الرئيس الروسي: «الأنانية الاقتصادية» لواشنطن وراء الأزمة المالية العالمية

«قلق كبير» في أميركا واليابان والصين والهند وكوريا الجنوبية من ارتفاع أسعار النفط > النفط يسجل أكبر ارتفاع له في يوم واحد ويقفز 44% منذ بداية السنة

وزير الطاقة الأميركي (الثاني من اليمين) مع المسؤولين الآسيويين في مدينة أوموري اليابانية (أ.ف.ب)
TT

اتهم الرئيس الروسي في منتدى اقتصادي في سان بطرسبرغ أمس، الولايات المتحدة بأنها سبب رئيسي للأزمة المالية العالمية.

وقال الرئيس الروسى ديمتري ميدفيديف إن «الأنانية الاقتصادية» أدت الى ما يمكن ان يكون أسوأ انكماش اقتصادي منذ الثلاثينات، ووضع بعض اللوم على أميركا.

وانتقد ميدفيديف أمس، في كلمة له أمام جمع رفيع المستوى من كبار مديري الشركات العالمية، في منتدى اقتصادي بمدينة سان بطرسبرغ بشمال روسيا السياسة المالية للولايات المتحدة، وقال إن أميركا لم تتعامل مع الأزمة الأخيرة لأسواق المال بالشكل الذي يليق بها كقوة مالية رائدة في العالم.

ووجه ميدفيديف بلهجة مشابهة لسلفه الرئيس الروسي السابق فلادمير بوتين، انتقادات شديدة لما سماه «الأنانية المتزايدة للدول الصناعية الكبرى» وقال: «لا يمكن حل تحديات الحاضر بما فيها ارتفاع أسعار المواد الغذائية بإجراءات فرض الوصاية» من قبل هذه الدول.

وذكر الزعيم الروسي انه لا يوجد بلد، حتى الولايات المتحدة، يمكن ان يعكس اتجاه التدهور الاقتصادي العالمي وحده، مؤكدا وجود دور لروسيا في ايجاد حل، موضحا «ان التفاوت بين الرسمي بين دور الولايات المتحدة في النظام الاقتصادي العالمي والامكانات المتاحة، هو احد الاسباب الرئيسية للازمة الحالية».

ويحضر المنتدى الذي انطلق أمس كبار رجال الاعمال من اكثر من 400 من الشركات الاجنبية والروسية، بما فيها وزير التجارة الاميركي كارلوس غوتييريز وممثلي شركات النفط مثل «بي.بي» و«رويال دوتش شل، وشركات التكنولوجيا مثل شركة مايكروسوفت، وعملاق الأغذية مثل نستله وشركة كرافت. وفي منتدى العام الماضي، تم توقيع عقود بقيمة 12 مليار دولار، وهناك توقعات قوية ان يتجاوز منتدى العام الحالي ذلك الرقم. يشار هنا ان الاقتصاد الروسي حاليا قد نما بشكل مذهل الى 33 تريليون روبل (نحو 1.4 تريليون دولار) من 7 تريليونات روبل في عام 2000.

من جهة أخرى، عبر وزراء الطاقة في اليابان والولايات المتحدة والصين والهند وكوريا الجنوبية أمس «عن قلقهم الكبير من ارتفاع أسعار النفط لمستويات قياسية وقالوا إن هذا لا يصب في مصلحة المستهلكين أو المنتجين للنفط.

وقال الوزراء في ختام اجتماعهم الذي استمر يوما واحد بمدينة أوموري اليابانية، إن الدول المنتجة للنفط يجب أن تستثمر بشكل أكبر في تطوير النفط والغاز. وذكرت هذه الدول التي تستهلك وحدها نصف الطاقة العالمية في البيان، أنه سيكون أمرا جيدا رفع الدعم المالي تدريجيا عن أسعار الطاقة التقليدية في المستقبل القريب.   وكان وزير الاقتصاد والصناعة والتجارة في اليابان أكيرا أماري، قد قال في وقت سابق أمس، إن أسعار النفط «من عوامل المخاطرة الرئيسية من حدوث ركود في الاقتصاد العالمي ناهيك من أمن الطاقة».

لكن وزير الطاقة الاميركي صامويل بودمان، قال إن المضاربين ليسوا هم السبب في أسعار النفط المرتفعة، وأشار إلى أن المشاكل القائمة حاليا بدأت منذ وقت طويل، ولا يمكن حلها «في غضون شهور أو حتى عام أو عامين» بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.

وأضاف بودمان في كلمة أمام الصحافيين قبل بدء اجتماع وزراء الطاقة من الدول الصناعية الكبرى السبع وروسيا أي ما يعرف باسم مجموعة الثماني، والذي يبدأ اليوم الأحد «حسنا فإن السعر مرتفع، لكن هذا بسبب زيادة الطلب على النفط مع ثبات العرض». ومن المقرر أن تشارك الصين والهند وكوريا الجنوبية في اجتماع اليوم الأحد. ونفى بودمان أن تكون صناديق التحوط هي التي تتسبب في ارتفاع أسعار النفط، وقال إنه لا يرى أي حاجة لتشديد القواعد المالية. وكانت أسعار النفط العالمية قد قفزت نحو تسعة في المائة الى مستوى قياسي عند 139 دولارا للبرميل أمس، ولتصل مكاسبه في يومين الى أكثر من 16 دولارا مع تدفق المشترين جراء ضعف العملة الاميركية، وتصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران.

وقال بنك الاستثمار مورغان ستانلي ان أسعار النفط قد تصل الى 150 دولارا بحلول الرابع من يوليو (تموز) أحد أكثر العطلات الاميركية ازدحاما بالرحلات وسط قوة الطلب في آسيا، الأمر الذي يوقد شرارة تباطؤ في شحنات الخام الى الولايات المتحدة. وقال البنك في مذكرة بحثية «نتوقع طفرة وشيكة في أسعار النفط».

وتحدد سعر التسوية للخام الاميركي مرتفعا 10.75 دولار عند 138.54 دولار للبرميل، قبل أن يلامس مرتفعا قياسيا غير مسبوق عند 139.12 دولار، مسجلا بذلك أكبر مكاسبه بحساب الدولار على الإطلاق، وبعدما صعد 5.49 دولار الخميس. وارتفع مزيج برنت في لندن 10.15 دولار، مسجلا 137.69 دولار، بعدما صعد في وقت سابق من المعاملات الى 138.12 دولار وهو مستوى قياسي. وقال لرويترز كريس فيلتن المحلل لدى ترايستون كابيتال في كالجاري «انه أمر مذهل بلا ريب».

وارتفعت أسعار النفط 44 في المائة هذا العام، مهددة نمو الاقتصاد في بلدان مستهلكة رئيسية مثل الولايات المتحدة التي يكابد اقتصادها بالفعل أزمة إسكان. ويقول محللون ان الارتفاع الهائل في أسعار النفط، يرجع الى تزايد الطلب في الصين وسائر الاقتصادات النامية بالإضافة الى تدفق السيولة من مستثمرين يسعون الى التحوط من ضعف الدولار والتضخم.

وواصلت العملة الاميركية تراجعها مقابل سائر العملات وسط بيانات تظهر انخفاض الوظائف الاميركية للشهر الخامس على التوالي، وصعود نسبة البطالة الى أعلى مستوياتها فيما يربو على ثلاث سنوات. ويضاف تراجع الدولار الى خسائره يوم الخميس، عندما قال جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي، ان عددا من صناع السياسات يريدون رفع أسعار الفائدة ربما من الشهر القادم. وقال فيلتن «من الواضح أن هناك قلقا كبيرا بشأن التداعيات الاقتصادية لضعف الدولار الاميركي. يبدو أن هذا يثير بعض الزخم هنا». واستمدت الأسعار دعما إضافيا من تصريحات لوزير النقل الإسرائيلي بأن شن هجوم على المواقع النووية الإيرانية يبدو «لا مناص منه». وهذا أوضح تهديد حتى الآن بحق إيران من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت. وكانت المخاوف من تعطيل محتمل لمعروض الخام من عضو منظمة أوبك، قد ساهمت في دعم أسعار النفط على مدار العام المنصرم.

وسجل مؤشر داو جونز القياسي أكبر نسبة تراجع منذ بدء العام الجاري أول من أمس الجمعة، في أعقاب ارتفاع أسعار النفط الخام إلى مستويات قياسية جديدة عند 138.54 دولار للبرميل، وارتفاع معدل البطالة إلى أعلى معدل لها خلال عقدين عند 5.5 في المائة.

وتقهقر مؤشر داو جونز القياسي بمقدار 394.64 نقطة أي بنسبة 3.13 في المائة، ليصل إلى 12209.81 نقطة. وتراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا، بمقدار 43.37 نقطة أي بنسبة 3.09 في المائة، ليصل إلى 1360.68 نقطة. وهوى مؤشر ناسداك المجمع لأسهم التكنولوجيا بمقدار 75.38 نقطة، أي بنسبة 2.96 في المائة ليصل إلى 2474.56 نقطة.

وفي أسواق العملة، انخفض الدولار أمام اليورو، ليسجل 63.39 سنت يورو، مقابل 64.17 سنت يورو عند الإغلاق يوم الخميس. كما انخفض الدولار أمام الين ليصل إلى 104 ينات مقابل 105.95 ين عند الإغلاق يوم الخميس. وارتفع سعر الذهب بمقدار 23.50 دولار، ليصل سعر الأوقية إلى 899 دولارا.