«النقد الدولي» يبدأ وضع ضوابط لعمل صناديق الثروة السيادية

في ظل توقعات بأنها ستصبح أكبر قوة اقتصادية في العالم

التقديرات تشير الى ان صناديق الثروة السيادية تملك 3.5 تريليون دولار وسط مخاوف غربية من استثماراتها (خدمة شاتر ستوك)
TT

شكل صندوق النقد الدولي مجموعة عمل لمراجعة أساليب عمل صناديق الثروة السيادية التي بدأت تستحوذ على حصص متزايدة من المؤسسات المالية والشركات الكبرى في مختلف أنحاء العالم.

وقد جمع صندوق النقد الدولي أول من أمس ممثلي 25 من الدول الاعضاء لوضع مدونة سلوك ترمي الى تحديد اطار للصناديق السيادية التي تشكل ادوات استثمارية حكومية ويثير ازدهارها مخاوف متنامية في الدول الغربية، بحلول اكتوبر (تشرين الاول).

تضم اللجنة الجديدة ممثلين عن الحكومات والشركات من مختلف أنحاء العالم، حيث ستقدم تقريرا في أكتوبر المقبل خلال الاجتماع نصف السنوي لصندوق النقد والبنك الدوليين بهدف وضع مجموعة من الضوابط العالمية التي تنظم أداء صناديق الاستثمار السيادية وهي صناديق استثمار خاضعة للدولة.

ويشارك في رئاسة هذه المجموعة خايمي كاروانا مدير دائرة الاسواق المالية في صندوق النقد الدولي وحمد السويدي مدير هيئة استثمار ابوظبي، الصندوق السيادي لامارة ابوظبي الذي استثمر في نوفمبر (تشرين الثاني) ما قيمته 7.5 مليار دولار في «سيتيغروب».

وبين الدول الخمس والعشرين خصوصا استراليا واذربيجان والبحرين والصين وايران والنرويج وقطر وروسيا وسنغافورة والولايات المتحدة والامارات.

جاء تشكيل مجموعة العمل الدولية من جانب صندوق النقد الدولي في أعقاب اجتماعات استمرت يومين لممثلي الحكومات وصناديق الاستثمار السيادية في واشنطن.

وقال الصندوق في بيان إنه يأمل في التوصل إلى مجموعة من «المبادئ التي تعكس بصورة صحيحة الأساليب الاستثمارية لهذه الصناديق وأهدافها».

وتدير الصناديق السيادية اليوم مبالغ تقدر بما بين الفين الى ثلاثة الاف مليار دولار من الاستثمارات، بحسب صندوق النقد الدولي، وهو مبلغ قد يصل الى ما بين ستة الاف وعشرة الاف مليار دولار من الان حتى خمسة اعوام. وكان عدد من دول العالم ومنها الولايات المتحدة قد أعربت عن قلقها بشأن زيادة حصص هذه الصناديق والشركات المملوكة للدولة من الاقتصاد العالمي.

وقد واجهت بعض هذه الصناديق والشركات المملوكة للدولة مقاومة من جانب دول أخرى عند محاولاتها شراء شركات معينة تعتبرها تلك الدول مهمة لأمنها الوطني. في المقابل فإن هذه الصناديق تمتلك السيولة النقدية الهائلة التي تحتاج إليها الشركات والمؤسسات المالية العالمية بشدة.

وكانت مجموعة موانئ دبي العالمية المملوكة لحكومة الإمارات قد استحوذت على ستة موانئ أميركية في صفقة اندماج عام 2006 ولكنها أجبرت على بيع هذه الموانئ بسبب الرفض الحكومي والشعبي الأميركي لسيطرة شركة إماراتية على موانئ أميركية.

وكانت مؤسسة «غلوبتال انسايت للابحاث» الاقتصادية قد اشارت في تقريرها الاخير إلى أن صناديق الثروة السيادية تُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، وقد تتجاوز بمعدل نموها الراهن الناتج الاقتصادي الحالي للولايات المتحدة بحلول عام 2015، وبالتالي يمكن ان تصبح أكبر «اقتصاد» في العالم.

وقدر التقرير القيمة الاجمالية لصناديق الثروة السيادية بمبلغ 3.5 تريليون دولار في 2007 أي ما يعادل اقتصادات (دول أكبر) مثل بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا. لكن معظم الصناديق السيادية تتحرى السرية مما يجعل التقديرات التفصيلية صعبة، وقالت «غلوبال انسايت للأبحاث» انها استخدمت طيفا من المصادر لجمع تقديراتها.

وقالت في تقرير مطول حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، انه بحلول عام 2016 ستتجاوز الصناديق التي نمت 24 في المائة سنويا على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة الناتج الحالي للاتحاد الاوروبي، الذي أصبح اقتصاده هو الأكبر في العالم، بسبب التراجع الأخير في قيمة الدولار.

وبين التقرير، أن الصين وروسيا والكويت تملك أضخم الصناديق، لكن يتبعها بسرعة آخرون، من بينهم بلدان افريقية غنية بالنفط، يرتبط اسمها مجددا بعدم الاستقرار والصراعات، كاشفا أسرع المصادر السنوية، لتمويل صناديق الثروة السيادية في خلال هذه الفترة كالتالي: نيجيريا (291%) وعمان (256%)، وكازاخستان (162%) وأنغولا (84%) وروسيا (74%) والبرازيل (65%). وتظل الصين هي أكبر. ويرجع الزخم الأساسي وراء تزايد صناديق الثروة السيادية إلى ارتفاع أسعار النفط، وشيوع العولمة المالية واستمرار الاختلالات في النظام المالي العالمي، حتى أسفرت عن تراكم سريع في الأصول الأجنبية لدى بعض البلدان.

وفي هذا السياق، قال جون ليبسكي النائب الأول لمدير عام صندوق النقد الدولي، إن الصندوق يدرك المخاوف التي تساور البلدان المتلقية والمعلقين من القطاع الخاص بشأن صناديق الثروة السيادية، حسب حجمها واستراتيجياتها الاستثمارية ومخاوف البلدان المنشئة لها والتي تشعر بالقلق من مخاطر تصاعد المشاعر الحمائية.