لبنان: السحوبات المصرفية لم تتجاوز المليار دولار

«المركزي» يملك وسائل امتصاص الصدمة

TT

اكد مصدر مصرفي لبناني لـ«الشرق الاوسط» ان السحوبات المالية من المصارف منذ السابع من مايو (ايار)، تاريخ اندلاع الاحداث الامنية الاخيرة في لبنان، ما زالت عادية قياساً بالتجربتين السابقتين، تجربة اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري التي ادت الى سحوبات بلغت نحو 3 مليارات دولار، وتجربة حرب يوليو (تموز) 2006 التي ادت الى سحوبات بلغت نحو ملياري دولار. اما السحوبات الحالية، فما زالت قريبة من المليار دولار، مع ميل واضح للتراجع منذ انتشار الجيش اللبناني في مختلف المناطق الساخنة وتعزيز تدابيره واجراءاته الامنية. واعتبر المصدر نفسه ان البلد الذي استطاع امتصاص الصدمتين السابقتين قادر ايضاً على امتصاص الصدمة الحالية بفضل عوامل عديدة، يمكن تحديدها على الشكل الآتي: ويمتلك مصرف لبنان المركزي احتياطي من العملات الصعبة يقدر بنحو 11 مليار دولار، وهو الرقم الاعلى في تاريخ المصرف المركزي، والذي يتجاوز 80% من النقد المتداول بالليرة اللبنانية، و45% من اجمالي الناتج المحلي.

فضلا ضمان المصرف المركزي استقرار الليرة، بفعل هذا الاحتياطي المدعوم نفسياً باحتياطي ذهبي يقدر بـ9.22 ملايين اونصة. بالاضافة بلوغ الودائع ضمن الميزانية في القطاع المصرفي نحو 70 مليار دولار، اكثر من 76% منها بالدولار.

وكذلك بلوغ ودائع غير المقيمين من لبنانيين وغير لبنانيين نحو 9 مليارات دولار، وهذه الودائع هي التي تتأثر عادة اكثر من غيرها بأي احداث مأساوية، غير ان هذا الرقم ليس بالرقم الكبير قياساً باجمالي الودائع، وهي لا تتحرك لمجرد اندلاع اي احداث، بل تتحرك عندما تبلغ الامور حد الهلع والذعر. ويؤكد المصدر المصرفي ان البلد لم يصل الى هذا الحد، وبالتأكيد لن يصل مع بروز تطورات ايجابية على الساحة اللبنانية تمثلت بتشديد الجيش قبضته على مناطق التوتر، وتشكيل اللجنة الوزارية العربية التي يتوقع ان تصل اليوم الى العاصمة اللبنانية. وتقتضي الاشارة الى ان المصارف اللبنانية الكبرى، بصورة خاصة، احتاطت لمثل هذه الصدمات منذ عدة سنوات، وبتشجيع من مصرف لبنان المركزي، من خلال وجودها وتوظيف اصولها الاساسية في الخارج.

وفي مجال آخر، اعلنت وكالة «موديز» العالمية ان «تصنيفها السندات الحكومية اللبنانية بالليرة والعملات الاجنبية بدرجة (3B ـ مستقر) يبقى هو نفسه رغم التوتر السياسي المتزايد الذي يشهده لبنان». لكنها ابدت قلقها من ان تؤدي «الفوضى السياسية او اي تغييرات في تكوين الحكومة، الى الحد من دعم الجهات المانحة، او الى التأثير سلباً على رغبة الحكومة في الوفاء بالتزاماتها».

وصرح نائب رئيس وحدة مخاطر الديون السيادية في «موديز» المحلل تريستان كوبر «بما ان حكومة لبنان لم تدخل في عجز، ترى موديز ان خطر حصول ازمة سياسية حادة يقع اصلاً تحت سقف تصنيفها للبنان».

واللافت ان وزارة المال تلقت عشية الاحداث الاخيرة دفعات جديدة من الاموال المقررة في مؤتمر «باريس3» من الوكالة الاميركية للتنمية (831 الف يورو و3.4 ملايين دولار لاطفاء الدين). ومن البنك الاسلامي للتنمية (245 مليون دولار قروضاً ميسرة، و5 ملايين هبة)، ومن الكويت (5.1 ملايين دولار لتمويل 11 مشروعاً اغاثياً، و66.55 مليون دولار لتمويل مشاريع انمائية)، ومن اسبانيا (10 ملايين يورو)، ومن المملكة العربية السعودية (20 مليون دولار لدعم المدارس الرسمية).

وكان لبنان جمع في مارس (آذار) 875 مليون دولار لاعادة هيكلة ديون مستحقة من خلال اصدار سندات دولية. كما استكمل في ابريل (نيسان) عرضاً طوعياً لمقايضة مزيد من السندات التي تستحق هذا العام مقابل سندات جديدة تستحق في 2014.