تأكيداً على أهمية ميثاق للحاسبات الآلية!

TT

تحدثت في الأسبوع الماضي عن أهمية ميثاق للحاسبات الآلية، في مقال كان بعنوان «خطورة غياب ميثاق للحاسبات الآلية». وكما توقعت كان للمقترح إشارات إيجابية على أن الرسالة وصلت للمعنيين. لكنني وجدت في بعض التعقيبات إضافات تستحق التنويه.

أحد القراء علق على الموضوع من زاوية الحقوق الفكرية، وكيف أن باعة أجهزة الحاسوب ينسخون لزبائنهم البرامج ويبيعونها بأجور زهيدة، أو يمنحونها لزبائنهم ترويجاً لمبيعاتهم، من دون أذن من منتجي هذه البرامج، وأن ملاك هذه البرامج الأصليين يخسرون البلايين يومياً بسبب ذلك التصرف اللاأخلاقي. وآخر فتّح ذهني إلى أن المفهوم التقليدي للحاسبات الآلية لم يعد كما كان عليه قبل عقد أو عقدين من الزمان، بأنه ما يُعرف بالكمبيوتر. فالمعنى من الكلمة أصبح اليوم أشمل. فالهاتف الجوال أصبح كمبيوترا شخصيا في ذات الوقت. والطبقة المثقفة بدأت بالفعل تتوسع في استخدامات الحاسب الآلي عن طريق الهاتف الجوال، حيث لم تعد تقتصر على استخدامات الهاتف الجوال للمكالمات والرسائل النصية ومقاطع التسجيل الصوتية ومقاطع تسجيل الفيديو. فهؤلاء يستخدمون أجهزة متقدمة لأجهزة الهواتف الجوالة، منها انهم أصبحوا يقومون بجميع عمليات التحويلات البنكية والكشف عن أرصدة حساباتهم المصرفية، ثم ان معظم البنوك باتت تُعطي رسائل نصية مع كل عملية مصرفية تتم على الحساب (دائنة أم مدينة). والبعض جعل من الجهاز الجوال مخزنا لذاكرته المعلوماتية، ولكل أموره الشخصية. ومن هنا يأتي التأكيد على أهمية ميثاق للحاسبات الآلية. فجهاز الهاتف الجوال معرض للأعطال والسرقة والبيع، بل إنه حتى عندما تريد تحديث ذاكرة الهاتف الجوال أو عندما ترغب في تغييره بآخر جديد، فإن الوضع الطبيعي أنك تحتاج لنقل جميع ما في ذاكرة جهاز حاسب يكون وسيطاً بين المحمول الجديد والقديم. وبالتالي فإن المعلومات لا بد أن تقع في أيدي فنيي الحاسبات الآلية. والفني يستطيع تخزين ما في ذاكرة هاتفك الجوال في جهاز الحاسب الذي لديه خلال ثوان. وله بعد ذلك أن يستخدمها كيف يشاء. وإذا لم يكن لديه وازع من ضمير وأخلاقيات مهنية؛ فإن من الممكن أن يسيء استخدام هذه المعلومات اسوأ استخدام! وإضافة أخرى تتحدث عن خطورة سوء استخدام رسائل البلوتووث. وكيف أن من المقاطع المصورة أن تتسبب في فضائح تدنس شرف أسر بأكملها. والحالات التي تتداول في مواقع الأنترنت لا حصر لها. في وقت لو كان هناك ميثاق مهني مثله مثل نظام المرور، منه تكون هناك أمور وتصرفات لا أخلاقية، يجب أن تستنكر من قبل العامة وتعد مثلها مثل المخالفات المرورية. مثل عكس السير على الخطوط السريعة ومثل قطع الإشارات في المفترقات الخطرة والتي تتجاوز خطوط القطارات السريعة... إلى غير ذلك.

كما أن خدمات الإنترنت التي لا يستخدمها الغالبية في الاتصال بالمواقع والشبكات الأخرى وفي البحث عن المعلومات العامة، لن يتوقف على وجود جهاز كمبيوتر ثابت أو محمول، بل إن هذه الخدمات ستنتقل أيضاً إلى السيارات وسترتبط القنوات الفضائية بأجهزة الهواتف الجوالة. ومع الوقت ستنخفض الحاجة لكتابة الورق، وسيكتفي الناس بالمراسلات الإلكترونية... وسيقل حتى وجود الحاسب الآلي التقليدي، ليُكتفى بأجهزة الهاتف الجوال، بل وينتظر أن تجد في جهاز الهاتف الجوال خدمة للمستخدم العادي للاتصال بالقنوات الفضائية، وللتابعة برامجها بالصوت والصورة. ومن ذلك ستصبح الشبكات مربوطة دولياً عبر الأقمار الصناعية الضخمة والمتطورة التقنيات. ومع الوقت والتقدم التقني، ستنخفض تكاليف هذه الخدمات. ومن غير المستغرب أن يأتي اليوم الذي تقدم فيه هذه الخدمات لجميع المواطنين مقابل اشتراكات رمزية. وتكتفي الشركات بما تحصله من إيرادات الدعاية والإعلان على شاشات هذه البرامج! الشاهد في هذا الأمر أن العالم مقبل على نقلة نوعية في مجالات الخدمات الإلكترونية، ومن المتوقع أن نعيش عصر تقنيات حاسوبية جديد. ومهما قيل عن هذه الخدمات، إلا أن الحاجة ستظل ملحة (بل وفي تزايد) لتأطير أعراف مهنة الحاسب الآلي وقواعد تهذيب وآداب وأخلاقيات العاملين فيها. وتحديد واضح لماهية الممارسات غير المشروعة والعقوبات المترتبة عليها.

* كاتب ومحلل مالي [email protected]