«النقد الدولي»: اقتصادات دول الخليج ستخترق لأول مرة حاجز التريليون دولار بنهاية العام

مجلس التعاون ينتج 50% من إجمالي اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا > دول الخليج تعتزم استثمار 250 مليار دولار لتعزيز طاقتها الإنتاجية من النفط > النمو في المنطقة سيبلغ 6%

جانب من ميناء مدينة جدة حيث يعتبر اقتصاد السعودية الأكبرَ في المنطقة (ا.ف.ب)
TT

كشف تقرير دولي ان الناتج المحلي الاجمالي لدول الخليج مجتمعة سيخترق حاجز التريليون دولار خلال العام الحالي لاول مرة في تاريخ المنطقة، مبينا ان اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي ستمثل نصف الناتج المحلي الاجمالي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

وأكد التقرير الصادر امس عن صندوق النقد الدولي ان التوقعات القصيرة الأجل بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا عموما لا تزال ايجابية رغم التوقعات بهبوط الاقتصاد العالمي، لكنه حذر من أن هذا التطور المواتي يتوقف على مواصلة الحكومات جهودها المبذولة لضبط أوضاع المالية العامة وإجراء اصلاحات هيكيلية، والعمل على احتواء الضغوط التضخمية المتصاعدة. وأفاد تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، انه رغم توقعات تراجع الاقتصاد العالمي إلى 3.7 في المائة العام الحالي، لكنه يتوقع ان يصعد النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا إلى 6 في المائة العام الحالي. وقال محسن خان، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بالصندوق: «لا تزال آفاق المدى القصير مواتية إلى حد كبير في المنطقة التي تختص بشؤونها إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. فبالنسبة للمنطقة ككل، يُتوقع أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي أكثر من 6 في المائة. وفي هذا الاطار، من المتوقع ان يصعد متوسط نمو اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الى 6.1 في المائة العام الحالي من 5.6 في المائة عام 2007، مبينا ان قطر ستسجل اعلى معدلات نمو في المنطقة عام 2008 حيث سيبلغ 14.2 في المائة. وفي السعودية، يتوقع الصندوق ان يرتفع معدل النمو الاقتصادي إلى 4.8 في المائة مع نهاية العام الحالي من 4.1 في المائة عام 2007 مدعوما بارتفاع أسعار النفط، حيث يتوقع ان يبلغ متوسط البرميل الواحد 95 دولارا. وكشف التقرير ان الناتج المحلي الاجمالي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا سيرتفع الى 2.152 تريليون دولار، العام الحالي من 1.745 تريليون دولار سنة 2007، مشيرا الى ان الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي سيخترق حاجز التريليون دولار لأول مرة في تاريخه.

وأوضح التقرير ان الناتج المحلي الاجمالي لدول الخليج سيرتفع الى 1.019 تريليون دولار مع نهاية العام الحالي من نحو 805 مليارات دولار العام الماضي، مؤكدا هنا ان الاقتصاد السعودي يعتبر الاكبرَ في المنطقة حيث سيزيد الى 464 مليار دولار مع نهاية العام الحالي، من 376 مليار دولار عام 2007.

ومن التطورات الايجابية الاخرى التي رصدها الصندوق بالمنطقة هو استمرار تراجع نسبة اجمالي الديون الحكومية الى الناتج المحلي الاجمالي حيث يتوقع ان تهبط النسبة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا الى 29.6 في المائة مع نهاية العام الحالي، من 33.8 في المائة العام الماضي. كما ان نسبة الديون ستتراجع في منطقة دول الخليج الى 12.4 في المائة عام 2008 من 17.3 في المائة عام 2007. وفي السعودية ستهبط الى 15.9 في المائة من 23.5 في المائة. وتوقع الصندوق أن تسجل دول الخليج فائضا في حساباتها الجارية يصل بالاجمالي الى 332 مليارا، منه 145.2 مليار دولار بالسعودية لوحدها. وعزا صندوق النقد تلك التطورات الايجابية في جزء كبير منها لارتفاع اسعار النفط العالمية، مؤكدا في هذا الاتجاه ان السعودية تؤدي دورا بناء في استقرار اسواق النفط العالمية، ومبينا أنها تعتزم استثمار 80 مليار دولار في الأجل المتوسط من اجل رفع طاقتها الانتاجية بنسبة 37 في المائة الى 12.5 مليون برميل يوميا. وتابع الصندوق بالقول إن السعودية من المتوقع ان ترفع متوسط انتاجها العام الحالي الى 9.2 مليون برميل يوميا من 9.1 مليون برميل العام الماضي. كما انها بصدد زيادة طاقتها التكريرية بنسبة 43 في المائة الى 6 ملايين برميل يومياً.

وكشف الصندوق ايضا ان هناك استثمارات اخرى في دول مجلس التعاون الخليجي (غير السعودية) تصل قيمتها الى 170 مليار دولار لتعزيز الطاقة الانتاجية والتكريرية لتلك الدول. وشدد التقرير على ان اضطرابَ الأسواق المالية العالمية كان تأثيرها المباشر محدودا في منطقة الشرق الأوسط، على الرغم من ان انخفاض قيمة الدولار ساهمت في تعقيد السياسات في بعض البلدان.

وشدد التقرير على «ان احتواء التضخم المتزايد يمثل التحدي الأكبر أمام السياسات الاقتصادية الكلية في معظم بلدان المنطقة على المدى القصير»، داعيا للعمل على احتواء الضغوط التضخمية في المنطقة. وحذر التقرير هنا من ان معدل التضخم الذي بلغ في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا نحو 9 في المائة عام 2007، متوقعا ان يقفز إلى اكثر من 10 في المائة خلال العام الحالي، مبينا على سبيل المثال ان العراق سجل العام الماضي أعلى معدل تضخم في المنطقة بلغ نحو 31 في المائة عام 2007، بينما سجل المغرب ادنى نسبة وصلت الى 2 في المائة. وفي دول الخليج، قال الصندوق إن معدل التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي سيرتفع العام الحالي الى 7.1 في المائة من 6.1 في العام الماضي، مبينا انه في العام الماضي اقترب من 14 في المائة بقطر، وفوق 11 في المائة بالإمارات. وفيما يتعلق بمعدلات التضخم في السعودية، لاحظ التقرير، أنها تتضاعف منذ عدة أعوام، فبعد ان وصل معدل التضخم إلى 2.3 في المائة عام 2006، قفز إلى 4.1 في المائة العام الماضي، متوقعا صعوده بقوة العام الحالي إلى 6.2 في المائة. وطالب صندوق النقد دول المنطقة القيام بالإصلاحات الهيكلية اللازمة، بغية إعطاء دفعة لثقة مجتمع الأعمال وتحسين مناخ الاستثمار، مشددا على انه وفي معظم بلدان المنطقة، لا تزال تقوية النظام المصرفي من الأولويات، فالنظام المالي السليم يمثل عنصرا أساسيا في تحقيق النمو المستمر بمعدلات أعلى وخفض معدلات البطالة. كما دعا الصندوق الى تعزيز المنافسة ورفع الكفاءة في معظم البلدان عن طريق إعادة هيكلة بنوك الدولة غير ذات الكفاءة وطرحها للخصخصة، وتطوير أسواق سندات الدين المحلية، وتشجيع إنشاء البنوك الأجنبية.