السعودية «قلقة» من ارتفاع النفط.. و«الطاقة الدولية» تقول: نحن نعيش «الصدمة الثالثة»

خبير لـ «الشرق الأوسط»: المستثمرون يحتمون بالنفط كملاذ آمن من تقلبات الأسواق > مؤتمر النفط في مدريد يفشل في التوصل إلى توافق حول أسباب صعود الأسعار

TT

فشل مؤتمر النفط العالمي، الذي اختتم اعماله أمس في العاصمة الاسبانية مدريد، في التوصل الى توافق حول أسباب ارتفاع أسعار النفط العالمية وسط خلافات كبيرة بين الدول المنتجة والمستهلكة. وبعد أربعة ايام من الاجتماعات لنحو 3 آلاف شخص من القيادات السياسية والوزراء ورؤساء شركات الطاقة وخبراء النفط، خلال الدورة 19 لمؤتمر النفط العالمي في مدريد، ظهرت الانقسامات واضحة بين البلدان المستهلكة والبلدان المنتجة، إلا ان رئيس وكالة الطاقة الدولية نوبو تاناكا قال إنه في ظل تجاوز أسعار 140 دولارا للبرميل «بالتأكيد نحن نشهد صدمة النفط الثالثة». وصعد سعر النفط الى مستويات قياسية جديدة في وقت يسعى المستثمرون البحث عن «ملاذات آمنة» من تواصل البورصات العالمية وتقهقر قيمة الدولار. وقد ارتفع سعر النفط في العام الحالي اكثر من 50 في المائة في حين ان أسواق الاسهم تواصل تراجعها والدولار يهبط بشكل ملحوظ.

وسجل برميل النفط في لندن صباح امس سعرا قياسيا جديدا بلغ 146.34 دولارا بعدما تجاوز في نيويورك 145 دولارا، مدفوعا بالتوترات في الشرق الاوسط وهبوط مخزونات النفط الاميركية وضعف الدولار.

وفي هذا السياق أعربت السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، عن قلقها من الارتفاعات القياسية لاسعار النفط، مؤكدة انها ملتزمة بتواصل الحوار بين المستهلكين والمنتجين.

فقد أكد وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي أمس وجود أسباب أخرى وراء أسعار النفط المرتفعة حاليا غير نقص المعروض في الأسواق. وأضاف في تصريحات بمدريد إنه لا يوجد أي عجز في سوق النفط العالمية وأن الكميات المتاحة كافية تماما لتلبية الطلب على هذه السلعة المهمة.

وتأتي تصريحات الوزير السعودي في وقت قفز سعر النفط الى مستويات قياسية جديدة فوق 146 دولارا للبرميل أمس مع تهافت المتعاملين على الشراء قبيل عطلة نهاية اسبوع طويلة في الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم بمناسبة عيد الاستقلال.

وأرجع الوزير السعودي الأسعار المرتفعة حاليا إلى المضاربات بشكل أساسي، وكذلك إلى عوامل أخرى، منها انخفاض قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى، والتوترات السياسية في العديد من مناطق العالم، والكوارث الطبيعية، ومخاوف السوق من حدوث نقص في الإمدادات.

وقال النعيمي للصحافيين على هامش مؤتمر عن الطاقة في مدريد «الان عندما تجمعون كل هذه (العوامل) وتحاولون حساب السعر ستكون مهمة شاقة لأي أحد».

وكرر النعيمي ما قاله من قبل من أن المملكة مستعدة لضخ المزيد من النفط بشرط أن يطلب المشترون كميات اضافية. لكنه أضاف «اليوم كل زبائننا راضون وسعداء».

وردا على سؤال عما اذا كان النفط سيصل الى 150 دولارا للبرميل قال النعيمي «لو علمت ذلك لكنت الان في لاس فيغاس». إلا أن النعيمي قال ان المملكة لا تزال قلقة بشأن الاسعار المرتفعة، وأشار الى أن هذا القلق هو ما دفع العاهل السعودي الملك عبد الله الى الدعوة لعقد اجتماع استثنائي للمنتجين والمستهلكين في جدة الشهر الماضي.

وقال النعيمي «اننا قلقون بشأن مستوى سعر النفط اليوم.. ليست هناك أي قيود على العرض في سوق اليوم»، مضيفا «ما نشهده في سوق النفط العالمية تحركه عوامل كثيرة أهونها القلق بشأن الامدادات الفورية».

وكانت السعودية قد وعدت بزيادة الانتاج الى 9.7 مليون برميل يوميا هذا الشهر استجابة لارتفاع الطلب ليصل اجمالي الزيادة في انتاجها منذ مايو (ايار) الى 550 ألف برميل يوميا. وقال لـ«الشرق الاوسط» روب لافلين، وهو من كبار المتعاملين في مؤسسة «إم إف»العالمية المحدودة في لندن «مع تواصل ترنح اسواق الاسهم تحت ضغوط البيانات الاقتصادية السيئة وتراجع تحبيذ المستثمرين للدولار فان الأموال تتدفق الى النفط».

وتشهد السوق شائعات قوية بان مزيجا من ضعف الدولار الاميركي وانخفاض المخزونات الاميركية من النفط الخام، والتوتر بين اسرائيل وايران، سيدفع الاسعار نحو 150 دولارا للبرميل قبل انتهاء معاملات امس.

وكان بنك «مورغان ستانلي» الاستثماري قد قال في السادس من يونيو (حزيران) ان النفط سيصل الى 150 دولارا للبرميل بحلول الرابع من يوليو (تموز).

من جهته قال المحلل الاقتصادي اندريه كريوتشينكوف من مؤسسة «ساسدن»، التي تتخذ من لندن مقرا لها، «موضوع ضعف الدولار من المحتمل ان يستمر ويؤثر على معظم الاسواق. لكن في المدى الطويل، لا تزال اسعار النفط الخام تتلقى دعما جيدا من جانب التوترات الجيوسياسية واستمرار مخاوف تعطل الامدادات أو نقصها».