خادم الحرمين الشريفين يطلق مبادرتين بـ1.5 مليار دولار لتأسيس صندوق الطاقة للفقراء

دعا مجلس «أوبك» للتنمية الدولية للاجتماع والنظر في إقرار برنامج مواز

خادم الحرمين الشريفين لدى افتتاحه اجتماع جدة للطاقة بحضور رئيس الوزراء البريطاني ونائب رئيس الوزراء الصيني (تصوير: مروان الجهني)
TT

أطلق خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، خلال افتتاحه لاجتماع جدة للطاقة الذي عقد أمس، مبادرة جديدة لتأسيس صندوق الطاقة للفقراء بمليار دولار، تهدف إلى تمكين الدول النامية من مواجهة تكاليف الطاقة المتزايدة. ودعا الملك عبد الله البنك الدولي إلى تنظيم اجتماع في أقرب وقت ممكن للدول المانحة والمؤسسات المالية والاقليمية والدولية لمناقشة هذه المبادرة وتفعيلها. وكشف الملك عبد الله عن هذه المبادرة الملكية، عن أنها تأتي إيماناً من المملكة العربية السعودية بدورها التاريخي في مجال الطاقة، وأهمية التعاون الدولي في شؤون الطاقة وإدراكاً لضرورة مساعدة الشعوب الفقيرة، حيث ألقى كلمته هذا نصها:

«بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرحب بكم خير ترحيب وأشكركم على تلبية دعوتنا لحضور هذا الاجتماع المهم، واعتبر حضوركم شعورا بالمسؤولية وضرورة التعاون الدولي في موضوع الطاقة الذي يهم شعوب العالم كافة، وأتمنى لكم التوفيق والنجاح.

إن دعوتنا لم تأت من الفراغ ولم تنبع من العدم، فقد كانت سياسة المملكة العربية السعودية منذ قيام منظمة أوبك قائمة على تبني سعر عادل للبترول لا يضر المنتجين ولا المستهلكين، وكنا حريصين على مصالح العالم كله قدر حرصنا على مصالحنا الوطنية، وقد لقينا بسبب هذه السياسة الكثير من الهجوم ورضينا بالكثير من الأذى، وانطلاقا من هذه السياسة قمنا ولا نزال بتخصيص جزء كبير من دخلنا للمساعدات التنموية. وانطلاقا من السياسة نفسها، قمنا خلال الاشهر القليلة الماضية برفع إنتاجنا اليومي من البترول من تسعة ملايين برميل إلى تسعة ملايين و700 الف برميل مع استعدادنا لتلبية أي احتياجات إضافية في المستقبل.

أيها الإخوة والأخوات: إن هناك مجموعة من العوامل وراء الارتفاع السريع غير المبرر لسعر البترول في الآونة الاخيرة، منها عبث المضاربين بالسوق في سبيل مصالح أنانية، ومنها زيادة الاستهلاك في عدد من الاقتصاديات الصاعدة، ومنها الضرائب المتزايدة على البترول في عدد من الدول المستهلكة ورغم هذه الحقائق ورغم أن أوبك لم تصدر قرارا بالتسعير منذ عقود طويلة وتركت مسألة السعر للسوق ورغم أنها حرصت على تلبية الطلب المتزايد إلا أننا نجد من يشير بأصابع الاتهام إلى أوبك وحدها.

في ضوء ذلك، تتضح مهمتكم الكبيرة، وهي كشف اللثام عن وجه الحقيقة. مهمتكم هي أن تستبعدوا الاقاويل والاشاعات المغرضة، وأن تصلوا إلى الاسباب الحقيقة الكامنة وراء ارتفاع السعر وكيفية التعامل معها، وأن يكون ذلك بوضوح وشفافية، وأن تعرض النتائج على شعوب الدنيا كلها حتى لا يؤخذ البريء بجريرة المسيء وبحيث لا يصح إلا الصحيح.

أيها الإخوة والأخوات: إيمانا من المملكة بدورها التاريخي في مجال الطاقة وأهمية التعاون الدولي في شؤون الطاقة وإدراكا لضرورة مساعدة الشعوب الفقيرة في هذه الظروف الصعبة التي تعاني فيها من ارتفاع كل السلع والسلع الغذائية بوجه خاص، فإنه يسرني من هذا المنبر أن أعلن باسم المملكة ما يلى:

أولا: أدعو إلى إطلاق مبادرة «الطاقة من أجل الفقراء»، وهدفها تمكين الدول النامية من مواجهة تكاليف الطاقة المتزايدة. وأدعو البنك الدولي إلى تنظيم اجتماع في أقرب وقت ممكن للدول المانحة والمؤسسات المالية والإقليمية والدولية لمناقشة هذه المبادرة وتفعيلها.

ثانياً: أدعو المجلس الوزاري لصندوق أوبك للتنمية الدولية للاجتماع والنظر في إقرار برنامج مواز للبرنامج السابق له صفة الاستمرارية واقترح أن يخصص لهذا البرنامج مليار دولار.

ثالثا: أعلن استعداد المملكة بالمساهمة في تمويل البرنامجين المشار اليهما أعلاه ضمن الاطار الذي يتم الاتفاق عليه.

رابعا: أعلن عن تخصيص مبلغ 500 مليون دولار أميركي لقروض ميسرة عن طريق الصندوق السعودي للتنمية لتمويل مشاريع تساعد الدول النامية في الحصول على الطاقة وتمويل المشاريع التنموية التي تحتاجها.

خامسا: أطلب من اجتماعكم هذا تكوين مجموعة عمل من الدول والمنظمات التي شاركت في هذا الاجتماع تحت مظلة الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي تكون معنية بمتابعة التوصيات التي سيصدرها هذا المؤتمر وتنفيذها ومراقبة التطورات في سوق البترول. وأعلن عن استعداد المملكة لدعم مجموعة العمل هذه بكافة الامكانات البشرية والمادية حتى تتمكن من القيام بمهمتها بنجاح. أيها الإخوة والأخوات: في هذه الساعة الحرجة، يجب أن يرتفع المجتمع الدولي إلى مستوى المسؤولية وأن يكون التعاون هو حجر الاساس في أي مجهود وأن نكون جميعا في نظرتنا إلى الحاضر والمستقبل أصحاب روية إنسانية عميقة شاملة تتحرر من الانانية الضيقة وتسمو إلى آفاق الإخاء والتكافل وفي هذا وحده سر النجاح. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».