خبراء لـ «الشرق الأوسط»: الاتجاه التصاعدي لأسعار النفط هو الأرجح

وسط توقعات أن يخترق البرميل حاجز الـ 200 دولار خلال عامين > بوش يبدي قلقا عميقا بشأن أسعار البنزين الأميركية

من الواضح ان ضعف الإمدادات سيزيد من قوة ارتفاع أسعار النفط (خدمة كي آر تي)
TT

من كان يتصور قبل عام او حتى عامين اختراق اسعار النفط العالمية حاجز الـ 120 دولارا للبرميل الواحد؟ بل من كان يتوقع المفاجآت التي حققها برميل النفط على مدى الاعوام القليلة الماضية؟

وفي هذا الإطار أكد خبير اقتصادي في حديث لـ«الشرق الاوسط» ان الاتجاه التصاعدي لأسعار النفط هي الاقوى مستقبلا. كما رسم تقرير اقتصادي دولي اتجاها تصاعديا لأسعار النفط، مرجحا احتمال اختراقها حاجز المائتي دولار على مدى العامين المقبلين.

وقال محللون تابعون لـ«غولدمان ساكس غروب» في تقرير إنه من المحتمل أن يصل سعر برميل النفط الخام إلى 150-200 دولار خلال عامين، حيث سيعجز النمو في الإمدادات عن تلبية الطلب المتزايد من الاقتصادات الناشئة. وكان وزير الطاقة الجزائري ورئيس «أوبك» شكيب خليل صرح مؤخرا انه لا يستبعد صعود برميل النفط الى 200 دولار.

من جهته قال الرئيس الاميركي جورج بوش أمس، انه يشعر بقلق عميق ازاء ارتفاع أسعار البنزين الى مستويات قياسية. وبلغت أسعار البنزين بالولايات المتحدة مرتفعات قياسية فوق 3.60 دولار للجالون وتتوقع الحكومة الاميركية أن تصل الاسعار في محطات التعبئة الى ذروتها الصيفية في يونيو (حزيران) مسجلة 3.73 دولار للجالون.

وقال بوش عقب اجتماع مع الزعماء الجمهوريين في الكونغرس الاميركي «ما من شك في هذا.. يساورنا قلق عميق بشأن ارتفاع سعر البنزين».

وتتصدر أسعار البنزين التي اخترقت بالفعل مستوى أربعة دولارات للجالون لدى بعض محطات الخدمة في كاليفورنيا ونيويورك وايلينوي قائمة اهتمامات كل من البيت الابيض والكونغرس.

والاسعار مرتفعة 56 سنتا عنها قبل عام مع تسرب أسعار النفط الخام القياسية التي تجاوزت 122 دولارا للبرميل الى قائدي السيارات الاميركيين بحسب ما اوردته وكالة رويترز.

وكان المحلل أريان مورتي الذي يعمل في «غولدمان ساكس» قد قال في مارس (آذار) 2005 إن أسعار البترول من الممكن أن تتراوح بين 50 و 105 دولارات للبرميل خلال 2009. وبلغ سعر البترول الخام المتداول في نيويورك متوسط 56.71 دولار عام 2005 ثم ارتفع إلى 66.23 دولار عام 2006 ثم إلى 72.36 دولار عام 2007. وقد وصل النفط إلى سعر قياسي حيث بلغ 122.49 دولار في ظل توقعات بأن يرتفع خلال ذروة موسم قيادة السيارات في الولايات المتحدة. وأضاف محللو «غولدمان ساكس» في التقرير الذي صدر أول من أمس «من المحتمل أن يصل برميل البترول إلى 150-200 دولار خلال الـ24 شهرا المقبلة، على الرغم من التنبؤ بأعلى معدل للزيادة في أسعار البترول».

وقال المحللون، ومن ضمنهم مورتي وبرين سينغر، إن مراجعة توقعات الأسعار الخاصة بمؤشر «ويست تكساس إنترميديات» أو النفط الخفيف الأميركي خلال الفترة من 2008 إلى 2011، قامت «غولدمان ساكس» بزيادة هذه التوقعات.

وارتفعت تقديرات الأسعار خلال 2008 إلى 108 دولارات في البرميل بدلا من 96 دولارا، وارتفعت التوقعات الخاصة بـ2009 إلى 110 دولارات للبرميل بدلا من 105، بينما زادت تقديرات 2010-2011 إلى 120 دولارا بدلا من 110 دولارات. وفي اتصال هاتفي مع «الشرق الاوسط» قال دانيال ليتفين، الباحث في شؤون الطاقة في المعهد الملكي للشؤون الدولية بلندن (تشاتهم هاوس)، ان المخاوف الجيوسياسية ستأثر بكل تأكيد على اسعار النفط، مبينا ان نقص الاستثمارات في مجال زيادة انتاج النفط على المدى الطويل سيبقى من القضايا الاساسية في هذا المجال.

وحول رأيه في التوقعات التي اصدرتها مؤسسة «غولدمان ساكس» واذا كان يشاطرها الرأي بان اسعار النفط ستصعد بين 150- 200 دولار للبرميل، اجاب ليتفين بالقول «ان (تشاتهم هاوس)، وهو شخصيا، لا يملكان سياسة اصدار توقعات لأسعار النفط، الا انه شدد على ان موضوع اسعار النفط المرتفعة لن يذهب في الاجل القصير وسيبقى مطروحا بقوة».

وقال محللو «غولدمان ساكس» إن بدائل الإنتاج الخاصة بمنظمة الأوبك ضعيفة ومن المحتمل أن تتراجع صادرات الدول الأعضاء في ضوء النمو الضعيف للإمدادات وزيادة الطلب المحلي في بعض الدول. وأضافت شركة «غولدمان ساكس» أن الدول غير الأعضاء في منظمة الأوبك تكافح من أجل زيادة إمداداتها، في ضوء انخفاض ملحوظ في المكسيك وروسيا.

ومن المحتمل أن ترتفع الأسعار حين تقيد الدول الكبرى المصدرة للبترول من الاستثمارات الأجنبية، لتحد من النمو في الإمدادات، بينما يتزايد الطلب من الدول النامية أو الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بسبب التوسعات الاقتصادية ونقص الطاقة، وسيتسبب هذا في طلب مرتفع على البترول، حسب محللو «غولدمان».

وفي المقابل قال لـ«الشرق الاوسط» مايكل ماسي، الباحث في شؤون الطاقة في المعهد الملكي للشؤون الدولية بلندن (تشاتهم هاوس)، ان توقعات مؤسسة «غولدمان ساكس» قريبة من الواقع لان لديها (المؤسسة) سجل قوي في مجال التوقعات المستقبلية لاسعار النفط». كما اتفق ماسي مع تحليل «غولدمان ساكس» ان هناك نقصا في مجال الاستثمارات المخصصة لزيادة انتاج النفط، لكنه عاد وأكد «ان هناك علاقة مباشرة بين الوضع الاقتصادي والطلب على النفط، حيث ان مخاوف الركود الاقتصادي ربما تدفع باتجاه تخفيف الطلب على النفط، لكن بقاء اسعار النفط مرتفعة في الوقت الراهن سيدفع ربما باتجاه تطوير تقنيات جديدة، كما يحفز شركات النفط على زيادة طاقاتها الانتاجية من اجل التكيف مع معادلة العرض والطلب المستقبلية».

وأضاف الخبير ماسي، «مع ذلك هناك تضارب في البيانات النفطية وحجم الاحتياطات العالمية من البترول، وخير مثال على ذلك الاكتشاف النفطي الاخير في البرازيل حيث تضاربت الارقام كما تضاربت التحليلات حول أهميته للسوق العالمي».

وخلص ماسي الى القول: «ان اسعار النفط ستبقى مرتفعة على مدى العامين المقبلين، ومن المحتمل جدا ان تبقى فوق حاجز المائة دولار للبرميل الواحد، رغم انه من الصعب وضع توقعات دقيقة في هذا المجال». ويقول محللو «غولدمان ساكس»: «يؤدي غياب النمو المناسب في الإمدادات مع زيادة الطلب من جانب الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إلى زيادة الأسعار». وقد يرجع تجاوز سعر برميل النفط الخام 100 دولار جزئيا إلى انخفاض الدولار مقابل اليورو، الأمر الذي ساعد على ارتفاع أسعار البترول لأنه جعل السلع أرخص أمام المشترين خارج الولايات المتحدة. وتقول الدول الأعضاء في منظمة الأوبك، التي توفر أكثر من 40 في المائة من البترول في العالم، إن الإمدادات كافية، وتلقي باللائمة على المضاربين الذين يرفعون الأسعار إلى هذه المعدلات القياسية.

ولكن محللي «غولدمان ساكس» يشيرون بالقول الى أن هناك فهم خاطئ وهو القول بأن من يطلق عليهم بالمضاربين هم السبب في بلوغ الأسعار هذه المستويات غير المبررة، «للأسف، لا نرى أن أزمة الطاقة سوف تُحل بمعاقبة المضاربين الأشرار».