تحرك الجزائر لتعديل عقود الغاز يكشف عن تنامي قوة المنتجين

وزير الطاقة الجزائري ورئيس أوبك: «إذا كنت تريد المزيدَ من الغاز فعليك أن تدفع لي أكثر»

TT

من المؤكد أن اتجاه الجزائر للتحول إلى عقود قصيرة الأجل لتصدير الغاز من أجل تعزيز أسعاره لن يثير إعجاب الكثيرين في أوروبا المتعطشة للطاقة، ولكنه رد فعل طبيعي للسوق التي تشهد ارتفاعا مطردا وتمنح الدول المنتجة قوة متزايدة.

وبحسب وكالة «رويترز»، أوضح مسؤولون جزائريون أنهم غير راضين عن الأسعار في ظل العقود الحالية طويلة الأجل، ولن يوقعوا أيَّ عقود أخرى من هذا النوع تحدوهم الثقة بأن هذه الخطوة لن تضر بالسمعة الراسخة التي اكتسبتها الجزائر كمصدر يعتمد عليه في مجال الطاقة. وتمد الجزائر أوروبا بخمس وارداتها من الغاز الطبيعي، ومعظمها بموجب عقود تصل آجالها إلى 20 عاماً. وتتحدث الجزائر بصراحة تامة عن مبررات التحول الى عقود أقصر أجلا تتراوح بين أربع وخمس سنوات.

وقال وزير الطاقة والمناجم ورئيس أوبك، شكيب خليل، لصحيفة «وول ستريت جورنال»، «بمجرد توقيع عقد طويل الأجل يصبح المنتج في وضع خاسر». أما في حالة إبرام عقد قصير الأجل، فان خليل يتصور نفسه قائلا للعميل «إذا كنت تريد المزيد من الغاز فعليك أن تدفع لي أكثر».

وربما لن تدخل هذه الخطة حيز التنفيذ قبل سنوات كما أنه لا يزال من غير الواضح ما اذا كان أيّ منتجين آخرين سيحذون حذو الجزائر فيها، ولكنها تعكس سعي المنتجين لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة من تصدير الغاز في سوق تعاني من عدم الاستقرار بسبب تقلبات أسعار النفط.

وغالبا ما يجري تسعير الغاز دون أسعار المنتجات النفطية ولكن لأن عقود الغاز تسري لفترة طويلة، فانها لم تساير ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية. وأثار حديث خليل الانتباه، وإن كان الخبراء، يقولون انه لا ينبغي اعتبار التحرك مفاجأة تامة.

يقول مايكل كورك، من شركة «بيرفين آند جيرتز لاستشارات الطاقة»، «سيكون الامر مفاجأة لو أن التقلبات الحادة في أسعار النفط التي نراها منذ عام 2004 لم تثر مشاكل». واضاف «تقصير آجال العقود سيكون رد فعل منطقيا على الشكوك الحالية». وتتضمن العقود طويلة الأجل فقرات تسمح بتعديلات دورية في الأسعار، ولكن عدم الاتفاق على هذه التعديلات يؤدي إلى إحالة النزاعات إلى عمليات تحكيم طويلة ومكلفة. أما في ظل عقد قصير الأجل فان البائع سيكون حراً في السعي للحصول على سعر أفضل في مكان آخر.

ويقول جوناثان ستيرن، من معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة، «بشكل ما هذه حيلة تكتيكية لكي يقولوا للأوروبيين.. إذا كنتم لا تريدون دفع القيمة الكاملة للغاز، فسنتحول إلى العقود قصيرة الأجل وعندئذ سنذهب إلى صاحب أعلى سعر عندما ينتهي اجل هذه العقود».

ومضى قائلا «هذا يتعارض تماما مع الحديث الأوروبي التقليدي عن الغاز حيث يتحدث الناس بلا ملل عن أهمية العقود طويلة الأجل ومدى أهمية هذه العقود لتأمين الإمدادات.. اعتقد أن ما يريدون قوله أيضا، هو اننا سنرفع طاقة تسييل الغاز الى الحد الأقصى وربما نتوقف عن تصدير الغاز الطبيعي إذا كان بوسعنا الحصول على عائد أعلى على صادرات الغاز الطبيعي المسال».

وتقول الجزائر التي تصدر الغاز عبر خطوط الانابيب بالاضافة الى تصدير الغاز المسال في ناقلات الغاز انها لا تدعو لقطع الصادرات عن المستهلكين. ولكنها تبحث مع منتجين آخرين ما ينبغي عمله للتقريب بين أسعار الغاز وأسعار النفط.

ويقول منتدى الدول المصدرة للغاز انه سيعيد تقييم نظام تسعير الغاز في إطار إجراءات للاقتراب من نظام أوبك. والجزائر عضو مهم في اوبك ومنتدى الدول المصدرة للغاز. وقال خبير امتنع عن الكشف عن اسمه ان الجزائر تتحرك من منطلق مصلحتها الخاصة. وأضاف «أن أسعار الغاز ارتفعت بشدة مع اقتراب أسعار الغاز الطبيعي المسال أكثر فأكثر من أسعار النفط حتى أن بعض الاتفاقات طويلة الاجل التي ابرمتها سوناطراك لنقل الغاز عبر خطوط أنابيب تبدو على الأرجح غير جذابة إلى حد كبير مقارنة مع بعض العقود التي يتم توقيعها اليوم».

وتابع بقوله «وجهة نظرهم هي أن الأمان الذي تتيحه الاتفاقات طويلة الاجل ليس مطلوباً بنفس القدر اليوم. ويبدو جلياً انه ستكون هناك دوما سوق لبيع الغاز».