شركة إطارات تعود إلى استخدام المطاط الطبيعي مرة أخرى

زيادة أسعار النفط تؤثر سلبا على أسعار السلع * مليارا دولار زيادة في أسعار المواد الخام في شركة أميركية

لجأت شركة «جودير لإطارات السيارات إلى استخدم المطاط الطبيعي بدلا من الصناعي (نيويورك تايمز)
TT

بدأت الزيادة الكبيرة في أسعار البترول تؤثر سلبا على أرباح العديد من الشركات الأميركية، ودفعت الكثيرين إلى رفع الأسعار لتعويض الزيادة في تكلفة السلع التي تعتمد على البترول. ولم يعد الضرر مقصورا على الخطوط الجوية وسفن الشحن وأصحاب السيارات، بعد أن ارتفع سعر البترول بمقدار 11 دولارا في البرميل يوم الجمعة ليصل إلى معدل قياسي 138.54 دولار. وفي ظل الزيادة الكبيرة في تكلفة الإنتاج، تجد الشركات التي تصنع السلع التي تعتمد على مواد خام مشتقة من البترول، مثل إطارات السيارات والصابون وشاشات الكومبيوتر أمام خيارات صعبة: رفع الأسعار أو استخدام وسائل أقل تكلفة أو تسريح بعض العمالة. فعلى سبيل المثال، تحاول شركة «جودير لإطارات السيارات والمطاط» التكيف مع الأوضاع الجديدة، ولذا لجأت الشركة إلى المطاط الطبيعي بدلا من المطاط الصناعي، الذي يصنع من البترول. وللحفاظ على معدلات أرباحها، تقوم الشركة بتصنيع إطارات ذات مستوى عال للمستهلكين الذين لديهم استعداد لدفع 100 دولار لاستبدال كل إطار في سياراتهم. ومع هذا، لم تكن هذه الإجراءات كافية، خاصة بعد أن شهدت أسعار المطاط الطبيعي هي الأخرى زيادة حادة. ولذا لجأت الشركة لرفع سعر إطاراتها بمعدل 15 في المائة في أربعة أشهر فقط. ويقول متحدث باسم شركة «جودير» كيث برايس: «تعتمد استراتيجيتنا على رفع الأسعار وتحسين المنتج لتعوض الارتفاع في تكلفة المواد الخام، ولكن لا نعرف إلى متى يمكننا القيام بهذا». وحسب تقارير على موقع Economy.com اعتمدت على بيانات من وزارة التجارة، ارتفعت أرباح الشركات خلال فصل الربيع الماضي ولكنها تشهد انخفاضا منذ هذا الحين.

وتعد أزمة الإسكان والاقتصاد الضعيف أسبابا رئيسية، ولكن تزيد الزيادة الكبيرة في أسعار البترول من الضغوط على هذه الأرباح، حيث يعجز تجار التجزئة عن تحميل المستهلكين هذه الزيادة في الأسعار، وهذا يساعد في توضيح لماذا لم تتفاقم معدلات التضخم رغم الزيادة في أسعار البترول. وخلال هذا العام، زادت وتيرة تقليص العمالة، خاصة خلال الشهر الماضي، حيث ارتفعت معدلات البطالة من 5 في المائة إلى 5.5 في المائة. ويرى بعض الاقتصاديين أنه في ظل تقلص أرباح الشركات والزيادة في أسعار البترول من المحتمل أن تشهد البلاد زيادة في معدلات البطالة ومزيد من الارتفاع في الأسعار، رغم أنهم يشيرون إلى إمكانية تلافي هذا. ويقول إدوارد ماكيلفي، الاخصائي في الاقتصاد المحلي بـ«غولدمان ساكس»: «حققت بعض الشركات خلال هذه الفترة هوامش أرباح فوق العادة. ويمكن تعويض الزيادة في تكلفة المواد الخام عن طريق تقليل هذه الأرباح.» ويقول دانيال يرجين، رئيس شركة «كامبريدج لأبحاث الطاقة وشركاه»: «كانت الاعتقاد السائد على مدى عامين هو أن البترول ليس له تأثير قوي على الاقتصاد، ولكن في الوقت الحالي نشاهد هذا التأثير. ولذا بدأ الناس يهتمون بتكلفة استخدام الطاقة».

وتعمل شركة «جودير» على ترحيل الزيادة في الأسعار إلى وكلائها، الذين لا يستطيعون ترحيل هذه الزيادة إلى المستهلكين وبهذا تقل الأرباح التي يحصلون عليها. ومنذ فصل الربيع الماضي، انخفض متوسط أرباح الشركات في الولايات المتحدة بمعدل سنوي يبلغ 6 في المائة تقريبا، حسب بيانات حكومية. وبدأ الأمر يصل إلى الشركات التي كانت تتسم بأداء جيد خلال فترة التراجع في الاقتصاد، مثل شركة «كوستكو»، المتخصصة في بيع بعض المنتجات بأسعار مخفضة مثل سلع غذائية، وأثاثات وأدوات كهربائية الخ. كانت أرباح شركة «كوستكو» في الصاعد خلال الربع الأول، ولكن يقول المسؤول التنفيذي الأول جاميس سينجال أن الشركة تواجه الآن «زيادات غير مسبوقة في أسعار السلع التي تشتريها». وحاولت الشركة التعامل مع الأمر عن طريق شراء كميات كبيرة إضافية.

ووجدت شركة «بروكتر آند جامبل» نفسها في ورطة مماثلة، حيث من المتوقع أن تنفق 2 مليار دولار زيادة على المواد الخام التي تعتمد على البترول خلال عامها المالي الجديد الذي يبدأ الشهر القادم. وتمثل هذه الزيادة ضعف الزيادة التي تكبدتها الشركة العام الماضي وهي تأتي من العوائد الإجمالية التي تقل عن 80 مليار دولار. وقد عمدت الشركة إلى زيادة الأسعار لتعويض هذه التكلفة، وتبلغ هذه الزيادة في المتوسط 5 في المائة على المناديل وحفاظات الأطفال والمنتجات الشبيهة التي تعتمد على مواد كيميائية مشتقة من البترول، حسب بول فوكس، المتحدث باسم الشركة. كما لجأت الشركة إلى الزيوت الطبيعية لاستخدامها بدلا من المكونات المصنوعة من البترول، فهي تستخدم على سبيل المثال زيت النخيل في إنتاج تشكيلة من الصابون، ولكن كما هو الحال مع زيت النخيل تشهد السلع الطبيعية زيادة مماثلة. وعلى الرغم من مساعي الشركة لاحتواء الوضع الحالي، انخفضت أرباح التشغيل إلى 20.1 من العوائد خلال الربع الأول مقابل 21.9 في المائة خلال الربعين السابقين. وتعد شركة «دوو كيميكال» بولاية ميتشغان من أكبر الشركات التي تنتج منتجات تعتمد على البترول وتستخدم هذه المنتجات في تصنع أشياء أخرى، حيث يتم تصنيع الدهانات وشاشات الكومبيوتر والتلفزيون وأجهزة الجوال والمصابيح والورق ومقاعد السيارات والسجاجيد وإطارات السيارات والبوليستر من المكونات التي تنتجها شركة «دوو» والشركات الشبيهة عن طريق تكرير البترول والغاز الطبيعي. وقد لجأت شركة «دوو» إلى رفع الأسعار شيئا فشيئا، ومع هذا خلال الشهر الماضي اضطرت الشركات لرفع الأسعار في جميع المنتجات بنسبة 20 في المائة بسبب الزيادة في تكلفة البترول والغاز الطبيعي، اللذين من المواد الخام الأساسية للشركة. ويتوقع بعض المحللين أن يكون لهذا الأمر آثار سيئة حيث ستؤدي إما إلى زيادة في الأسعار أو نقص في الأرباح. وبسبب ضعف الاقتصاد والدخول الضعيفة لا يستطيع تجار التجزئة حتى الآن تمرير الزيادات الكبيرة إلى المستهلكين. ويقول باتريك جاكمان، الاقتصادي في قسم أسعار المستهلكين بمكتب إحصاءات العمالة: «من المفاجآت أن الزيادة في أسعار البترول في السبعينات من القرن الماضي ظهرت في أسعار المستهلكين بسرعة، ولكن هذه المرة لم يحدث هذا».

*خدمة «نيويورك تايمز»