رئيس هيئة الرقابة العامة الفلسطينية: تقريرنا السنوي سلط الضوء على المشاريع الكبيرة ولمس تغيرا جذريا في أداء الوزارات

أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الأداء الحكومي في أحسن حالاته والانتفاضة أنهت المخالفات والانحرافات

TT

أصدرت هيئة الرقابة العامة الفلسطينية تقريرها السنوي الخامس منذ اقامة السلطة الفلسطينية، ويحمل التقرير السنوي الاخير المتغيرات التي طرأت على مؤسسات السلطة من حيث الاداء والمخالفات المالية في ظل الانتفاضة.

وقال جرار القدوة رئيس هيئة الرقابة العامة لـ«الشرق الأوسط»: «لقد انجزنا التقرير السنوي الخامس خلال شهرين فقط، ولعله اسرع تقرير رقابي، فلم اسمع عن اي دولة في العالم اعدت تقريرا رقابيا لمؤسساتها بهذه السرعة.

ومن ابرز ملامح التقرير السنوي الجديد هو التغيير الجريء في استراتيجية هيئة الرقابة العامة، فقد بحثنا عن مجالات ومؤسسات قد يكون بها مخالفات مالية ذات قيمة، تستحق التعب والمجهود، اما مسألة الفواتير الصغيرة بقيمة 25 او 50 دولارا، فلم نعطها اهمية كبيرة، وركزنا البحث عن المشاريع الكبيرة التي يمكن ان نجد بها مخالفات».

وحول مؤشرات الفساد في التقرير الخامس قال القدوة: «ان كلمة فساد غير مطابقة اطلاقا للمخالفات التي نجدها في بعض المؤسسات، وقد استخدمت هذه الكلمة لوصف مؤسسات السلطة الفلسطينية ظلما او بحسن نية، قد يكون هنالك انحرافات في بعض المؤسسات الفلسطينية، ولكن لا يوجد فساد بالمعنى المفهوم لفساد استشرى وانتشر، وفي السابق واجهنا مسألة تتعلق ببعض الوزارات الفلسطينية التي فتحت حسابات باسمها من دون تصريح من وزارة المالية، وانفقوا الاموال على مشاريع الوزارة باطار قانوني، ولكن هذا اعتبر غير قانوني ومخالف للوائح لأن اموال الدولة يجب ان تدخل ميزانية وزارة المالية ثم يعاد توزيعها للوزارات والمؤسسات.

وحول الانحرافات التي اتى على ذكرها التقرير الخامس قال جرار القدوة: «وجدنا بعض المخالفات والانحرافات الادارية، ففي بعض البلديات اكتشفنا وجود رئيس البلدية وموظف واحد فقط، يقوم بكل المهام من محاسبة وأمين صندوق ومدير مشتريات وامين مستودع، ولكن عندما بحثنا في موازنة احدى البلديات وجدنا انها خمسة آلاف دولار في السنة، وماذا ستفعل في هذه الحالة؟ لقد طرأ بلا شك تحسن كبير على اداء وزارات ومؤسسات السلطة الفلسطينية، ولاحظت بأن المخالفات التي ارتكبت بسبب الجهل وعدم الدراية بالقانون، لم تتكرر والقول بأن 90 في المائة من وزارات ومؤسسات السلطة الفلسطينية عالجت الاخطاء في مؤسساتها، وحرصت على ذلك، وهذا لا ينفي وجود مخالفات وانحرافات بسوء نية، ولكنها قليلة جدا، وقمنا بتحويل عدة حالات للنائب العام».

واضاف القدوة: «انا اشعر الآن بأن الاداء الحكومي الفلسطيني في احسن احواله، فالانتفاضة احدثت تغييرات كبيرة على مستوى المؤسسات الفلسطينية، هنالك شعور عام لدى الوزارات والمؤسسات بمعاناة الشعب وحرص على مساعدة الناس. ولكن واجهنا مشاكل اخرى وهي ادارية بسبب الحصار الاسرائيلي، فعلى فترات طويلة كان عدد كبير من الموظفين في بيوتهم وآخرين خارج مناطق السلطة الفلسطينية، ورغم معرفتنا بالظروف القاهرة التي فرضها الحصار الاسرائيلي، ولكننا سجلنا هذه المخالفات، ولم نسكت عن اي مخالفة، والمثير ان لدينا 120 موظفا يطلب منهم تغطية الرقابة لـ22 وزارة و25 مؤسسة حكومية و435 بلدية ولو كانوا بسرعة الصاروخ لما استطاعوا انجاز هذا الكمّ من التوفيق المالي والاداري والذي يستغرق وقتا طويلا للبحث عن المخالفات، ونحن لا نسكت على خطأ هو مخالفة سواء ارتكبها وزير او غفير، لدينا صلاحيات كاملة للعمل».

وحول انعكاسات الانتفاضة على الاداء الحكومي قال القدوة: «في بعض الايام اجرينا احصاء للموظفين فتبين ان 1300 موظف لم يصلوا لمكاتبهم من مناطق جنوب غزة بسبب الحصار الاسرائيلي، حتى ان موظفي هيئة الرقابة لم يستطيعوا الوصول لمراكز عملهم، فطلبنا من كل واحد منهم التفتيش والعمل في المنطقة التي يسكن بها مؤقتا، ولا شك ان الانتفاضة لعبت دورا في تحسين الاداء الحكومي، باستثناء بعض المنحرفين الذين ادوا انحرافا ولعبا خلال الانتفاضة، ومن الناحية المالية لم نسجل اي مخالفات او تلاعب بالاموال العامة، لانه لا يوجد اموال اصلا، فالموازنة اصبحت ربع الموازنة الاصلية وبالكاد تكفي لتغطية نفقات اساسية، ولكن لمسنا بأن الحالة التي وصلت اليها الوزارات والمؤسسات في ظل الانتفاضة تستحق التقدير والثناء، بسبب الشعور العام بمعاناة الشعب وضرورة اسهام الجميع وزارات ومؤسسات في رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني المحاصر».