استراتيجية زراعية واستثمارية سودانية سعودية توقع اليوم في الخرطوم

وزراء الزراعة والصناعة في البلدين اجتمعوا لوضع اللمسات الأخيرة

عبد الله أحمد زينل وزير التجارة والصناعة السعودي أثناء توقيع الاتفاقية في الخرطوم (الشرق الأوسط)
TT

وسط اهتمام رسمي وإعلامي كثيف، بدأت في الخرطوم أمس مباحثات سودانية ـ سعودية، للتوصل الى استراتيجية زراعية مشتركة واعدة بين البلدين، لتحقيق اتفاقات لدفع الشراكة الاستراتيجية بين السودان والسعودية في شتي مجالات الاستثمار.

وأوضح مسؤول بوزارة الاستثمار السودانية لـ«الشرق الاوسط»، ان السودان يروج لاكثر من 22 مشروعا زراعيا، في مختلف أجزاء البلاد، في إطار المباحثات المشتركة باعتبارها المشاريع الجاهزة، واشار المصدر الى أن من بينها مشاريع كبرى بمساحات واسعة. وتعهد السودان في المباحثات بحل العقبات التي تعترض تنفيذ مشروعات الاستثمار في القطاع الزراعي، عبر المجلس الرئاسي لرعاية الاستثمار في البلاد، وينتظر ان تنتهي المباحثات اليوم بتوقيع الاستراتيجية. ويذكر أن عدد المشروعات السعودية في السودان بلغت 341 مشروعا، منها 120 مشروعا خدميا، ونحو 107 مشاريع صناعية، و22 مشروعا زراعيا، وتبلغ جملة تمويل هذه المشروعات، نحو 4 مليارات دولار. ووصل وزيرا التجارة والصناعة والزراعة السعوديان إلى العاصمة السودانية خصيصا للمباحثات، على رأس قيادات من وزارتيهما.

ورأس الجانب السوداني البروفيسور الزبير بشير طه وزير الزراعة والغابات بحضور وزراء المالية، والتجارة، والصناعة، والري والثروة الحيوانية، ومحافظ بنك السودان ومدير شركة شيكان للتأمين، فيما رأس الجانب السعودي عبد الله بن احمد زينل وزير التجارة والصناعة، بمشاركة الدكتور فهد بن عبد الرحمن بلغنيم وزير الزراعة، وبحضور قيادات من الوزارتين.

واكد وزير الزراعة السوداني طه في خطابه في افتتاح المباحثات، التزام السودان باعطاء الزراعة اولوية والتشجيع للاستثمار الزراعي، وتعهد الوزير السوداني بحل بلاده للعقبات التي تعترض تنفيذ مشروعات الاستثمار في القطاع الزراعي، عبر المجلس الرئاسي لرعاية الاستثمار في البلاد، واشار الى ان قانون الاستثمار السوداني عمل على معالجة كافة المشاكل التي يواجهها المستثمر العربي، وقال ان العلاقات بين البلدين تشهد تطورا مستمرا منذ فترة طويلة، قبل ان يرحب بالشراكة الاستراتيجية بين السودان والسعودية. ودعا الى ازالة العقبات لتعزيز الاطر والتنسيق لتطوير هذه الشراكة، وأعلن محمد ابو كلابيش وزير الثروة الحيوانية عن تسهيلات في قانون الاستثمار السوداني ومعالجة العقبات التي تواجه المستثمر العربي بالسودان. ومن جانبه دعا الدكتور جلال يوسف الدقير وزير الصناعة الى بناء سياج قوي للمصالح الاقتصادية المشتركة، خاصة ان قيادتي البلدين وفرتا الإرادة السياسية القوية لاستمرار هذه العلاقة، مضيفا «اننا محتاجون لضرورة فتح افاق للاستثمارات العربية في المجالات الصناعية والزراعية». واكد عبد الله بن احمد وزير التجارة السعودي ان زيارته للبلاد جاءت في اطار الشراكة بين السودان والمملكة، وهي بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين للبحث عن استراتيجية الاستثمارات، مؤكدا رغبة القطاع الخاص السعودي في الاستثمار في السودان، وناشد الطرف السوداني حل العقبات التي تعترض الاستثمار في المجال الزراعي، فيما قال الدكتور فهد بن عبد الرحمن وزير الزراعة السعودي في الافتتاح، ان هناك رغبة أكيدة للاستثمار بالسودان، اضافة للمشاريع الاستثمارية القائمة من قبل.

وأعرب عن أمله في ان تشهد المرحلة القادمة التطور في النواحي الاستثمارية بين البلدين. وكان وزير الزراعة السعودي قد صرح لدى وصوله الخرطوم اول من امس، بان الاستثمار السعودي بالسودان ليس حديثا، حيث هنالك استثمارات قائمة ورغبة اكيدة من القطاع الخاص للاستثمار وتقديم الدعم له من البلدين، واضاف ان السودان يمثل أرضا مناسبة للاستثمار الزراعي، واعرب عن أمله في ان يتطور الاستثمار السعودي بالسودان.

وتشمل فاعليات زيارة المسؤولين السعوديين لقاءات مع المعنيين في السودان، من بينهم أصحاب العمل ورجال وسيدات الأعمال، لدعم وتوثيق وتعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والزراعي بين السودان والسعودية، وبحث سبل وآليات تعزيز علاقات القطاع الخاص بالبلدين وتقوية علاقات الشراكة الاقتصادية بين رجال الأعمال بالبلدين وذلك بقاعة اجتماعات اتحاد أصحاب العمل بالحديقة الدولية.

وأوضح السفير السعودي في الخرطوم محمد عبار الكلابي، ان الزيارة تؤكد ان هناك رغبة أكيدة من الجهات المختصة لاستمرار العلاقة بين البلدين الى آفاق أرحب. وأبان في تصريحات صحافية ان الزيارة تعتبر في اطار سلسلة من الزيارات المتبادلة بين البلدين وفقا لآليات محددة، مما يطمئن باستمرار العلاقة في المستقبل. يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين للصادرات نحو 78.2 مليون دولار، تشمل الصمغ العربي، والسمسم، والفول السوداني، والامباز، والحيوانات الحية واللحوم والجلود.

فيما بلغت الواردات السعودية للسودان حوالي 501 مليون دولار، حيث يستورد السودان من السعودية الشاي ومواد غذائية، ومشروبات ومنتجات بترولية وكيماويات ومصنوعات اخرى، والالبان ومعدات ووسائل نقل، ومنسوجات.

وصمم السودان منذ مطلع العام الحالي خطة زراعية باسم «النهضة الزراعية» هادفة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من كل المحاصيل الزراعية الحيوانية ومنتجاتها، ورصد للخطة التي تمتد حتى عام 2011 بمبلغ يصل إلى 5 مليارات دولار، تتمثل في دعم مباشر وغير مباشر للخطة، توفر التقنيات المطلوبة، والتقاوي المحسنة، وإلغاء الرسوم على المحاصيل والإنتاج الزراعي. وتطرح الخطة جملة نظم للاستثمار الزراعي في البلاد، منها الاستثمار المباشر، او عبر صيغ التمويل، او الشراكات، او على النظام الثنائي، وتركز الخطة على ضرورة دعم استخدام التمويل بالتأمين الزراعي وربط التمويل باستخدام التقاوي المحسنة والالتزام بالتمويل، حسب التواريخ المحددة، بالإضافة إلى منح افضلية من التمويل للمنتجين واعطاء اسبقية في التمويل للمشروعات التي تدعم سياسات الإنتاج والصادرات. وكانت السعودية قد عبرت عن رغبتها في الاستثمار الزراعى في السودان، باقامة العديد من مشروعات الزراعة والانتاج الحيواني بغرض تأمين الغذاء وتوفير الأعلاف والماشية، وذلك خلال زيارة قام بها للمملكة الزبير بشير طه وزير الزراعة والغابات السوداني، طرح خلالها جملة من المشروعات الزراعية وبمواقع مميزة في عدد من ولايات السودان أمام المستثمرين السعوديين، داعيا السعوديين الى الاستثمار بالسودان، سواء كان عن طريق مؤسسات او عن طريق رجال الاعمال والمستثمرين، واكد في لقاءاته مع المسؤولين السعوديين أن الاولوية ستكون للمستثمرين السعوديين، وفقاً لتوجيهات الرئيس عمر البشير.

ويعتبر القطاع الزراعي العمود الفقري للاقتصاد السوداني من حيث مساهمته بحوالى 45-48 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، 75 في المائة من الصادرات السودانية، باستثناء البترول، ويقوم على الزراعة عدد من الصناعات التحويلية مثل السكر والغزل والنسيج والزيوت النباتية ومنتجات الألبان وصناعة الأخشاب.