«غوغل» تراهن على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء

حرارة الشمس ستجذب استثمارات تبلغ أكثر من 85 مليار دولار بحلول 2020

الطاقة الشمسية أصبحت «موضة» رائجة حاليا («الشرق الاوسط»)
TT

على امتداد طريق سريع في صحراء موييف بولاية كاليفورنيا، توجد 550 ألفا من المرايا المتجهة إلى السماء وتستخدم في توليد بخار لتوليد الكهرباء. وتراهن مؤسسة «غوغل» و«شيفرون» و«غولدمان ساكس» على أن توليد الطاقة بهذه الطريقة سيكون أرخصَ من الفحم. ويوفر مصنع أقيم على مساحة 1000 فدان الكهرباء لنحو 112500منزل في جنوب كاليفورنيا باستخدام تركيز أشعة الشمس. ويرى البعض، ومنهم فينود كوسلا، وهو مؤسس شركة الكومبيوتر «صن مايكروسيستمز»، إن الأسعار المرتفعة للغاز الطبيعي والقيود على الانبعاثات تجعل الطاقة الحرارية الشمسية أسرعَ مصادر الطاقة نمواً خلال العقد القادم. وتقدر الحكومة الأميركية أن تكلفة هذه التقنية ستكون أقلَّ من تكلفة استخراج الفحم بحلول 2020. وكان تقرير حديث صادر عن الأمم المتحدة قد قال إن الازدياد المطرد للاستثمارات الضخمة في قطاع الطاقة المتجددة حول العالم سيساهم في إمداد العالم بربع ما تحتاجه من الطاقة النظيفة عام 2030. وأفاد تقرير للامم المتحدة، بأن الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والوقود الحيوي تجاوزت 100 مليار دولار عام 2006 والمخاوف المتعلقة بظاهرة الاحتباس الحراري، من شأنها الإبقاء على هذا الازدهار.

وقال التقرير الصادر اول من أمس عن برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة والذي يقع في 46 صفحة، ان تدفقات الاموال تعني مصادر الطاقة غير الملوثة للبيئة تخلصت أخيراً من صورتها كمصادر هامشية، بالمقارنة مع أنواع الوقود الأحفوري وبدت مزدهرة بما يكفي لتحمل أي انخفاض في اسعار النفط المرتفعة حاليا.

وأوضح التقرير أنه تم استثمار أكثر من 35 مليار دولار في طاقة الرياح والوقود الحيوي، والطاقة الشمسية عام 2006، أي أكثر بنسبة 43 في المائة عن عام 2005. وجذب قطاع طاقة الرياح أغلب الاستثمارات بنسبة 40 في المائة من الاجمالي، تلاه الوقود الحيوي بنسبة 26 في المائة والطاقة الشمسية بـ16 في المائة. وضخت «جي بي مورغان» و«ويلز فارجو» خلال العام الماضي استثمارات في أحد أكبر مصانع الطاقة الشمسية، وتقوم «شيفرون» و«غوغل» بتمويل العديد من الأبحاث في هذا المجال. كما تبحث «غولدمان ساكس» عن قطعة من الأرض لاستئجارها لاستخدامها في توليد الكهرباء بهذه الطريقة، بينما يزيد الطلب عن قدرات توليد مولدات الرياح والطاقة المنبعثة من داخل الأرض. ويضيف كوسلا: «يمكن أن تضيف حرارة الشمس كمية كبيرة من الطاقة، تزيد بمقدار 50 في المائة. وهذا حل صناعي قوي». وتسعى الشركات إلى التغلب على خطوط الطاقة المحدودة والحاجة إلى نُظُم تخزين الطاقة. من جهته، يشير ريس تيسدال، وهو محلل بارز في شركة «إميرجينج إنرجي ريسارتش» للاستشارات، والتي تقدر بأن حرارة الشمس سوف تجذب استثمارات تبلغ أكثر من 85 مليار دولار بحلول 2020: «يجب عليهم أن يبرهنوا على جدوى هذه التقنية» بحسب ما اورده موقع بلومبيرغ المالي على الانترنت. وارتفع مؤشر «أردود» للطاقة الشمسية، والذي يغطى كل أنواع الطاقة الشمسية، بنسبة 55 في المائة خلال الـ12 شهرا الماضية. وعلى عكس الوحدات الكهروضوئية التي تحول أشعة الشمس إلى كهرباء، تركز تقنية طاقة الشمس الحرارية على تركيز أشعة الشمس باستخدام مرايا لتسخين البترول الموجود في أنابيب زجاجية إلى 700 درجة. ويقوم البترول بتحويل المياه إلى بخار ليستخدم في إدارة توربينات كهربية. وتم بناء تسعة مصانع للطاقة الحرارية الشمسية في صحراء كاليفورنيا في الفترة من عام 1985 حتى 1991 وما زالت هذه المصانع تعمل حتى الآن. وتبلغ قدرتها مجتمعة 354 ميغاوات، وهي تكفي لتوفير الطاقة لـ230 الف منزل في كاليفورنيا. وقلت وتيرة التنمية عندما ألغى الكونغرس الائتمان الضريبي للطاقات البديلة في بداية التسعينات. ولكن منحت بعض القوانين التي دخلت حيز التنفيذ عام 2005 المستثمرين في هذا المجال ائتمانا ضريبيا بمقدار 30 في المائة. وفي أحد مواقع الطاقة الحرارية الشمسية التابع لمجموعة «إف بي إل» في صحراء موييف، تشع الشمس أشعتها بحرارة عالية على مدى 340 يوما في العام. ولدى العواكس كفاءة أكثر من 90 في المائة، مقارنة بـ80 في المائة للمرايا العادية التي تستخدم في المنازل. وتستخدم المجموعة «إف بي إل» شاحنات سعة 15ألف لتر لرش المياه بصورة أسبوعية لتنظيم الأسطح المثبتة على بعد مترين من سطح الأرض. وبعد الظهيرة، يراقب الفنيون في غرفة تحكم مكونة من طابقين العديد من الشاشات تظهر الحرارة التي تولدها كل مجموعة من المرايا. وعندما تقترب درجات الحرارة من 700 درجة، تتحول بعض الأيقونات من اللون الأخضر إلى اللون الأحمر، لتدل على أن المركز بات جاهزا لتوفير الكهرباء لشبكة الكهرباء في كاليفورنيا. وتنخفض درجات الحرارة ومعها إنتاج الطاقة عندما تظهر السحب في السماء. وتحاول شركات الطاقة الحرارية الشمسية تطوير أدوات يمكنهم من خلالها تخزين الحرارة عن طريق استخدام مياه مغلية مضغوطة أو ملح ذائب يمكن أن يتم تسخينه حتى أكثر من 1000 درجة. ويقول لـ«بلومبيرغ» مايكل ياكيرا، وهو المسؤول التنفيذي الأول بشركة «سيرا باسيفيك» للموارد التي تمتلك مصانع تخدم لاس فيغاس وبعض المدن الأخرى في ولاية نيفادا: «تكون الطاقة الشمسية مناسبة للطلب الكبير بشكل مناسب طالما أن الشمس تتعاون معنا، ولكن عندما تكون هناك غيوم أو أمطار أو عندما يحل الظلام، لا تكون هناك طاقة».

وحسب تقديرات لإدارة معلومات الطاقة، ستنتج وحدة الطاقة الحرارية الشمسية التي ستبدأ العمل في 2010 الكهرباء بسعر 14.2 سنت للكيلووات، وهو ثلاثة أمثال مقارنة بـ4.8 سنت للمصنع الذي يستخدم الفحم المسحوق. ولكن يقول تقرير لوزارة الطاقة الأميركية إن تكلفة الطاقة الحرارية الشمسية ستقل لتصل لـ3.5 سنت للكيلووات بحلول 2020. وفي هذه الأثناء، من المحتمل أن يزيد معدل الإنفاق على الفحم، حيث ينظر الكونغرس في قيود على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ومن المتوقع أن تنتج المصانع التابعة لشركة «أوسرا» الكهرباء بسعر 10 سنتات للكيلووات في 2010، وسيقل هذا السعر إلى 8 سنتات بعد هذا بأعوام قليلة، حيث تستخدم الشركة نظم تكلفتها أقل. ووقعت الشركة عقدا مع «باسيفيك غاز آند إلكتريك» التابعة لمؤسسة «بي جي آند إي» لبناء موقع وسط كاليفورنيا. وقدمت «شيفرون» و«غولدمان ساكس» و«إف بي إل» و«بي جي آند إي» وشركات أخرى أكثر من 50 طلبا لدى مكتب إدارة الأراضي لاستئجار أراض صحراوية تمتلكها الحكومة لعمل أنظمة للطاقة الشمسية. ورفضت «شيفرون» و«غولدمان ساكس» التعليق على هذا. وقام القسم الخيري بـ«غوغل» باستثمار 10 ملايين دولار في شركة ناشئة في باسادينا، بولاية كاليفورنيا. ويقول دان ريتشر، وهو مسؤول سابق في وزارة الطاقة، سيكون هناك المزيد من الاستثمارات في هذا المجال. وبدأت «موضة» الطاقة الشمسية تجتاح الولايات المتحدة قبل عامين، عندما أقرت الهيئات التشريعية في ولاية كاليفورنيا مبادرة كاليفورنيا الشمسية التي تقدم لمستخدمي الطاقة الشمسية. واصبحت الطاقة الشمسية نوعا من المقياس لوضع الشخص. فالشخصيات المشهورة بمن فيهم غليوناردو ديكابريو وكارلوس سانتانا وتوم سيفر وضعوا نظما للطاقة الشمسية في منازلهم. واذا ما نجحت التجربة التي ستعيد ما يقرب من 3.2 مليار دولار الى اصحاب البيوت والشركات على مدى 10 سنوات، الامر الذي سيؤدي الى تنشيط قطاع الطاقة الشمسية. واذا ما نجحت المبادرة، فإنها ستؤدي الى تركيب انتاج ما يقرب من 3 آلاف ميغاووات من الكهرباء من الطاقة الشمسية في السنوات العشر القادمة، الامر الذي يماثل تشغيل ما يقرب من 30 محطة توليد كهرباء. وبعدما ادى نظام اعادة اموال الى المستخدمين الى خفض اسعار تركيب الالواح الشمسية في المنازل. وبعدما اعتبرت المصارف ان الالواح الشمسية تزيد من قيمة المنزل. ووفرت الكثير من برامج التمويل، نما قطاع الطاقة الشمسية. وتوجد الآن في ولاية كاليفورنيا وحدها نحو 450 شركة مسجلة. وركبت هذه الشركات طاقة شمسية تصل طاقتها الى اقل من 50 ميغاووات من الكهرباء بنهاية عام 2006. ويصل حجم الكهرباء المستخرجة من الطاقة الشمسية في كاليفورنيا وحدها 180 ميغاووات وهو ما يكفي لإمداد 135 الف منزل بالكهرباء.