السعودية: التضخم يخترق حاجز «الخانتين» ويسجل أعلى مستوى في 3 عقود

خبراء اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط»: الحلول الوقتية استنفدت ولا مناص من خيار «زيادة الإنتاج»

التصخم يواصل صعوده في السعودية (خدمة «شاتر ستوك»)
TT

سجلت معدلات التضخم في السعودية أقوى مستوياتها على الإطلاق منذ قرابة 30 عاما، حيث أعلن أمس عن تخطي مستوى التضخم الخانتين ليصل إلى 10.5 في المائة حتى أبريل (نيسان) صاعدا من 6.9 في المائة في مارس (آذار).

وأفادت الأنباء الواردة بأن معدلات التضخم غير المسبوقة نمت نتيجة الزيادة في أسعار الإيجارات والسلع الغذائية في السعودية، حيث أظهرت البيانات الحكومية أمس السبت أن مؤشر تكلفة المعيشة سجل 115.2 نقطة، مقارنة مع 3.104 نقطة قبل عام.

أمام ذلك، وصف محمد العنقري، وهو محلل اقتصادي سعودي، أن السياسة النقدية في السعودية باتت شبه مشلولة أمام الموقف القائم حاليا ضمن جهودها للحد من التضخم، مشيرا إلى أن تحركاتها ومناوراتها النقدية وصلت في حدها إلى 13 في المائة كنسبة احتياطي إلزامي على البنوك، في حين أن زيادة النسبة ربما تحد من نشاط المصارف وأرباحها وتؤثر على النمو الاقتصادي.

وزاد العنقري أن السياسة المالية لعبت دورها سابقا، إلا أنه لمواصلة خطط التنمية ليس لها حل إلا إعادة توزيع الخطط في مشاريعها، مفيدا بأن من بين الخطوات التي يمكن اعتمادها لتخفيف وطأة التضخم بيد وزارة المالية عبر إعادة جدولة المشاريع لتخفيف الطلب داخل السوق وبالتالي تراجع الأسعار. وأفاد العنقري بأن مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، باتت أمام حلول محدودة أبرزها انتظار المركزي الأميركي ليرفع الفائدة، حيث يمكنّها كحل سريع أن تخمد نار التضخم قليلا، مشيرا إلى أن إمكانية بذل جهود لسحب السيولة من السوق من خلال طرح سندات أو مواصلة سياسة تبديل الريال بالدولار بينها وبين البنوك.

وتربط السعودية، أكبر اقتصاد في المنطقة وأبرز مصدّر للنفط في العالم، عملتها الريال بالدولار الأميركي الذي هبط إلى مستويات قياسية أمام اليورو وسلة من العملات الرئيسية هذا العام.

ولكن المحلل العنقري يذهب إلى أن الخيار الأمثل، يتجسد في زيادة العرض في كافة الخدمات والمنتجات والسلع عبر رفع الطاقة الإنتاجية في السعودية، مشددا على أنه لا بد من التوجه لاستثمارات سريعة في القطاعات المهمة من خلال استحواذات خارجية أو تسهيل قيام مشاريع بشكل سريع.

ودعا العنقري من بين الحلول التي وصفها بـ«الطبيعية» إعادة النظر في هيكلة الرواتب من جديد، حتى تتناسب مع ارتفاعات الأسعار، مفيدا بأهمية أن تكون هناك دراسة شاملة تنظر إلى تاريخ ارتفاع الأسعار ليس من سنة واحدة بل من 20 عاما، لا سيما أن أسعار النفط تسجل ارتفاعا في أسعاره بشكل لافت.

ويرى العنقري أن زيادة الإنتاج ستضفي مكاسب وطنية كبرى منها تقليص الطلب على السلع والمنتجات من الخارج في وقت لا يرى أن الدعم الحكومي سيسجل إضافة بارزة في خفض التضخم، حيث ان حجم الاستيراد ضخم ويمثل أكثر من 60 في المائة من الاستهلاك، وبالتالي انخفاض القدرة على التحكم في الأسعار لأنها من مصادر خارجية.

وتناولت الآراء أمس الوضع كما ذكرته ماري نيقولا الخبيرة في اقتصادات الشرق الأوسط ببنك ستاندرد تشارترد في دبي، التي أشارت إلى عوامل محلية دفعت بالتضخم إلى تلك المستويات منها الإيجارات التي ترى بأنها تلعب دورا في إذكاء التضخم. وشددت نيقولا على أن المحرك الرئيسي هو وضع العملة، مضيفة أنه مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية عالميا ونتيجة لأن السعودية مستورد للغذاء فإن هذا له اثر سلبي عليها.

وتضرب زيادات الأسعار منطقة الخليج العربية حيث تسجل الاقتصادات نموا قويا، مع تضاعف أسعار النفط 6 مرات تقريبا على مدى الأعوام الستة الماضية.

ويرغم الارتباط بالدولار الدول الخليجية عدا الكويت على أن تحذو حذو الولايات المتحدة في خفض أسعار الفائدة. ومع هبوط الدولار هذا العام إلى مستويات قياسية فإن بعض الواردات أصبحت أكثر تكلفة.

وهنا، أفادت نيقولا عن توقعها بأن يزيد التضخم لأسباب أهمها ضعف الدولار ونمو المعروض النقدي الدولار يضعف ولا توجد أدوات نقدية لتخفيف آثار التضخم، مضيفة أن الزيادة في الإيجارات يمكن إرجاعها إلى حد كبير إلى نمو المعروض النقدي.

وتسارع المعروض السنوي من النقود في السعودية إلى أعلى مستوى له في 14 عاما على الأقل في فبراير (شباط) وهو اتجاه دفع المصرف المركزي إلى زيادة متطلبات الاحتياطي بالبنوك ثلاث مرات منذ نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 12 في المائة من 7 في المائة، لكن نمو المعروض النقدي تراجع إلى 04.23 في المائة في مارس (آذار).