رحيل محمد سالم بن محفوظ أحد جهابذة المال والاقتصاد في السعودية

بعد أن شارك بدور كبير وبارز في المسيرة الاقتصادية والحركة البنكية

TT

يعتبر المال والسياسة الاقتصادية عصبي الحياة لما لهما من آثار وتأثير في الحياة الانسانية، فالكل في حاجة الى تسيير دفة أعماله في هذه الحياة، بالمال والصيرفة، غير ان اختلاف الطرق والوسائل في التحصيل والانفاق بين رجاله والدخيلين عليه هو الذي يقيم الشخص ويجعل رصيده من المسالك والتجارب سمة بارزة في التأهيل الدنيوي والاخروي.

وقد زخرت الاسفار والتراث في السياسة المالية الاسلامية حول المال والعملات والصيرفة والتعامل فيها بالواقعية والانصاف والكشف عن المقاصد التشريعية من التحصيل وطرق الانفاق والحض عليه بشكل يكفل للاقتصادي والتاجر البنكي الخير في الدنيا والرصيد المدخر في الآخرة، اذا أحسن الاستعمال هذا العطاء والخير الرباني.

وفي مجتمعنا السعودي نال قصب السبق اعلام من جهابذة الاقتصاد والمال سخروا أنفسهم لجني الثمار والسعي في مناكب الارض ليأكلوا من الرزق وينفقوا في سبيل الله ابتغاء الرضى والرضوات، وفي مقدمهم فقيد الانسانية والمال الشيخ محمد سالم بن محفوظ، فهو ينتمي الى شيخ الصيارفة والبنوك، والده الشيخ سالم رحمه الله. لقد غيب الموت رجل الأعمال محمد سالم في غمرة التقلبات المالية، الذي شارك بدور كبير وبارز في المسيرة الاقتصادية والحركة البنكية، كونه ورث من أسرة عريقة في التجارة والمال هذا الرصيد من الحياة الاقتصادية والمالية. رسم المرحوم خططا للإسهام في النمو الاقتصادي من بوابة إدارته للبنك الأهلي التجاري، الذي احتل مكانة الصدارة والتميز بين المصارف العربية والعالمية للشهرة التي اكتسبها والدخولات التي احرزها، حيث كان المحرك لفتح هذه الخطوط الربحية والثمار اليانعة الشيخ سالم، رحمه الله، ومن ثم الشيخ محمد سالم واخوانه الذين يسيرون على منهجية وخطط المؤسس الأول للهامة الاقتصادية الكبيرة البنك الأهلي التجاري.

ان فقد الوسط الاقتصادي والمجتمع العربي لهذه الشخصية الكريمة الفاضلة يجعلنا نتذكر اهم المحطات والمسيرة في الحياة العملية والخيرية له وذلك وفق العطاء الآتي:

أولا: على الرغم من ان الاقتصاد والمال العصب الحساس الذي يحرك بنيان الأمم ويقيمها ويقعدها ويفجر الحروب ويقيم الموازين فإن تسخيره لنفع العباد والبلاد أمر حثت عليه نصوص الاستخلاف للانسان في الأرض فهو الوسيلة وليس الغاية لاكتساب الرضى والرضوان، فهناك من عمل بهذا التوجه النهجي فنفع وانتفع.

ثانيا: اكملت الجوانب الروحية مع الجوانب المادية انطلاق تحقيق الحاجيات والمنافع التي لا غنى للإنسان في المجتمعات إليها كخدمة الفرد والجماعة والأنظمة من دون تفريط أو إفراط.

ثالثا: كان للفقيد دور كبير وبارز في قطاع المال والأعمال وتطوير القطاع المصرفي والتجاري في حقبة السبعينات والثمانينات.

رابعا: وفقه الله لتغذية الأعمال الخيرية والمساهمة، في بناء المساكن والأربطة والمساجد وإعطاء دفعات من العطاء الخيري لمسيرة التعليم في المدارس والحلقات القرآنية وخدمة الشرع الحنيف بالجاه والمال وفك الأسير والمعوز.

خامسا: تميز بالتواضع والخلق والنصح والمشورة الصادقة في جميع أوجه البر والاجتماع والاقتصاد والصمت والهدوء والبساطة في شخصيته وتفادي الظهور الإعلامي، ولكنه كان متابعا وقارئا جيدا ومشجعا لموضوعات إذا راقت له، ويتصل بأصحابها ثناء أو مديحا دعما وتشجيعا أو إضافة مقترح.

رحم الله محمد سالم بن محفوظ وعوض أهله وإخوانه وأبناءه كل خير وإنا لله وإنا اليه راجعون.

* أستاذ السياسة الشرعية والأنظمة ـ جامعة الملك عبد العزيز