النفط يحلق عاليا «بلا كوابح»

أجواء «الذعر» تعود للبورصات العالمية > خبير لـ «الشرق الأوسط»: أسواق النفط متقلبة وتراجع الدولار سيزيد الضغوط الصعودية

TT

قفزت أسعار النفط في التعاملات الآجلة الى مستوى قياسي جديد أمس، حيث تجاوز سعر برميل النفط للمرة الأولى عتبة 142 دولارا مسجلا 142.26 دولار في نيويورك و142.13 في لندن، مع ابتعاد المستثمرين عن أسواق الأسهم واهتمامهم بالنفط.

وواصلت الأسعار صعودها في الجلسة السابقة، إذ أدى هبوط أسواق الأسهم العالمية الى ارتفاع أسعار السلع الأولية. وتراجعت المخزونات العالمية الى أدنى مستوياتها في ثلاثة أشهر مع تدهور أوضاع التضخم العالمي، مما أثار مخاوف بشأن توقعات ارباح الشركات.

في هذا السياق قال لـ«الشرق الأوسط» صامويل سيسزوك، محلل شؤون الطاقة في الشرق الأوسط لدى «غلوبال انسايت»: أسواق النفط أصبحت متقلبة بشدة، وتتأثر بالعديد من العوامل بحساسية شديدة، بالتالي فانه من الصعب توقع اتجاهات الأسعار، على الأقل خلال فترة الصيف الحالية. ويأتي ارتفاع أسعار النفط على الرغم من خطوات اميركية للحد من المضاربات في سوق الطاقة.

واقر المشرعون الاميركيون أول من أمس الخميس تشريعا يوجه لجنة التعاملات الآجلة على السلع لاستخدام جميع سلطاتها، بما فيها السلطات في حالات الطوارئ للحد فورا من دور المضاربات في أسواق الطاقة الآجلة.

وزادت أسعار النفط الى مثليها من 70 دولارا للبرميل قبل عام بسبب تعطيلات في الإمدادات وتوترات سياسية في الشرق الأوسط. واسهم ارتفاع التدفقات المالية على أسواق السلع من جانب مستثمرين يسعون للتحوط ضد مخاطر التضخم وضعف الدولار في ارتفاع الأسعار.

وكان سعر الخام الاميركي قد واصل أول من أمس تسجيل الأرقام القياسية وتخطى حاجز 140 دولارا، ليتضاعف بذلك سعر برميل النفط خلال عام واحد.

وأرجع المتعاملون ارتفاع أسعار النفط إلى تصريحات خليل شكيب رئيس منظمة الأوبك لإحدى محطات التلفزيون، التي توقع خلالها أن تتراوح أسعار النفط بين 150 و170 دولارا للبرميل، ولكنه أشار إلى إمكانية تراجع الأسعار مع نهاية العام الجاري.

الجدير بالذكر أن الأوبك تعزي ارتفاع سعر النفط إلى المضاربات، فيما تقول الدول المستهلكة للنفط، إن قلة المعروض في الأسواق هو السبب وراء الطفرة الكبيرة في أسعار النفط. وتابع الخبير النفطي صامويل سيسزوك بالقول: «المثير للاهتمام ان المخزونات تتزايد، وهذا يدلل على أنه لا يوجد نقص في العرض، لكن الضبابية السائدة حول قيمة الدولار وإنتاج نيجيريا من النفط وأوبك بشكل عام يزيد من صعوبة التوقعات في هذا المجال ويجعل السوق متقلبة للغاية».

وكانت أسعار النفط قد صعدت أول من أمس نحو أربعة في المائة لتصل الى مستوى قياسي فوق 140 دولارا للبرميل أمس، بعدما قالت ليبيا إنها تبحث خيارات خفض الانتاج، ردا على إجراءات اميركية محتملة بحق الدول المنتجة.

من جهته قال تيم ايفانز من سيتي فيوتشرز برسبكتف «قفزت سوق النفط الخام بشكل حاد في المعاملات المبكرة بعدما قال شكري غانم رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الليبية ان ليبيا تبحث خفض الانتاج».

وقال غانم أكبر مسؤول في قطاع النفط الليبي، انه يدرس إمكانية خفض الانتاج ردا على مشروع قانون في الكونغرس الاميركي يمنح وزارة العدل سلطة مقاضاة أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على تقييد إمدادات الخام.

وأبلغ غانم رويترز أول من أمس «نبحث كل الخيارات.. هناك تهديدات من الكونغرس وهم يريدون مقاضاة أوبك مما يمد الولاية القضائية الاميركية خارج الولايات المتحدة». وبحسب مسح لرويترز ضخت ليبيا نحو 1.71 مليون برميل يوميا من النفط في مايو (أيار) من إجمالي إنتاج أوبك البالغ 32.12 مليون برميل يوميا.

وهنا عاد سيسزوك للقول «ان التصريحات الليبية مهمة في هذا الجانب حيث أنها عمقت من المخاوف السائدة في السوق، ولكنها في المقابل ربما جاءت ردا على المشرعين الاميركيين، وكأنها توحي بانه سيكون هناك رد من أوبك. قناعتي هنا ان الطرفين لن يقدما على تنفيذ تهديداتهما لأسباب عديدة».

ويقول الرئيس الاميركي جورج بوش انه سيرفض مشروع القانون مستخدما حق النقض (فيتو) إذا أقره الكونغرس. وصوت مجلس النواب لصالح المشروع في مايو، لكن مجلس الشيوخ لم يحدد موعدا بعد للاقتراع عليه.

وارتفعت أسعار النفط في السنوات الست الأخيرة مدعومة بتزايد الطلب من اقتصادات صاعدة مثل الصين. وعززت المكاسب هذا العام تدفقات السيولة المرتفعة على أسواق السلع الأولية من مستثمرين يسعون الى التحوط من التضخم وضعف الدولار.

وشهد الدولار تراجعا عاما منذ يوم الأربعاء، بعدما أبقى مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) أسعار الفائدة مستقرة وبدد التوقعات لرفع وشيك للفائدة.

وفي أسواق الأسهم العالمية دفعت أسعار النفط القياسية البورصات في أنحاء العالم إلى التراجع أمس مع تراجع مؤشرات الأسواق الآسيوية بنسبة كبيرة بلغت خمسة بالمائة. إذ عقب خسائر سوق وول ستريت، تراجع مؤشر نيكي القياسي للبورصة اليابانية والمؤلف من 225 سهما إلى أدنى مستوى له خلال شهرين أمس. وهوى مؤشر بورصة شنغهاي المجمع الذي يقيس أداء الأسهم في البورصة الأكبر من بورصتي الصين بمقدار 153.42 نقطة أو بنسبة 5.29% لينهي التعاملات على 2748.43 نقطة.

وخسر مؤشر سينسكس القياسي للأسهم الهندية أكثر من 629.77 نقطة من قيمته ليستقر على 13792.05 نقطة بعد أن سجل مكاسب خلال جلستي التعامل الماضيتين بمقدار 325 نقطة.

وقال محللون إن سينسكس انخفض إلى أقل مستوى له منذ عشرة أشهر تقريبا في ظل تنامي قلق المستثمرين الهنود من ارتفاع معدلات التضخم. وفي طوكيو انخفضت الأسهم اليابانية بنسبة اثنين في المائة في نهاية التعاملات أمس لتسجل أدنى مستوى إغلاق منذ شهرين مع هبوط سهم سوني كورب وأسهم شركات تصدير أخرى، بفعل ارتفاع أسعار النفط وخسائر حادة في سوق الأسهم الاميركية وتنامي الشكوك بشأن الاقتصاد الاميركي.

وتراجعت أسهم البنوك بعد أن حذر بنك الاستثمار غولدمان ساكس من أن بنوك استثمار أخرى في الولايات المتحدة ستضطر الى شطب أصول وحث المستثمرين على بيع أسهم البنوك وشركات السيارات، وذلك في خطوة عززت المخاوف بشأن توقعات الأرباح وأدت الى انخفاض مؤشر داو جونز الاميركي الى أدنى مستوى منذ 21 شهرا. وهبط مؤشر نيكي القياسي لأسهم الشركات اليابانية الكبرى بنسبة اثنين في المائة الى 13544.36 نقطة ليسجل أدنى مستوى إغلاق منذ 24 ابريل (نيسان). وبذلك ظل المؤشر منخفضا لسابع جلسة تداول على التوالي، وهي أطول فترة انخفاض متصلة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وتراجع مؤشر توبكس الأوسع نطاقا 1.8 في المائة الى 1320.68 نقطة.

من ناحيتها هبطت الأسهم الصينية بشدة خلال تعاملات أمس في بورصتي شنغهاي وشينشن للأوراق المالية في الصين، حيث فقد مؤشر شنغهاي المجمع 153.42 نقطة بنسبة 5.29% من قيمته ليصل إلى 2748.43 نقطة.

وتراجع مؤشر بورصة شينشن الصينية الأخرى بمقدار 50.97 نقطة بنسبة 6.02% إلى 795.86 نقطة في حين تراجع مؤشر سي.إس.آي الذي يضم أسهم الفئة (أ) المقومة بالعملة المحلية الصينية اليوان في بورصتي شنغهاي وشينشن بمقدار 164.89 نقطة بنسبة 5.53% إلى 2816.02 نقطة طبقا للأرقام التي أوردتها وكالة الأنباء الألمانية.

وقال متعاملون إن أعدادا كبيرة من المستثمرين في الأسهم الصينية اتجهوا إلى بيع الأسهم بعد وصول أسعار النفط العالمية إلى مستوى قياسي جديد قدره 140 دولارا للبرميل تقريبا يهدد باستمرار ارتفاع معدل التضخم.

وعوضت الأسهم الأوروبية بعضا من خسائرها أمس بعد أن أظهرت تقارير بيانات معتدلة عن التضخم الاميركي وارتفاعا في الأنفاق الشخصي في مايو (أيار).

وهبط مؤشر يوروفرست لأسهم كبرى الشركات الأوروبية 0.6 بالمائة الى 1189.71 نقطة بعد انخفاضه الى 1178.88 نقطة في وقت سابق من الجلسة اليوم.

وارتفع الإنفاق الشخصي الاميركي بنسبة اكبر من المتوقع بلغت 0.8 في المائة في مايو، بعد ان عززت خطط تحفيز طبقتها الحكومة ميزانيات الأسر. وجاءت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الذي يتردد ان مجلس الاحتياطي الاتحادي يعتد بها كمؤشر رئيسي للتضخم داخل إطار توقعات الاقتصاديين. وتراجعت الأسهم بصورة حادة خلال التعاملات المبكرة صباح أمس في بورصات نيوزيلندا واستراليا وتايوان، وذلك نتيجة تأثرها بالتراجع الحاد الليلة الماضية في بورصة وول ستريت الاميركية بعد الارتفاع القياسي لأسعار النفط.

ففي بورصة نيوزيلندا تراجعت الأسهم بأكثر من 2.5 %، حيث وصل مؤشرها الرئيسي إلى أدنى مستوى له منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2005.

وبحلول ظهر الجمعة (بالتوقيت المحلي)، تراجع المؤشر الرئيسي 78 نقطة عن معدله عند الإغلاق أول من أمس الخميس، الذي بلغ 3.213 نقطة، إلا أنه نجح في استعادة توازنه بصورة طفيفة ليصل حجم الهبوط إلى 2.44%.

وفي استراليا تراجع مؤشر أول أورديناريز 153 نقطة، أي بنسبة 2.8%، عند اختتام جلسة التعاملات.

فتحت الأسهم الاميركية على صعود أمس إذ بددت قراءة معتدلة لمقياس رئيسي للتضخم وعلامات على صعود انفاق المستهلكين في مايو بعض المخاوف بشأن ارتفاع أسعار النفط وصحة البنوك.

وزاد مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الاميركية الكبرى 30.20 نقطة أي ما يعادل 0.26 في المائة ليصل الى 11483.62 نقطة.

وقفز مؤشر ستاندرد اند بورز 500 الأوسع نطاقا 4.26 نقطة أو 0.33 في المائة مسجلا 1287.41 نقطة. وزاد مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 2.93 نقطة أو 0.13 في المائة الى 2324.30 نقطة.