الدولار على صفيح ساخن

خبراء: اقتراب النفق المظلم من نهايته للعملة الأميركية

تعثر الدولار مرة أخرى خلال الربع الأول من العام الحالي («الشرق الأوسط»)
TT

لقد تعثر الدولار مرة أخرى خلال الربع الأول من العام الحالي، بعدما عانى طويلا، مسجلا انخفاضات عديدة مقابل اليورو، وليصل إلى أضعف مستوياته أمام الين الياباني منذ عام 1995. وفي الوقت الذي يدخل فيه الدولار المتراجع عامه السادس على التوالي، يشير عدد من محللي العملة إلى اقتراب النفق المظلم من نهايته. وهم يرون أن الدولار يبدو رخيصا مقابل العملات الرئيسة على الأقل، وأن التغيير في العلاقة بين الولايات المتحدة ومعدلات الفائدة الأوروبية يمكن أن يمثل منعطفا جديدا. ويقول روبرت سينش رئيس قسم الأبحاث والاستراتيجية للصرف الأجنبي في بنك أميركا كورب: «إن الدولار الذي تقل قيمته أمام العملات الرئيسة، كما حدث دائما. ويبدو وضع السوق متأزما، عندما تتبدل الأوضاع، سوف يعود الدولار إلى سابق عهده». وقد بدأ عدد قليل من المحللين في إجراء ما يشبه التوقعات في نهاية السنة الماضية، ليكتشفوا أن الدولار يصل إلى مستويات دنيا لم يصل إليها من قبل. فخلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، ارتفع اليورو بنسبة 7.5% أمام الدولار، الذي انخفض قليلا عن حاجز 1.60 دولار لينهي الربع الأول من العام عند مستوى 1.5787 دولار. كما تعثر الدولار بنسبة 10.5% أمام الين، ليصل إلى أقل من 96 ين للدولار لقد شهد الدولار أكبر انخفاض خلال ثلاثة أشهر أمام الين منذ الربع الثالث عام 1999، عندما انخفض بنسبة 12.3%. وقد انخفض مؤشر الدولار الأميركي الذي يقيس أداء سلة من 26 عملة، بنسبة 3.22%. وقد باع تجار العملة الدولار بدافع الخوف من وقوع الاقتصاد الأميركي في مستنقع الركود، كما قادت كارثة الائتمان إلى سقوط شركات «بير ستيرنز»، لتعجل بالإجراءات العاجلة التي اتخذها بنك الاحتياطي الفيدرالي. ويرى العديد من الاستراتيجيين أنه حتى يتباطأ الاقتصاد الأميركي وتظهر علامات انفراج أزمة الإسكان، فقد يظل الدولار تحت الضغط. ويرجع ذلك في جزء منه إلى أن الانحدار المتزايد في هذه المجالات سوف يبقي الضغط على البنك الفيدرالي لمزيد من خفض معدلات الفائدة في سبيل تقليل الانكماش الحادث. وفي الوقت الذي ينظر فيه إلى الخفض السابق لمعدلات الفائدة والذي وصل إلى 2.25% على أنه ضروري لدعم الاقتصاد المتنامي، إلا أن ذلك يشكل ضغطا على الدولار أيضا. ومع إبقاء البنك المركزي الأوروبي على ثبات معدل فائدة عند 4%، فإن لدى المستثمرين العالميين الحافز على الاحتفاظ بمدخراتهم النقدية قصيرة الأجل باليورو، حيث تكون معدلات الفائدة أعلى، مما يرفع قيمة العملة الأوروبية على حساب الدولار. ويعتقد العديد من الاقتصاديين أن تباطؤ الاقتصاد الأميركي سيؤثر على أوروبا في وقت لاحق من هذا العام، سيجبر البنك المركزي الأوروبي على خفض معدلات الفائدة.

ويقول محللو العملات إنه عندما يحدث ذلك، فإن الدولار سيقوى، لأنه مقيم بأقل من قيمته أمام اليورو والعملات الأوروبية الأخرى. وعلى سبيل المثال، قدرت شركة «غولدمان ساكس» أن قيمة الدولار تقل عن قيمته الحقيقية أمام العملات الأوروبية بنحو 25% حسب المقارنات الاقتصادية المختلفة، مثل قوة الشراء. ويقول جينس نوردفيج، وهو استراتيجي عملات في شركة غولدمان: «عند هذه المستويات، ربما نرى تحولا جوهريا في سعر الدولار». وعلى خلاف عام 2005، عندما انتعش الدولار لفترة قصيرة قبل أن يواصل انخفاضه، يقول نوردفيج إنه ربما يشهد الدولار «تقلبات متعددة خلال العام» حيث يبدأ الدولار سوقا تصاعدية. إن مكاسب الدولار هذه سوف تكون في جزء كبير منها، على حساب العملات الأوروبية. ففي آسيا، حيث تتمتع البلاد هناك بفائض تجاري كبير، ونمو اقتصادي أفضل، وعملات تم تقديرها بأقل من قيمتها أمام الدولار أكثر من العملات الأوروبية وأستراليا وكندا، يقول محللو العملات إن العملات ربما تتحسن. فالدولار التايواني والرنجيت الماليزي والدولار السنغافوري، ما زالت تبدو أقل من قيمتها بنحو 15% إلى 20% حسبما أفاد نوردفيج. وتخشى الحكومات في آسيا أن قوة عملاتها سوف تجعل صادراتها أقل منافسة، وغالبا ما تتدخل في الأسواق لتحافظ على عملاتها من الارتفاع كثيرا أمام الدولار. وربما يتغير هذا أيضا، لأن التضخم ينمو في هذه المنطقة وتعتبر العملة القوية عاملا مهما في التحكم في أسعار البضائع المستوردة. وقد سمحت فيتنام بتبادل عملتها مع الدولار على نطاق واسع، بعدما وصلت معدلات التضخم إلى نحو 16% في فبراير (شباط)، وهو المعدل الأعلى خلال عشر سنوات. وفي الصين، حيث زاد التضخم إلى ما يزيد عن 7%، سمحت الحكومة أيضا بزيادة معدل ارتفاع اليوان أمام الدولار. وهو في طريقه إلى الزيادة بمعدل نحو 14% أمام الدولار هذا العام، أي بمعدل يبلغ نحو ضعف الزيادة التي حدثت في العام الماضي.