إنتاجية ذوي الاحتياجات الخاصة

سعود الأحمد

TT

من الخطأ الفادح أن ننظر لتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، على أنه من منطلق إنساني بحت من باب المساعدة والإشفاق، وعلى أنهم معوقون في موقف ضعف ويحتاجون للمساعدة. ونغفل أن المعوق شخص يمكن أن تكون له إنتاجية ذات قيمة اقتصادية مضافة، ولا ينقصه شي إلا أنه ذو حاجة خاصة، وهو التعريف العلمي العادل لهذه الفئة. ولعلي أتوقف عند حديث وزير العمل، عندما شخص مشكلة وزارة العمل السعودية بأنها تحاول توظيف من لا يرغب في الوظيفة عند من لا يرغب في توظيفه، لنوضح بأن هذه المشكلة لا تنطبق على المعوقين. فغالبيتهم من المتلهفين على فرص العمل والتدريب واكتساب المهارات.. ولديهم أهداف واضحة لنيل نعمة الأمن ومميزاته. ففي مجتمعنا نوابغ من ذوي الاحتياجات الخاصة ممن يشهد لهم التاريخ بمخرجاتهم البدنية والفكرية. وهناك نسبة كبيرة من فئات ذوي الاحتياجات الخاصة لديهم طاقات إنتاجية ممتازة والبلد بأمس الحاجة لها. على أن تعطى الفرصة لتوظيف المعوق في المؤسسات والشركات والمصانع حسب حاجة هذه الجهات وقدرات ومؤهلات المعوق واحتياجاته. أما عن نظام التوظيف، ففي الفصل الثاني من البند الثاني يكفي أن نعلم من تنص المادة المتعلقة بتنظيم عمليات التوظيف، أنها لا زال تسمي هذه الفئة بالمعوقين، وهو مؤشر على الحاجة لإعادة النظر في هذا النظام برمته! علينا أن نتصدى لقضية توظيف المعوقين من منظور اقتصادي وطني (أولاً) واجتماعي (ثانياً).. وأن نتبنى استراتيجية تكاملية شاملة تهدف إلى تهيئة الظروف المناسبة للتعامل مع الإعاقة وتجاوز سلبياتها، ولهذا يعتبر برنامج توظيف المعوقين احدى مبادرات الجمعية الرائدة في مساندة المعوقين. فلدينا عدة فئات من معوقي المجتمع السعودي، تتمتع بقدرات ومهارات من المفترض استغلالها في سوق العمل. لكن الذي يبدو أننا مقصرون في حق هذه الفئات. هذا على الرغم من وجود ما يقارب أربعة ملايين وافد يعملون لدينا، معظمهم في وظائف يمكن شغلها بمعوقين. فليست كل الوظائف تصعب على المعوقين. فالوظائف الكتابية مثل الترجمة والطباعة وإدخال البيانات، ما الذي يمنع من أن يقوم بها ذوو الإعاقة الحركية والسمعية!؟ صحيح أن هذه الوظائف بحاجة إلى مهارات، لكن هذا يقودنا إلى سؤال أنفسنا: أين هي المعاهد الصناعية التي تناسب ذوي الإعاقات البصرية والسمعية والحركية، التي يطلبها سوق العمل السعودي؟! ولماذا حتى يومنا الحاضر يعقد 38 ملتقى لتوظيف المعوقين، وحتى الآن لم يوظف سوى عدد 120 معوقا في 110 مؤسسات خاصة؟! وبما أن استراتيجية التوظيف والتدريب معروضة على المجلس الاقتصادي الأعلى، فإن الوقت مناسب للحديث عن تطوير الأنظمة والتشريعات الخاصة بتجهيز مختلف الفئات الإنتاجية من المعوقين. بحيث نقوم بوضع سياسات واضحة لتأهيلهم وتوظيفهم. تتبناها وزارة العمل بالتعاون مع الغرف التجارية والشركات الكبرى. وعلى أن يسبق ذلك حصر بالمواطنين المعوقين القادرين على اكتساب المهارات وتقديم مخرجات إنتاجية يحتاجها سوق العمل السعودي. ولا ننسى ما تقوم به جمعية الأطفال المعوقين من جهود لتبني العديد من البرامج المتميزة لمساندة المعوقين عامة والأطفال على وجه الخصوص، إلا أن الحاجة ماسة إلى مجهود أكبر.

ولست هنا أتحدث عن شريحة العاجزين المحتاجين للعمل لأنهم معوقون بحاجة للرأفة والشفقة، والهدف من توظيفهم هو أن يحصلوا على مورد رزق يسد رمقهم ويكفيهم ذل السؤال. لكنني أدعو لاستغلال هذه الثروة الاقتصادية من هؤلاء الشباب الذي بلا شك يعتبرون فرصة ضائعة وقيمة اقتصادية كان يمكن لها أن تضاف للناتج المحلي لهذا البلد! وختاماً.. لعل من حسن الطالع للمعوقين بخاصة أن وزير العمل المعني بحقيبة التوظيف، هو من رواد العمل التطوعي والرسمي في مجالات خدمة المعوقين منذ عشرات السنين.

* كاتب ومحلل مالي [email protected]