جمعيات وأسهم

TT

يسعى كثير من رجال الأعمال السعوديين لإشراك من ترعاهم الجمعيات الخيرية في اكتتابات الأسهم، لقناعة منهم بجدوى الاستثمار بها، ولمعرفتهم المسبقة بعوائدها المجدية ولمحبتهم للخير. ولم تكن الأنظمة تساعدهم، لذا سعوا مشكورين لإشراك المحتاجين والمنتسبين للجمعيات الخيرية في الاكتتاب بطرقهم الخاصة، التي لا تخالف الأنظمة. وإحقاقا للحق فإن أول من تزعم هذه المساعي، على حد علمي، الدكتور عبد الرحمن الزامل عضو مجلس الشورى ورجل الأعمال، حيث سعى مع جمعية إنسان، ولن أذكر أسماء هنا حتى لا أتهم بالنفاق، ولكنها ستبقى معروفة لأنها أعلام شامخة، لإشراك الأيتام في اكتتاب الصحراء بأسمائهم، وذلك تغلبا على عدم السماح باعتبارهم أفرادا، على أن تسلم لهم بعد بلوغهم الثامنة عشرة، وكان ذلك قبل إقرار إشراك الجمعيات الخيرية في الاكتتاب، الذي ربما سيبدأ في اكتتاب بنك الإنماء. وحسبما نشر في الصحف، فإن هيئة سوق المال وافقت على السماح لـ400 جمعية خيرية بالاكتتاب، وحسب معلوماتي، أن الأمر يستلزم موافقة وزارة الشؤون الإجتماعية أولا، ومن ثم الهيئة ويبدو أن هذا ما حصل، والهدف من موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية ضبط العمل الخيري من العشوائية. وحتى يكون الأمر أكثر ضبطا فإني أقترح بعض التنظيمات حتى يكون الأمر أكثر فاعلية، ومن ذلك عدم اكتتاب الجمعيات الخيرية حتى تسمح لهم التأمينات الاجتماعية بذلك، حيث لديها إدارة استثمارات قوية بقيادة إبراهيم السيف، ويكفي موقفها مع إحدى الشركات التي طرحت أخيرا، وانسحابها من شراء حصة بغض النظر عن موقفنا إذا كان مع أو ضد القرار. ولكن هذا موقف يسجل بأنه لا يستجيب للضغوط في بلد يكفي فيه أي ضغط، وبحسب التركيبة الاجتماعية، وهذا سيريح الجمعيات الخيرية التي لا تملك الخبرة في هذا المجال من اتخاذ قرار الاستثمار. يلي ذلك اشتراط عدم تصويت الجمعيات الخيرية في الجمعيات العمومية للشركات، سواء العادية أو الاستثنائية، مع ثقتنا في العاملين في الجمعيات الخيرية، ولكن هذا اشتراط ينفذ على الصناديق الاستثمارية المرخصة، ومن باب أولى أن ينفذ على الجمعيات الخيرية حتى لا تنشغل في كواليس الجمعيات وتنسى واجبها الاجتماعي الخيري، الذي أنشئت من أجله. بعد ذلك تسعى الجمعيات لاستقطاب صندوق استثماري سعودي يدار من قبل البنوك أو شركات الوساطة، نظرا لكثرة المتغيرات في مجال استثمار في الأسهم، وعلى اعتبار أن مديري الجمعيات الخيرية ليسوا أكثر فهما من مديري الصناديق في إدارة مثل هذا النوع من الاستثمار، على أن يدير الصندوق استثمار الجمعية وبشكل خيري ووفق مجلس يتكون من ثلاثة افراد من مجلس الجمعية الخيرية. وهذا منصوص عليه في قرار البيع، على أن تسجل نقطة زائدة في سجل الصندوق، الذي يدير استثمار جمعية خيرية أثناء مسابقة الصناديق في حالة تعادل النتائج، أي أن الصندوق الذي يتبرع لخدمة جمعية خيرية تبقى له نقطة مرجحة، أو تكون هناك جائزة لمن يكون له الأداء الأفضل بين الصناديق، التي تدير استثمار جمعيات خيرية، بمعنى جائزة خاصة. يضاف إلى ذلك ألا تمس الحصة المخصصة للمكتتبين إذا كانت 30 في المائة، بل يشترط أن تخصص الشركة المطروحة حصة من حصص المؤسسين وهذا لا يؤثر على نظام التصويت بحكم أن الجمعيات ممنوعة من التصويت، وكل ما كانت الشركة قد منحت حصة أفضل للجمعيات تمنح امتيازات من قبل الدولة، مثل إعفاء ضريبي تسامح في بعض شروط الترخيص على أن يكون مثل هذا التسامح مكتوبا ومحددا وموافقا عليه حتى لا يستغل بشكل سيئ. هذه ملاحظات عاجلة لضبط استثمار العمل الخيري. وأنا على استعداد للمشاركة في وضع ضوابط لذلك، متى أراد وزير الشؤون الاجتماعية ومحافظ هيئة سوق المال أو أحدهما، وهذا تبرع خيري مني حيث أنني من حملة القلم لا المال، ودمتم.

* كاتب اقتصادي سعودي [email protected]