لبنان: اقتصاديون عرب يطالبون بالالتزام بمنطقة التجارة الحرة ومحاربة التضخم

في ظل وجود 3 تريليونات دولار من الفوائض المالية الباحثة عن الاستثمار

TT

لم يجد الاقتصاديون العرب أجوبة شافية بقدر هواجسهم حيال مسار الاتفاق السياسي في لبنان ومستقبل الاقتصاد في انتظار لقاء موعود مع رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة، لكنهم أجمعوا على وجود فوائض مالية تزيد على 3 تريليونات دولار تبحث عن استثمارات مناسبة بالمنطقة. وشكل حضور نحو 500 مستثمر ورجل أعمال من 21 بلداً عربياً في المؤتمر الثاني عشر لاتحاد الغرف العربية، تظاهرة اقتصادية تحتاج اليها بيروت بهدف إعادة ترويج مكانتها في حركة الاقتصاد العربي. وجزءٍ من الثروات المتعاظمة من جراء الارتفاعات القياسية بأسعار النفط.

وأكد رئيس الاتحاد العام للغرف العربية، عدنان القصار، على التأثير الكبير للفورة النفطية في اقتصادات المنطقة، وأهمية الاستفادة منها في تنمية الاستثمارات العربية البينية، وتوجيهها نحو المشاريع والفرص الجديدة والمهمة للتنمية في المرحلة الحالية والمستقبلية، خصوصا أن حجم السيولة المالية الموجودة اليوم في الأسواق العربية تقارب 3 تريليونات دولار». ورأى أن أهم وأخطر قضايا الساعة حالياً هي مشكلة التضخم والارتفاع الكبير والمتواصل في أسعار الغذاء التي تسجل اليوم أعلى مستوياتها في خلال 30 عاماً، حيث سجلت زيادة بنسبة 83 في المائة خلال السنوات الثلاث الماضية. وأشار الى ان البلاد العربية ستكون شديدة التأثر بأزمة التضخم على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وخصوصا لأنها جميعها مستوردة صافية للغذاء.

وتساءل القصار «عما تنتظره الحكومات العربية كي تلتزمَ بالاتفاقيات التي تقرها، وخصوصاً منها منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي لا تزال تواجه عقبات أساسية تتعلق بتكاليف النقل وصعوبة الحصول على تأشيرات السفر وغيرها من العراقيل؟ ولماذا لا يتم تطوير «الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية» لكي نستطيع تحقيق منطقة استثمارية مفتوحة على مستوى العالم العربي؟ ولماذا تتأخر برامج الخصخصة، ولماذا لا تعالج العوامل السلبية التي تضعف كفاءة الاستثمار الخاص؟

واعتبر رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان، غازي قريطم، «أن ربط الدول العربية استثمارياً من خلال إقامة سوق عربية استثمارية مفتوحة، سيكون له بالغ الأثر في تنشيط وتنمية تدفقات الاستثمار الخاص بين الدول العربية، وأيضاً استقطاب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الأسواق العربية التي تشهد بمعظمها، منذ عدة سنوات، نهضة اقتصادية كبرى». وشدد مدير عام المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات فهد راشد الإبراهيم على «أن الاستثمار في الاقتصاد الوطني المسؤول الوحيد عند معدل تراكم رأس المال وتوسيع القاعدة الانتاجية للاقتصاد. وعليه، فان الدول التي تسعى لتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة على المدى الطويل، لا بد لها من جذب مستويات مرتفعة من الاستثمارات الى اقتصادها الوطني، الامر الذي لا يمكن تحقيقه من خلال الاعتماد على الاستثمار المحلي فقط. واشار مدير عام مجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي إلى «أن فرص الاستثمار موجودة في لبنان كما في كل بلدان المنطقة. لكن المشكلة دائماً تكون في مناخ الاستثمار. المناخ السياسي والأمني أولاً ومن ثم المناخ التشريعي والإداري والقضائي.

وعليه، فإن أمام الحكومات العربية تحديات كبيرة لتوفير المناخ المشجع للاستثمار والإفادة من توافر الفوائض المالية الكبيرة الباحثة عن بيئات مناسبة وفرص استثمار مجدية وآمنة». أما حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، فقال إنه في الوقت الذي تشهد فيه الأسواق العالمية أزمة مصرفية حادة طالت عدداً كبيراً من المصارف العملاقة في العالم لتصل الخسائر بحسب UBS الى 600 مليار دولار، مما اضطر المصارفَ المركزية الى التدخل بقوة لتأمين السيولة، تشهد الأسواق اللبنانية ارتفاعا كبيرا في أسعار أسهم القطاعين العقاري والمصرفي، وارتفاعا ملحوظا في الاكتتابات بصناديق الاستثمار والأدوات المالية المركبة. وأضاف: «نجحنا في الماضي بتجنّب خسائر ناتجة عن أزمات في الأسواق المالية الناشئة او في أسواق سندات الرهون العقارية. ونأمل، انه بالوعي والإدراك، لن تستعمل السيولة التي أنقذناها من هذه الأزمات لتأسيس مشاكل محلياً. ما يحتاجه لبنان الآن هو إطلاق الاستثمار المنتج». أما كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، فقد ألقتها نيابة عنه المنسقة العامة للقمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية د. ميرفت تلاوي، فأشارت إلى أن «استضافة لبنان لهذا الحشد الكبير من المسؤولين ورجال الأعمال والمستثمرين العرب هو تعبير صادق عن عمق التضامن مع الشعب اللبناني والإصرار على تأكيد استعادة الطمأنينة والاستقرار وتعزيز المسيرة التنموية ولاستعادة دوره على المستويين العربي والدولي».

من جهته، اشار وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني، سامي حداد، الى أن لبنان «استطاع، رغم من الظروف العصيبة جدا التي مر بها خلال عام 2007، تحقيق نمو اقتصادي بمعدل 4 في المائة وفائض في ميزان المدفوعات فاق الملياري دولار. وهذه النتائج لم تكن لتتحقق لولا السياسة الاقتصادية والمالية الحكيمة التي اتخذتها الحكومة».