما يدعم التحليل الفني ومع كل ما يدعم صغار المستثمرين». فالى نص الحوار: > نعلم أنكم أحد أعضاء هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود، لكن الفضول يغلبنا لمحاولة معرفة سر اهتمامكم بعلم التحليل الفني.

ـ أولا كان للجانب الدراسي دور مهم في توجهاتي، حيث تخرجت من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن تخصص إدارة صناعية، والإدارة الصناعية أهم أجزاء صناعة المال، حيث إن اختصاصها الأساسي في قطاع المال وفي مجال صناعته، وكما يعلم الجميع مدى ارتباط علم الإدارة بالعلوم الأخرى، أما على الصعيد الشخصي، فالبيئة التي عشت فيها كانت بيئة مال وأعمال، حيث كان والدي من أكبر رجال الأعمال في العالم قبل أن يكون نائبا لوزارة الدفاع والطيران، فكان من المهم الاطلاع على أمور كثيرة حول هذه البيئة الاقتصادية، بالإضافة إلى الفضول العلمي وحب الاطلاع والقراءة في كل شيء، والذي دفعني للحصول على إطلاعات بسيطة عن هذا العلم من سنين طويلة. > ما هي بداياتك الفعلية مع هذا العلم؟

ـ بعد الطفرة الاقتصادية في السعودية والثورة المالية، وافتتاح سوق المال، وتدافع الناس وهلعهم بعد أحداث 11 سبتمبر مع تأثر أسواق المال العالمية، جميعها عوامل تجعل الإنسان يتساءل عن هذا المارد الذي لا نعرف عنه إلا أجزاء بسيطة، وهل يا ترى لهذا السوق هذا السر الكبير والعظيم، الذي يؤثر في الناس إلى هذه الدرجة، فكانت تلك الفترة هي الانطلاقة بأن أبدأ أبحث وأدرس في هذا العلم، حتى أني بدأت أفهمه كثيرا، ومن هذا الباب اختلطت بمجموعة من الإخوان الذين يحملون نفس التوجه. > هل لنا أن نتعرف على خطواتكم العلمية في علم التحليل الفني؟

ـ كان لي هدف التطوير الذاتي لمعلوماتي الخاصة في هذا العلم، فحصلت على عدد كبير من الدورات الخاصة في التحليل الفني، وتوقفت مع كثير من المهتمين في هذا العلم ودرست عليهم الكثير، وأصبحت عضوا في الاتحاد الدولي للمحللين الفنيين.

> ما هي نظرتكم لتطبيق التحليل الفني على سوق الأسهم السعودية.

ـ سوق الأسهم السعودية مرت في فترات سادت فيها مقولة أن السوق السعودي لا يتفاعل مع التحليل الفني، وهذا الأمر صحيح، حيث كان السوق في بداية نشأته وعدد شركاته قليل، بالإضافة إلى أن الأسهم كانت لا تتداول إلا بين كبار المتعاملين والملاك القدامى للشركة، فكانت هذه الصورة النمطية للسوق لا تخضع لضوابط التحليل الفني، لكن بعد أن حدثت الهزة الأخيرة، وزاد عمق السوق وارتقى الفهم الاستثماري بين الناس، أصبح التحليل الفني علم له دوره الكبير والفاعل.

> لكن نلاحظ بعض التخبطات والتعارض الذي يظهر بين المحللين الفنيين في توقعاتهم، ما تفسيرك لهذه الظاهرة؟

ـ هذا النوع من التحليل لا ينفع متعاطيه، إن لم يكن يتقن التفاعل معه، فهو عائد إلى طريقة تعامل المحلل مع التحليل، فإذا كان هذا التعامل مع هذا الفن مبنيا على العقلانية تحققت الاستفادة منه، ويتمكن من تطبيقها على الواقع، أما إذا كان التطبيق بطريقة عشوائية أو أن يؤخذ جزءا وتنقل صورة الجزء على الكل، فلن تخرج بمعيار صادق، ويؤدي إلى التخبط في القراءة.

> هل تستطيع أن تحدثنا عن فكرة إنشاء الجمعية؟

ـ بعد أن أصبحت مهتما بهذا العلم أصبح ينتابني الاستغراب لكثير من الوجوه التي تخرج في الإعلام وليس على سبيل التعميم طبعا، ولكن هناك مجموعة تأتي بتحاليل غريبة عكس ما درسه الإنسان أو تعلمه، حيث يأتي بتوقعات مغايرة للحقيقة ولطبيعة هذا العلم، ثم شاءت الظروف أن أجتمع مع بعض الاخوان، فكان هنالك هاجس مشترك وطرح لفكرة إنشاء الجمعية، وفي هذا الخصوص كنت أتكلم في اللقاء الأول معهم، بأننا أمة أبدعت بالبلاغة وعلم الكلام، لكن هنا ينبغي أن تكون هناك خطوات جدية وفعلية على أرض الواقع، لنكون جميعنا يدا واحدة لاستكمال الفكرة. > ما هو الدافع المباشر لإنشاء الجمعية؟

ـ في الحقيقة أنه من خلال المراحل التي مرت بها السوق السعودية واهتمام العموم بالأسهم، انكشفت بوضوح الصورة في أن صغار المتداولين أصبحوا ضحية لبعض كبار المتعاملين، حيث وقعوا ضحية التلاعب بأموالهم، لينتهي بهم المطاف مدينين لجهات عديدة، بعد أن كانوا يسعون لتحقيق رغباتهم في الحصول على مكاسب لهم ولعائلاتهم، إلا أنهم لم يتمكنوا من تحقيقها، بسبب تأثرهم بموجات من التصاريح غير المدروسة أو التي لها أهداف تخدم جهات أخرى، فكان هذا هو الدافع لإنشاء الجمعية، وهو حماية صغار المستثمرين وإبداء حقائق قد يخفيها البعض للحصول على مكاسب أو منافع شخصية.

> هل كان التحليل الفني يستخدم في هذا الاتجاه كمحاولة للتضليل أو خدمة مصالح شخصية؟

ـ بصراحة لاحظنا مؤخرا استخدام هذا العلم من قبل البعض، وهم أقلية كأداة تسخر لخدمة عمليات النصب والاحتيال على الناس، فتجد شخصا لديه مبادئ بسيطة عن التحليل الفني، يوهم الآخرين بأنه قادر على تحقيق المكاسب لهم، فيجمع من خلالها أموالا كبيرة يتعامل بها بحسب توجهاته الخاصة ويحقق مكاسب شخصية، وفي النهاية يرجع أسباب اختفاء الأموال إلى الخسارة، ويكون بهذا العمل قد أثر على السوق وعلى المجتمع والبنية الاقتصادية عموما، ومن المعلوم أن الاقتصاد هو عصب أي مجتمع، فإذا ضعفت البنية الاقتصادية أو الكسب المالي للمجتمع انتشرت الجريمة والفساد، وتفشت الأمراض الأخلاقية والإدارية والرشوة والمحسوبية، وكلها مربوطة بالعامل الاقتصادي، فإذا وصل الناس إلى هذا المستوى من التدهور المالي أصبحت كارثة.

> هل من الممكن أن توضح لنا الأهداف العامة للجمعية السعودية للمحللين الفنيين؟ ـ تأخذ الجمعية على عاتقها مهمة زيادة ونشر الوعي وتثقيف المتداولين في هذا العلم، بالإضافة إلى الجانب الاستشاري لمن شاء وليست فرضا على أحد، ومحاولة توصيل بعض المعلومات المفيدة، ومساعدة هيئة السوق المالية للارتقاء بواجباتها، وتكريس النظرة الجيدة للمستثمرين والتعاون المستمر والدائم لكل ما يؤدي إلى الارتقاء بمصلحة المواطن، باختصار هدفنا خدمة المجتمع السعودي والمستثمر السعودي والارتقاء بمهنة التحليل الفني والمحللين الفنيين، وكشف حقيقة أن الذين ينشرون مقولة التحليل الفني لا ينطبق على السوق السعودي، أنهم أناس منتفعون من هذه المقولة ويريدون من الناس أن يبقوا متأخرين عنهم حتى لا ينتفعوا ويحقق كافل هذه المقولة مكاسب معينة.

> هل هناك معوقات في نظركم تقف أمام تحقيق أهداف الجمعية؟

ـ هناك مقولة أن الناس أعداء لكل ما هو جديد، حيث يوجد من ينظر إلى هذه الجمعية على أنها ستقطع أرزاقا معينة أو ستقيم أخطاء أو ستخرج أشخاصا من مراكزهم بوجودها، إلا أننا يد أخرى لكل من يريد الارتقاء بالمجتمع، كما أن عدم فهم الناس لمغزى الجمعية من صغار المساهمين يمثل إحدى العقبات، فقد يعتقد البعض أن الجمعية ربحية أو أن الهدف منها أن تكون استشارية لبعض الجهات الاستثمارية من شركات خاصة وكبار المضاربين، وهذه كلها ليست حقيقة، لكن الحقيقة أن الجمعية مع كل ما يدعم التحليل الفني ومع كل ما يدعم صغار المستثمرين.

> ما هي الخطوات التي تمت للتنسيق مع الجهات المهنية المتخصصة في جانب التحليل الفني؟

ـ أهم خطوة تمت في هذا الاتجاه تتمثل في الحصول على الموافقة النهائية من الاتحاد الدولي لمحللين الفنيين، وهذا الاعتراف يمنح الجمعية صلاحيات كبيرة وجبارة في المنطقة، كما تلقينا دعوة من رئاسة الاتحاد الدولي لحضور الاجتماع السنوي في دبي، هذه الخطوات جعلتنا نعمل تحت مظلة دولية ولم يبق أمام الجمعية إلا الاعتراف الحكومي في السعودية.

> وماذا تم بخصوص الحصول على الموافقات الرسمية الداخلية.

ـ قمنا بمخاطبة وزارة الشؤون الاجتماعية والتقينا بوزيرها، إلا أنه ما زالت بعض التنظيمات غير فاعلة في وزارة الشؤون الاجتماعية، حيث أنه لا يوجد تنظيم معين لهذا النوع من الجمعيات، إلا أننا في طور حلها مع صدور النظام الجديد للجمعيات التعاونية، كما خاطبنا هيئة السوق المالية بهذا الخصوص.

> ما هو الانطباع لديكم من ردود الجهات الرسمية، وما مدى تقبل هذه الجهات لفكرة أنشاء الجمعية.

ـ في الحقيقة أن مقابلتنا مع وزير الشؤون الاجتماعية كانت فعالة، وكان مرحبا بالفكرة ومؤيدا لإنشاء الجمعية، أما بخصوص هيئة السوق المالية فكان ردها بأنها تنوي إنشاء هيئة للمحللين الماليين، ولم نتمكن إلى الآن بالعمل مع المتخصصين في هذا المجال للوصول إلى معرفة سر التعارض التي اكتشفته هيئة السوق المالية بين هيئة المحللين والجمعية مهنيا ونظاميا، حيث يعلم الجميع أن الهيئة تنظيرية، وتتبع هيئة السوق المالية ولن تتمكن من كشف الحقائق أو الدعم، لأنها جزء من المنظومة الحكومية، بينما الجمعية تمثل الأداة الاجتماعية التي تخدم المجتمع مثل الجمعيات الأخرى التي تدعمها الدولة وبقوة.

> تعلمون أن هنالك عددا كبيرا من المهتمين في هذا العلم، ويحرصون على معرفة آلية الانضمام للجمعية أو المشاركة في تأسيسها، فما هي المتطلبات الرئيسية لذلك، وكيف يمكن إيصالها للجمعية؟

ـ من المعروف أنه عند إنشاء جمعية جديدة لم يكن لها وجود، تكون بحاجة إلى إخراجها لأرض الواقع في إيجاد جمعية تأسيسية مبدئية من المهتمين لتنتقل من عدم وجود التنظيمات إلى إيجاد التنظيمات والهيكلة الإدارية، فكان العدد الموجود من الأعضاء المؤسسين والذي بلغ 23 عضوا من المهتمين، لتبدأ الخطوات الفعلية لإنشاء الجمعية، أما قبل ذلك فلم تكن هناك إمكانية، ولا وقت كاف لقبول متقدمين لعدم وجود حقيقي للجمعية، أما الآن فأصبحت على الواقع، وستخرج تنظيمات مبينة لهذا الأمر، وفيها آلية الانتساب للجمعية كعضو فاعل أو عضو منتسب، ويمكن الرجوع للائحة التأسيس التي اعتمدت من الاتحاد الدولي.