الأمم المتحدة: الطاقة النظيفة تتحول إلى «ذهب أخضر»

استثماراتها تصعد 60% إلى 148 مليار دولار > توقعات أن يبلغ حجم القطاع 600 مليار في عام 2020 > البنك الدولي يوافق على تأسيس صندوقين لمساعدة الدول الفقيرة

TT

أفاد تقرير أممي جديد ان الاستثمارات في الطاقة النظيفة مثل الرياح والطاقة الشمسية والوقود الحيوي أصبحت « منجما جديدا للذهب».

وقالت وكالة تابعة للأمم المتحدة، ان الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة قفزت بنحو 60 في المائة الى 148 مليار دولار عام 2007 فيما يوصف «هوجة» الطاقة النظيفة، متوقعا ان تصل استثمارات القطاع الى نحو 600 مليار دولار بحلول عام 2020.

ويكشف التقرير حدوث تغيير في المواقف المحافظة السابقة، مشيرا الى أن القطاع المالي، على سبيل المثال، في الآونة الأخيرة شهد تحركا من جانب كبار المصارف الاستثمارية في وول ستريت، وجي بي مورغان تشيس، ومورغان ستانلي، من اجل إطلاق مجموعة من المبادئ في مجال تجارة الكربون.

وقال أكيم شتاينر رئيس البرنامج أول من أمس الثلاثاء «مثلما انجذب الآلاف الى كاليفورنيا في أواخر القرن التاسع عشر فان هوجة الذهب الأخضر (الطاقة النظيفة) تجتذب فيالق من منقبي العصر الحديث في مختلف أرجاء الكرة الأرضية».

وقال تقرير الاتجاهات العالمية في الاستثمار في الطاقة المتجددة لعام 2008 والذي أصدره البرنامج: ان طاقة الرياح اجتذبت أغلب الاستثمارات في العام الماضي، إذ استحوذت على 50.2 مليار دولار أي ثلث الاستثمارات في الطاقة النظيفة.

وقال مايكل ليبرايخ المدير التنفيذي لمؤسسة «نيو انيرجي فايننس» التي أجرت الدراسة لصالح الأمم المتحدة «هناك دلائل واضحة على ان قطاع التكنولوجيا المتقدمة النظيفة يثبت أكثر قدرة على البقاء من القطاعات الأخرى مثل البناء الذي هو في ركود في بعض أنحاء العالم. لقد شاهدنا 60 في المائة نسبة نمو في عام 2007 والتوقعات الإجمالية ستكون في حدود استثمارات العام الحالي».

وقال التقرير ان الاستثمار في الطاقة الشمسية زاد بنسبة 254 في المائة الى 28.6 مليار دولار العام الماضي بينما تعثر قطاع الوقود الحيوي إذ تراجعت الاستثمارات فيه بنحو الثلث الى 2.1 مليار دولار.

وعموما مثلت الطاقة النظيفة 23 في المائة من الإجمالي العام في العام الماضي. وأضاف التقرير أن الاستثمار العام في الطاقة المتجددة عن طريق الأسواق زاد الى 23.4 مليار دولار من 10.6 مليار عام 2006.

واتجهت أغلب الاستثمارات الى الدول الرئيسية في مجال الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة رغم أن الصين والهند والبرازيل اجتذبت 26 مليار دولار العام الماضي بالمقارنة مع 1.4 مليار دولار فقط عام 2004.

وتمثل الدول الثلاث النامية 22 في المائة من إجمالي الاستثمارات الجديدة في الطاقة المتجددة.

وزادت الاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة في أفريقيا خمسة أمثال الى 1.3 مليار دولار العام الماضي بعد انكماش تدريجي بدأ عام 2004.

وقال التقرير ان من المتوقع أن ينمو قطاع الطاقة المتجددة الى 450 مليار دولار عام 2012 والى 600 مليار عام 2020.

وفي السياق ذاته وافق البنك الدولي على تأسيس صندوقين للاستثمار بهدف مساعدة الاقتصادات النامية في التحول الى تكنولوجيا الطاقة النظيفة للحد من انبعاثات الكربون ومساعدة الدول الفقيرة في التكيف مع التغيرات المناخية.

وتأتي الموافقة على تأسيس «صندوق التكنولوجيا النظيفة» و«صندوق المناخ الاستراتيجي» قبل أيام من مؤتمر قمة مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى في هوكايدو باليابان في الثامن من يوليو (تموز) التي يتضمن جدول أعماله قضايا تغيرات المناخ.

وقال وارين ايفانز مدير إدارة البيئة في البنك الدولي للصحافيين أول من أمس الثلاثاء، «من المرجح أن تؤيد مجموعة الثماني على نطاق واسع إقامة صندوق الاستثمار في المناخ».

وأضاف ان البنك الدولي يعول على تلقي تبرعات تتراوح مبدئيا بين أربعة وخمسة مليارات دولار من دول مجموعة الثماني لصندوق التكنولوجيا النظيفة، مضيفا أن تقارير إعلامية تتحدث عن جمع عشرة مليارات دولار للصندوق «مبالغ فيها».

وقد قالت بريطانيا واليابان والولايات المتحدة بالفعل أنها ستساهم في الصندوق في حين من المرجح أن ينضم مزيد من الدول الان بعد الموافقة على تأسيس الصندوقين.

ولم يبحث البنك الدولي أي تمويل محدد أو تعهدات من المانحين من أجل تأسيس الصندوق وان كان ايفانز قال انه واثق من أن البنك سيتمكن من تدبير 500 مليون دولار للبرنامجين.

وذكر روبرت زوليك رئيس البنك الدولي أن الصندوقين جزء من رد البنك على تحديات التغيرات المناخية.

وقال «نحن نعتقد أن الصندوقين سيكون لهما تأثير ملموس على توليد مزيد من التمويل للتحرك بشأن المناخ وأيضا في إظهار أساليب جديدة في التعامل مع الآثار الحالية والمستقبلية لتغير المناخ. ستتراوح هذه الأساليب من الزراعة الى إدارة موارد المياه ومن النقل الى التنمية الحضرية ومن التنوع البيئي الى توفير الطاقة».

الى ذلك ظلت الأسباب الحقيقية وراء الارتفاع الصاروخي لأسعار النفط غير واضحة في المؤتمر العالمي التاسع عشر للنفط الذي يواصل أعماله حاليا لليوم الثالث في العاصمة الإسبانية مدريد، لكن شيئا واحدا أصبح واضحا بشكل كبير.

ومن الآن فصاعدا سيصبح الوصول إلى «النفط السهل» «محدودا» كما قال الرئيس التنفيذي لشركة رويال داتش شيل جيروين فان دير فير بينما تحدث رئيس شركة بي بي (توني هايوورد) عن انتهاء عصر «الطاقة الرخيصة».

وقد أدت أسباب تضاعف أسعار النفط في غضون عام إلى انقسام المحللين في المؤتمر الذي يجمع آلاف الخبراء في العاصمة الإسبانية من أمس الأول الاثنين وحتى يوم غد الخميس.

وقال مسؤول من مجموعة سوناطراك الجزائرية للطاقة إن أسباب ارتفاع أسعار النفط تعد بمثابة لغز، بينما تحدث وزير النفط القطري عبد الله بن حمد العطية عن «تقلبات غريبة في السوق».

وينظر إلى «أزمة النفط» المستمرة على أنها تختلف عن سابقاتها من منظور أن أسبابها أكثر تعقيدا.

وعزا المحللون ارتفاع أسعار النفط إلى مجموعة مختلفة من العوامل تتراوح بين ضعف قيمة الدولار وقلة الاستثمارات وطاقة معامل التكرير الإنتاجية والضرائب المفروضة على الوقود بالإضافة إلى ظهور مصادر بديلة للطاقة والصراعات مثل التوتر بين إسرائيل وإيران والهجمات المسلحة التي تستهدف أنابيب النفط في نيجيريا.

ومما لا شك فيه أن الزيادة على الطلب في الدول النامية، التي ستصل احتياجاتها إلى ربع الإنتاج العالمي اليوم وذلك في غضون 20 عاما، تعد أحد العوامل المساعدة على زيادة أسعار النفط، وفقا للأرقام التي حددها (فو تشينج يو) رئيس الشركة الوطنية الصينية للنفط البحري.

وقلل ممثلو شركات النفط ووكالة الطاقة الدولية من دور المضاربين في السوق الذين تتهمهم الدول المنتجة وبعض السياسيين الأوروبيين بتضخيم الأسعار.

وأعرب ممثلو الشركات المستهلكة عن تشككهم إزاء توافر إمدادات كافية، بينما قال نظراؤهم من منظمة الدول المصدر للنفط (أوبك) إن هناك حمولات نفطية لا تجد من يشتريها.

وفي ظل استمرار مصادر الطاقة البديلة في لعب دور محدود سيبقى العالم معتمدا على النفط لعقود وعبر المحللون عن ثقتهم في أن تدشين مشروعات جديدة في البرازيل وروسيا وخليج المكسيك وحتى في العراق التي مزقها الصراع سيضيف لمصادر الطاقة.

لكن قدرا كبيرا من الاحتياطي يوجد في أعماق المياه أو في مواقع أخرى يصعب الوصول إليها وهو ما يجعل عملية استخراج النفط مكلفة بشكل كبير حسبما يرى الخبراء.

وقال ريكس تيلرسون رئيس شركة اكسون موبيل إن لدى البرازيل على سبيل المثال «مصادر رئيسية جديدة»، لكنها «تعد من الناحية التقنية أحد أكثر المصادر صعوبة».

بينما قال كريستوف دي مارجيري رئيس شركة توتال الفرنسية، إن الاستثمار في مثل هذه الاحتياطيات ربما يتطلب حدا أدنى من سعر النفط يصل إلى 80 دولارا للبرميل كي يصبح مربحا.

وقد عمل ارتفاع أسعار النفط على إسراع عملية التضخم وأثار أعمال شغب في كل من الدول النامية والمتقدمة وهدد الاقتصاد العالمي بتأثير تراجعي.

وحذر وزراء المالية في الاتحاد الأوروبي مؤخرا من أنه في ظل عدم احتمال تراجع أسعار النفط إلى المستويات المنخفضة التي شهدتها في العقود السابقة فإن مثل هذه المشكلات قد تستمر إذا لم تبدأ الدول المستهلكة في تكييف اقتصادياتها مع ارتفاع معدلات التضخم على المدى الطويل.

يذكر أن مؤتمر النفط العالمي هو واحد من أهم الاجتماعات في مجال صناعة النفط حيث يجمع آلاف المندوبين من أكثر من 50 دولة.