وكالة الطاقة «تدعم» موقف «أوبك».. وتؤكد وجود إمدادات كافية بالأسواق

وسط مساعي بوش للعمل على زيادة إنتاج النفط الخام لخفض الأسعار

سوق النفط تتمتع حاليا بإمدادات كافية من النفط («الشرق الأوسط»)
TT

قدمت أمس وكالة الطاقة الدولية دعما قويا لوجهة نظر «أوبك» بعد إقرارها ان أسواق النفط تملك إمدادات كافية، الأمر الذي سيخفف الضغط على أوبك لرفع إنتاجها وضخ المزيد من النفط، خصوصا مع التوقعات ان ذلك سيكون على أجندة زيارة الرئيس الاميركي للمنطقة خلال الأسبوع المقبل. وقالت الوكالة ان «أحدث البيانات تشير إلى ان أسواق النفط تتمتع بفائض في الإمدادات على مدى الشهرين الماضيين، وينبغي ان يبقى هذا الوضع كذلك بقية عام 2008، ما دامت تحتفظ أوبك بإنتاجها عند المستويات الحالية».

وأعلنت وكالة الطاقة الدولية أن الزيادة في الطلب العالمي على النفط ستكون أقل من المتوقع في عام 2008، بسبب ارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو في الولايات المتحدة أكبر دول العالم استهلاكا للوقود ودول صناعية أخرى.

وأضافت الوكالة، التي تقدم المشورة لسبع وعشرين دولة صناعية في مسائل الطاقة، في تقريرها الشهري عن سوق النفط، أن الاستهلاك العالمي سيزيد بمقدار 1.03 مليون برميل يوميا هذا العام أي أقل بمقدار 230 ألف برميل يوميا من التقديرات السابقة. وخفضت المنظمة تقديرها للطلب أكثر من النصف من 2.2 مليون برميل يوميا في يوليو (تموز) الماضي وربما تقلصه أكثر من ذلك.

وقالت الوكالة «هذا التقرير يتوقع المزيد من التعديلات النزولية في الطلب وقد لا تكون الأخيرة.. ورغم خفض كبير في الشهر الماضي في توقعاتنا للطلب الاميركي كان من الضروري إجراء مزيد من التعديلات بالخفض هذا الشهر».

ويعطي التقرير دليلا جديدا على ان أسعار النفط القياسية تبطئ استهلاك النفط في الدول الصناعية كما يشير للضغط على الطلب في بعض الدول الناشئة. وذكرت الوكالة أن الضعف المستمر للاستهلاك الأوروبي سيدفعها لخفض توقعاتها للطلب مرة أخرى، كما أن إعادة النظر في دعم الوقود في دول مثل اندونيسيا قد يؤدي لمزيد من الهبوط.

وقال لرويترز لورانس ايجلز رئيس قسم الأسواق والصناعة في الوكالة «يقلقنا ان يسبب رفع الدعم صدمات بالنسبة للطلب في الدول غير الأعضاء في أوبك». وتابع «لا يمكن لدول معينة من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تحمل الدعم بعد الآن ومن ثم فقد بلغت نقطة الذروة».

وانخفضت أسعار النفط عقب صدور التقرير.

ويأتي أحدث تعديل من الوكالة ليشير لتراجع نمو الطلب عقب خفض مماثل في الشهر الماضي كان الأكبر في سبعة أعوام. وقالت الوكالة ان نمو الطلب من الدول الناشئة ما زال قويا عند 3.7 في المائة أي 1.4 مليون برميل يوميا هذا العام وخاصة من الصين والشرق الأوسط.

وأضافت أن ضعف نمو الطلب سيؤدي إلى انخفاض الطلب على نفط منظمة أوبك ليتراوح بين 31.3 و31.6 مليون برميل يوميا.

وقالت ان مخزونات النفط التجارية بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفضت بمقدار 200 ألف برميل يوميا في الربع الأول من العام الحالي بالمقارنة مع متوسط الانخفاض في السنوات الخمس الأخيرة، وهو 400 ألف برميل يوميا، موضحة أن المخزونات تغطي استهلاك فترة 53.3 يوم دون تغيير عن مستواها في مارس (آذار) الماضي.

هذا ويتوقع أن يحث الرئيس الاميركي جورج بوش خلال جولته في الشرق الأوسط هذا الأسبوع دول الخليج بتحرك لاحتواء ارتفاع أسعار النفط، من دون ان يملك ضمانة النجاح في مسعاه.

وباتت مسألة الوقود الذي يدفع الاميركيون ثمنه أكثر من 3.7 دولار للغالون- 3، 78 ليتر- مقابل ثلاثة دولارات قبل سنة، احد المواضيع الرئيسة في الحملة الانتخابية الرئاسية.

إلا ان الخبراء يشككون في قدرة بوش على النجاح. ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية جيمس وليامس من مجموعة «تكساس ريسرتش غروب» «يصعب الجزم في الموضوع. ان أوبك لم تعد تملك هامشا لزيادة إنتاجها. وإذا قامت بذلك، فان زيادة الإنتاج قد تترك انعكاسات كثيرة باستثناء تلك المطلوبة».

ويتحدث بوش بنفسه عن النقص في الاحتياط من اجل عدم خلق أوهام لدى الاميركيين.، حيث يقول «لو كانت هناك عصا سحرية يمكن القول بموجبها: حسنا لتنزل الأسعار، لكنت استخدمتها (...) لكنني لا املك عصا سحرية». ومنذ أشهر عدة، تؤكد أوبك ان إمدادات السوق كافية، مشيرة إلى مسؤولية المستثمرين الذين يعتبرون ان الاستثمار في النفط يشكل استثمارا آمنا. ومنذ الأول من مايو (أيار)، ارتفع سعر برميل النفط الخام حوالي 15 دولارا في سوق نيويورك. وخلال خمس جلسات تداول الأسبوع الماضي، تجاوز سقف الـ120 دولارا ليصل إلى 126 دولارا، محققا يوميا رقما قياسيا جديدا.

ويزيد ارتفاع أسعار الطاقة من صعوبات الاقتصاد الاميركي الذي يبدو على حافة الانكماش.

ويشكو الاميركيون من ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية، الأمر الذي يؤثر سلبا على حملة الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه بوش إلى الانتخابات الرئاسية.

وتسجل اقتراحات سياسية عدة لمعالجة هذا الموضوع، بينها إعفاء البنزين مؤقتا من الرسوم، وفرض رسوم على عائدات الشركات النفطية، او تحرك الحكومة للحد من احتكار أوبك.

وتتكثف المؤشرات على محاولات الاميركيين خفض استهلاكهم من الطاقة.

وبالتالي، يرى الخبراء ان المنتجين يمكن ان يقلقوا في حال دفع ارتفاع الأسعار الولايات المتحدة إلى الابتعاد أكثر من النفط كمصدر للطاقة او في حال ازدادت وتيرة البطء الاقتصادي في الولايات المتحدة، ولو ان الصين والهند هما اليوم الدولتان اللتان تثيران اهتمام منتجي النفط نظرا لتزايد طلبهما.

إلى ذلك أعلنت الأمانة العامة للأوبك في فيينا أمس الثلاثاء أن سعر برميل النفط (159 لترا) وصل أول من أمس الاثنين إلى 119.71 دولار مقابل 119.13 دولار يوم الجمعة في ختام تعاملات الأسبوع الماضي.