بريطانيا تتطلع لتحويل بحر الشمال إلى «خليج عربي» جديد للطاقة المتجددة

رصدت نحو 200 مليار دولار لخطة «الثورة الخضراء»

طاقة الرياح بدأت تتحول إلى أحد القطاعات الاقتصادية الصاعدة («الشرق الاوسط»)
TT

قالت بريطانيا أمس، إنها تخطط لرفع مستوى استهلاك الطاقة المتجددة الى عشرة أضعاف خلال 12 عاما من خلال خطة «الثورة الخضراء».

ودعا رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون قطاع الصناعة البريطانية لاستثمار 100 مليار جنيه (نحو 197 مليار دولار) في السنوات الـ 12 المقبلة لتنظيف البيئة وتوليد الطاقة النظيفة بعيدا عن الفحم، والنفط أو الغاز الطبيعي. وأفاد غوردون براون في حفل إعلان الخطة في غاليري تيت مودرن، وهو موقع محطة سابقة لتوليد الطاقة من الفحم تحول الى قاعة للمعارض الفنية، «نحن في بداية ثورة خضراء.. انه أكبر تغيير في سياستنا تجاه الطاقة منذ بدء استخدام الطاقة النووية». ومضى قائلا «إنني واثق تماما من أن هذا هو المسار السليم لهذا البلد».

ورحبت منظمة «السلام الأخضر» بخطط الحكومة البريطانية معتبرة اياها خطوة في الاتجاه الصحيح.

وقال لـ«الشرق الأوسط» روبرت أوكلي مدير حملة المناخ في منظمة «السلام الأخضر» التي تعنى بالدفاع عن البيئة «انه إذا كانت الحكومة البريطانية تعني ما تقول هذه المرة، فانه يمكننا إيجاد فرص العمل، وخفض اعتمادنا على النفط الأجنبي واستخدام كميات أقل من الغاز، وعلى المدى الطويل في وسعنا تخفيض فواتير الطاقة للبريطانيين».

وقال براون ان بلاده سوف تشجع بناء 7000 من توربينات الرياح لتوليد الكهرباء، وهي جزء من برنامج لخفض التلوث والحد من اعتماد بريطانيا على الوقود الاحفوري. وأكد براون ان الهدف بدوره سيكون «تحويل بحر الشمال وغيرها من المياه الساحلية في مجال طاقة الرياح الى ما يعادل منطقة الخليج العربي في مجال صناعة النفط».

وأشار براون الى ان التكنولوجيات الجديدة تعني «خفض فواتير الطاقة للمستهلكين»، وخلق مئات، بل آلاف، من فرص العمل جديدة، متوقعا ان توفر الاستثمارات الجديدة 160 ألف وظيفة في بريطانيا، في حين أن جيلا جديدا من محطات الطاقة النووية سيضيف 100 ألف وظيفة أخرى في غضون السنوات الـ 12 المقبلة. من جهته تحدث وزير الاعمال التجارية في الحكومة البريطانية جون هوتون في ذات المناسبة، طالبا من الشركات والجماعات البيئية تقديم مقترحات بشأن كيفية تحقيق أهداف الحكومة. وتقضي مقترحات الحكومة لتحقيق هدفها بالحصول على 15 في المائة من كل احتياجاتها من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2020 بحصول قطاع الطاقة على نحو ثلث إمدادات الكهرباء من مصادر متجددة على رأسها الرياح.

وتهدف الخطة الى خفض انبعاثات الكربون والحد من الاعتماد على الوقود الاحفوري. وخلافا للنفط والفحم والغاز الطبيعي، أكثر مصادر الطاقة المتجددة التي لا تنتج انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، التي تسهم في الاحترار العالمي.

وعاد أوكلي للتأكيد «ان أهداف الخطة قابلة للتحقيق، إذا قامت الحكومة البريطانية بتنفيذ الأهداف المرسومة، والتصدي لـ(لوبيات) الطاقة التقليدية بحزم. تجربة ألمانيا تؤكد في المجال ان الخطة عملية ويمكن تحقيقها. كما ان علماء البيئة حذروا من أنه إذا لم يتم اتخاذ خطوات دراماتيكية خلال العقد المقبل فان الوضع سيكون مأساويا». وتابع أوكلي: ان «طاقة الرياح هي من أكثر قطاعات الطاقة نموا، لأنها توفر الوظائف ومدعومة من كبار رجال الأعمال والشركات، الذين يرون فرصا هائلة في هذا المجال. انها صناعة نامية، تعمل بمنطق اقتصادي، وتوفر بديلا عمليا لمصادر الطاقة غير النظيفة».

وقال براون ان ارتفاع أسعار النفط العالمية «يمثل مجازفة حقيقية» بإلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي وانه ينبغي لبريطانيا العمل مع باقي الدول المستهلكة للنفط من أجل خفض الأسعار مع الحد من اعتمادها على النفط وباقي أنواع الوقود الاحفوري على المدى الطويل.

ولعل التدابير التي تشير الى حجم التحدي الذي يواجه الحكومة البريطانية في تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي لإنتاج 15 في المائة من حاجة بريطانيا من الطاقة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2020، بالمقارنة مع أقل من 4 في المائة حاليا. لكن في المقابل فان خطط الحكومة البريطانية تعرضت لانتقادات، ففي تقرير تلقته «الشرق الأوسط» من «مركز أبحاث السياسات» الذي يتخذ من لندن مقرا له، قال ان الخطط الحكومية في هذا المجال «ليست الإجابة المناسبة» لان أهداف الطاقة المتجددة التي رسمتها الحكومة البريطانية «غير واقعية وعملية» لان «طاقة الرياح مصدرا غير موثوق به وباهظ التكاليف لتوليد الكهرباء».

وفي هذا المجال قال لـ «الشرق الأوسط» متحدثا باسم وزارة الاعمال البريطانية: «ان طاقة الرياح تعتبر مصدرا مهما من مصادر الطاقة النظيفة، ومحورا أساسيا في استراتيجية بريطانيا لتنويع مصادر الطاقة. نحن ملتزمون بالأهداف التي رسمتها الحكومة».