تحول الشركات

TT

برزت في السعودية في الآونة الأخيرة ظاهرة تحول الشركات العائلية إلى مساهمة، وكذلك ظاهرة تأسيس الشركات المساهمة، فهل هي موضة يقلد بعضنا البعض فيها؟ أم هي حاجة أملتها الضرورة؟ أم هي رغبة في الثراء؟ هي في رأيي كل ذلك، فهي أحيانا موضة يقلد بعض التجار بعضهم البعض فيها، بمعنى لماذا تحول فلان من شركة فرد إلى شركة مساهمة فهو ليس بأفضل مني. الثاني أنها رغبة في الثراء فبعض علاوات الإصدار مبالغ فيها وفوق قيمتها العادلة، لذلك وصفت بظاهرة الثراء الحديثة في السعودية ويكون الثراء في الشركات العائلية والمتحولة من خلال المبالغة في تقييم الأصول أو مكياج يوضع على القوائم المالية ينعكس إيجابا على علاوة الإصدار فترتفع. ويمكن الثراء أيضا من إنشاء الشركات المساهمة الجديدة وأخذ أتعاب على التأسيس بواقع ريال واحد على السهم البالغة قيمته عشرة ريالات أي عشرة في المائة من رأس مال الشركة يصب في جيوب المؤسسين ولا تحتسب تكاليف على رأس المال بحكم أن الريال خارج عن قيمة السهم البالغة عشرة ريالات بمعنى يدفع المؤسس 11 ريالا. يضاف إلى ذلك ما يمكن أن يستفيد منه من يقوم بإنشاء شركة مساهمة جديدة من تسهيلات من البنك الذي سيودع به رأس المال تصب في جيبه أو جيوبهم الخاصة. ورغم كل ذلك لم نجب على سؤال هل إنشاء الشركة المساهمة أو تحول العائلية حاجة؟ نقول نعم إنها حاجة أملاها التطور التاريخي للاقتصاد السعودي مثله مثل بقية اقتصاديات الدول الأخرى، ففي الغرب بدأت الشركات عائلية وتحولت. وقد كانت السعودية بلدا صحراويا فقيرا، وكان أهله يفكرون كيف يؤمنون وجباتهم الغذائية فقط؟ ومع خروج النفط ووجود آرامكو بدأت شركة آرامكو بخلق مقاولين جدد كانوا بالأساس موظفين لديها شجعتهم أن يكونوا تجارا أمثال سليمان العليان رحمه الله. ولم يكن المجتمع المتحول من الريف والبادية إلى المدينة يقبل بفكرة الشركات المساهمة لذلك قامت الشركة الفردية والشركة العائلية، وهي مرتبطة بقيم القبيلة والعائلة السائدة في ذلك الوقت. ومع تطور المجتمع وزيادة الوفورات المالية ظهرت فكرة اندماج الشركاء وظهرت الاسماء الثنائية مثل رجب وسلسلة والزقزوق والمتبولي وغيرهم. ومع بداية نضج الفكر الاقتصادي ظهرت شركة السيارات العربية سنة 1956 وكانت أول شركة مساهمة سعودية، ثم توالى عدد الشركات. برغم كل ما يقال عن سلبية تحول الشركات العائلية إلى مساهمة فهي في النهاية تحقق مكاسب ايجابية للاقتصادي السعودي، فمن المعروف أن الاختلاف هو سنة الحياة ومن خلال الرصد وضح أن الجيل الثالث في الشركات العائلية هو من يختلف ويفكك الشركة. ومع تحول الشركة العائلية إلى مساهمة يمكن أن يبيع من يختلف مع الآخرين أسهمه ويبقى الكيان قائما. ما فائدة بقاء الكيان؟ أي الشركة هناك مجموعة فوائد يصعب حصرها في هذا المقال، لكن أولها بناء خبرة متراكمة في مجال معين؛ فالشركة تبني خبرة مثل الأفراد فنحن نرى أن شركة بنت خبرة ذائعة عالميا في المقاولات أي بناء اسم شهرة في مجال معين وحرام أن يضيع هذا الاسم بسبب اختلاف الشركاء، وقد يكون الاختلاف احيانا شخصيا وتراكميا وليس مهنيا على سبيل المثال يكره ابن العم ابن عمه وشريكه بسبب ان ابن عمه نجح في الجامعة ومنح من العائلة جائزة سيارة، أثارت حقده ولم يجد فرصة للانتقام سوى تفكيك الشركة بعد أن تمكن من إدارتها عن طريق الإرث. ثانيا أن تفكك الشركة المساهمة يؤدي لتسريح العاملين في الشركة ويعني قطع عيش ألف أسرة إذا كان العاملون ألف عامل وعدم سداد ألف فاتورة وعدم سداد الاقساط المدرسية أي تحول مجموعة من الأسر إلى مشردين خاصة في ظل عدم وجود إعانة بطالة. إلى جانب العديد من الفوائد التي لا يتسع المقال لذكرها ودمتم.

* كاتب اقتصادي [email protected]