غسان السليمان لـ«الشرق الأوسط»: السعودية بحاجة الى قاعدة اقتصادية لتقليص الاعتماد على النفط

رئيس أعمال المجلس السعودي التركي: خلاف بين الشركاء دفع بالبعض للانسحاب من شركة «ملاك»

غسان السليمان (تصوير: غازي مهدي)
TT

دعا رجال الاعمال السعودي ورئيس أعمال المجلس السعودي التركي الدكتور غسان السليمان، الى بناء قاعة اقتصادية كبيرة تقلص من اعتماد السعودية على النفط ، مشيرا الى ان الطفرة التي نمر بها الان تعود الى ارتفاع أسعاره، مضيفا يأمل رؤية اقتصاد البلاد معتمدا على داعم آخر غير النفط . وكشف السليمان في حديث لـ«الشرق الأوسط» في مكتبه في جدة عن أسباب حل شركة ملاك للتمويل العقاري، مشيرا الى «ان الاختلاف بين الملاك واحد الشركاء الرئيسيين أراد تغيير النشاط من تمويل عقاري إلى شركه تقسيط عام يشملها نشاط عقاري، غير التمويل العقاري وهذا التغيير أوجد قناعة عند غالبيه الشركاء بالانسحاب من الشركة»، وإلى نص الحوار. > كنتم احد أهم المؤسسين لأول شركة للتمويل العقاري في البلاد؟ ماذا استجد في وضع الشركة ومشاريعها؟

ـ صار اختلاف بين الملاك، فأحد الشركاء الرئيسيين أراد تغيير النشاط من تمويل عقاري، إلى شركه تقسيط عام يشملها نشاطها العقاري وغير التمويل العقاري وهذا التغير اوجد قناعة عند غالبيه الشركاء للانسحاب من الشركة، ويستمر الشرك الأكبر بالنشاط الذي أراد يستثمر فيه، وانسحبنا ليستمر الشريك الأكبر بالشركة بالنشاط الذي أراد أن يستمر فيه. واضاف «أنا لم أكن صاحب الفكرة» والحقيقة كانت لشركتين، الأولى قائمة تمارس نشاط، وكانت الشركة هي الشريك الأساسي في تكوين شركة أخرى تحت التأسيس أنا لم يكن لي صفة بالشركة القائمة ولكن كانت الشركة تحت التأسيس وعند الاختلاف، تم إبلاغ وزارة التجارة بإلغاء الشركة التي كانت تحت التأسيس وتم إلغاؤها فعلا، والشركة القائمة علمنا أنها استمرت في مزاولة التقسيط الذي يشمل التمويل العقاري وغيرها من التقسيط سواء السيارات وغيره.

> هل يعني انسحابكم من هذه الشراكة تغيير قناعاتكم تجاه الاستثمار في مجال التمويل العقاري؟

ـ لا لم تختلف وأرى أن الساحة تتسع لـ 20 شركة تمويل عقاري وكلنا بانتظار قوانين التمويل العقاري التي ستكون قريبا على الساحة ولكن هناك بعض القناعات التي يجب ان تبنى عليها مثل أن تكون شركات ذات خبرة في التمويل العقاري تشارك الشركات السعودية في إدارة الشركات عمليه التمويل العقاري لأنها جديدة على الشركات السعودية ولا بد من وجود خبر أو مشاركة فعلية أو مشاركة تقنية في إدارة شركات التمويل العقاري.

> تحدثتم عن الرهن العقاري الذي ينتظر صدوره خلال ايام، فما هي المتغيرات التي تتوقعون ان يحدثها؟

ـ عملية الصدور شيء وعملية تواجد شركات التمويل العقاري شي آخر، فقد يصدر القانون ويكون هناك فجوة بين صدور القانون وتطبيق لوائح القانون والثالث وجود شركات تستفيد من القانون الجديد على الساحة لتقديم الخدمات، لكن بالنظر من جانب آخر، اذا صدرت القوانين وتواجدت الشركات التي تقدم الخدمات وتستفيد من القوانين الجديدة فقد تكون هناك طفرة عقارية كبيرة جدا.

فالسعودية من اقل دول العالم التي يتملك فيها المواطنون مساكن حسب أكثر من تقرير قرأته، أشار إلى أن النسبة ضئيلة وتتراوح ما بين 25 إلى 35 في المائة.

ووجود شركات التمويل العقاري ووجود الرغبة من المواطنين للاقتراض كما أن فتح الباب للمقيمين الأجانب لتملك المساكن سيسهم في طفرة عقاريه كبيرة في هذا المجال > بالحديث عن الطفرة؟ كيف تنظرون لقضية التضخم التي تعيشها السعودية مؤخرا؟

ـ أي دولة تمر بمرحلة طفرة اقتصاديه لابد أن تحدث بها هذه الهزة، وتمر بمرحله مشاكل التضخم والمشاكل الاقتصادية. وأتذكر في الطفرة الأولى حدثت مثل هذه المشاكل الاقتصادية وأسوأ مما عليه الآن، وأتذكر أيضا أنني كتبت تقريرا في الجامعة في تلك الفترة، عام 1975 وارتفعت الأسعار 600 في المائة في إيجارات المساكن، ولكننا الآن لم نصل إلى هذه المرحلة فالزيادة الان من 10 إلى 20 في المائة واعتقد أنها مرحلة وستنتهي. الدولة تتدخل لحل المشكلة لأصحاب الدخل المحدود ولكن هي معادلة يعالجها التحرك الاقتصادي، وكل تضخم هو انعكاس بالأغلب لعوامل خارجية أو لعملية العرض والطلب ولو كان الطلب أكثر من العرض سيكون هذا حافزا للاستثمار في هذا المجال لتغطية المعادلة ودائما لو كان الطلب أكثر من العرض يتسبب في ارتفاع الأرباح.

> في تصورك كيف يمكن مواجهة التضخم حاليا؟

ـ عملية التدخل للتقليص العيني من التضخم على أصحاب الدخل المحدود من جراء إيجاد دعم لسلع الرئيسة خصوصا الغذائية هو المطلوب لكن لا أتمنى أن يستمر هذا الدعم إلا فترة معينه إلى أن تتجاوز المشكلة، لان آلية الاستمرار في الدعم برأيي من الناحية الاقتصادية مضرة، ولقد رأينا ما حدث مع الدعم الذي طرح على القمح في وقت سابق وأضراره الاقتصادية، ولا نريد ان تتكرر تلك التجربة، لابد من إيجاد آليات للدعم وإذا كانت لفترة مؤقتة.

لكن المشكلة الكبيرة التي نعاني منها هي انخفاض دخل الفرد في السعودية والحل في رفع دخل الفرد والرواتب وإيجاد فرص عمل اكبر. > ألا تعتقد أن ما يتم الآن كاف في هذا الشان؟

ـ ارتفاع رواتب موجود بالفعل، ولكن النسبة المؤهلة قليلة، لو استطعنا تأهيل الشباب السعودي بالمستوى العلمي سيزيد الطلب عليهم ورواتبهم سترتفع والقوة الشرائية سترفع وتحل الكثير من المشاكل، إذا الخلل في دعم العنصر البشري والاعتناء به وكفاءته. ودخله هو الخلل وليس التركيز على تقليص التكلفة على المواد الغذائية لكي تكون اقل مما عليه عالميا وهذا ليس حلا اقتصاديا.

> ما هي اخر المستجدات في بنك فيتشر كابيتال؟

ـ نحن حققنا أعلى عائد في تاريخ قطاع البنك البحريني والمؤسسات المالية، فالبنوك اذا حققت التساوي بين الأرباح والخسائر في العام الثاني يعتبر هذا نجاح جيد. ونحن في العام الأول حققنا عائد 20 في المائة وفي العام الثالث 33 في المائة ويعتبر هذا نجاحا باهرا مقارنة بالبنوك الأخرى المماثلة في البحرين أو الدول الأخرى.

> ما هي خطط بنككم في السعودية؟

ـ نحضر الآن أوراقنا لتقديمها إلى هيئة سوق المال السعودية لتأسيس شركة استثمارية تكون ذراعا استثماريا لشركة في السعودية، برأس مال 400 مليون ريال وسيكون بها نخبة من المستثمرين السعوديين، ولدينا أربع محافظ، أهمهم ما يخص البنك المالي الجديد. ووقعنا مع مؤسسات حكومية في البحرين لتحقيق نموذج شراكة مع مؤسسات حكومية والبنك لتمويل الشركات الصغيرة والشركات الناشئة، ومن المتوقع أن يكون النموذج ناجحا ونكرره في عدد من الدول العربية. وفعلا صار اتصال مع بعض الدول بمبادرة منها لتكرار تلك التجربة ونأمل أن تكون السعودية من أوائل المستفيدين منها.

> كخبير اقتصادي كيف ترى أداء الاقتصاد السعودي؟

ـ النمو بشكل عام ممتاز، ونأمل من أولياء الأمر إعطاء أهمية كبيرة لعملية بناء قاعدة اقتصادية كبيرة تقلص من اعتمادنا الكبير على النفط، فالطفرة الكبيرة الموجودة الآن اكبر داعم لها ارتفاع أسعار البترول، وهذا الارتفاع لن يستمر أبدا وستتقلص المعادلة الاقتصادية من خلال الأعوام السابقة التي مررنا بها، آملين أن نرى اقتصاد بلدنا له داعم آخر غير النفط.

> في تصورك ما هي هذه القطاعات التي يمكن تطويرها وإحلالها محل النفط لتصبح دخلا قوميا عاليا؟

ـ هناك عدة قطاعات وهيئة الاستثمار أعطت الأهمية لعدة محاور، منها قطاع الطاقة والتعدين والبتروكمياوت التي تعتمد أيضا على الطاقة، وقطاع النقل وهو قطاع واعد وأضيف قطاع السياحة، فالسعودية قبل البترول كان دخلها يأتي عن طريق الحج والعمرة وهي فرصه ذهبية لا ينافسنا عليها احد لا بد من استثمارها، وتنمية القطاعات السياحية الأخرى غير السياحة الدينية خصوصا أنا لدينا المقومات السياحية، وهو قرار استراتيجي وليس فقط قرار ذي منافع اقتصادية، لان قطاع السياحة اكبر مشغل للعمالة في القطاع والاستثمار فيه ويوجد فرص عمل كبيرة اكبر من أي قطاع آخر.

> ألا تعتقد ان البنية التحتية والامكانيات لا تسمح بذلك؟

ـ الإمكانات في أي قطاع لا تسمح ولكن نحن نسعى فيها ونتكلم عن تطوير تلك الإمكانات لتواكب التطور المستقبلي.

> كمالك لعدة شركات وعضوية أخرى. كيف ترون عملية توظيف السعوديين في هذه الشركات؟

- لا يوجد مسطرة لاستخدامها هناك شركات مقصرة وبعد جهد حاولت وفشلت وهناك شركات لم تحاول، وهناك شركات نجحت، فنحن مثلا في شركتنا وصلت نسبة السعودة إلى 60 في المائة بينما المطلوب 35 في المائة، أيضا هناك شركات أخرى لها نسب عالية من السعودة خصوصا قطاعي الاسمنت والشركات المصرفية التي تصل فيها النسب إلى 80 في المائة.

> المسؤولية الاجتماعية واجب وطني غابت شركات كثيرة عنه ما تعليقكم؟

ـ اعتبر نفسي محظوظا بالمساهمة في بعض لجان الشركات في تقديم المسؤولية الاجتماعية، هناك شركات تمتاز بخدمة المسؤولية الاجتماعية وهناك تقصير كبير من السواد العظم، ولكن هناك تجارب ناجحة مثل تجربة شركة عبد اللطيف جميل التي تميزت بصداها الإعلامي وهو ما تفتقده كثير من الشركات التي يجب عليها إبراز دورها حتى تستفيد منه الشركات الأخرى.

> يلاحظ توجه تركي سعودي نحو زيادة تبادل الاستثمارات؟ بصفتكم رئيس لمجلس الأعمال المشترك كيف تفسرون ذلك؟

ـ التعاون السعودي التركي في نمو واضح من خلال التبادل التجاري والوضع الاقتصادي المزدهر للبلدين، ساهم في تلك الطفرة الاقتصادية التي تمر بها تركيا، وهناك إصلاح اقتصادي واجتماعي وسياسي مهم جعلها احدى الدول التي استقطبت استثمارات سياحية، بالإضافة إلى أن تركيا والسعودية هما اكبر دولتين بالمنطقة مستقطبين للاستثمار.

> ماهي اهم المجالات التي قد يتم زيادة التبادل التجاري فيها؟

ـ المجال التجاري هو أهم المجالات، ونأمل ومن ضمن الأهداف الاستثمار في مجال المقاولات، وهو ما تتميز به الشركات التركية ويعتبر من القطاعات القوية لديهم، إضافة إلى أن قطاع المقاولات التركي يعتبر من القطاعات القوية، نأمل أن تكون شراكات خصوصا لو نظرنا للطفرة العمرانية القادمة في مكة والمدينة على وجه الخصوص، وسهولة تواجدهم في أكثر من غيرهم من الدول الأخرى لأنهم مسلمون.

ويضيف «نحن طرحنا عليهم الفكرة في أكثر من زيارة لكن العائق الوحيد أن تركيا لديها طفرة عقارية كبيرة تأخذ الكثير من الإمكانات بالمشاريع القائمة لديها الآن».