سيدة الأعمال نورة الشعبان لـ «الشرق الأوسط»: تأنيث المصانع السعودية يرفد الاقتصاد ويقلص البطالة

دعت إلى التركيز على تدريب الفتيات وإعدادهن لسوق العمل

نورة الشعبان
TT

أثارت فكرتها حول «تأنيث المصانع في السعودية» التي أطلقتها خلال منتدى سيدات الأعمال السعوديات الذي عقد في غرفة الشرقية أخيرا، كثيرا من الجدل بحسبانه يؤسس لمفهوم غير تقليدي، لكنها تنطلق بفهم مؤسس على تجارب عملية من خلال المحاضرات والدورات التدريبية التي تقدمها للسيدات، وبحسب رأيها، تعتقد سيدة الأعمال السعودية نورة الشعبان في الحوار الذي اجرته معها «الشرق الاوسط» أن هناك صناعات لا تصلح إلا للتأنيث، مبينة أن ذلك يرفد الاقتصاد السعودي بالعديد من الفوائد ويقلص حجم البطالة.

ودعت الشعبان إلى التركيز على التدريب المدروس المقنن الذي من خلاله نُعد ونهيئ فتياتنا إلى سوق العمل أو إلى مواجهة الآخر. وإلى تفاصيل الحوار. > أطلقتم فكرة عن تأنيث المصانع في السعودية، ما كنهها؟

ـ كنت من ضمن المشاركات في منتدى سيدات الأعمال الذي نظمته غرفة الشرقية، وحاولت ان انقل افكاري التي تبلورت عبر ملتقيات «ابداع» التي تنظمها مؤسستاي، وقد بلغت أربعة ملتقيات كان آخر منتدى بعنوان «فن القيادة وصناعة العلاقات العامة» والفكرة تدور حول امكانية استيعاب المواطنات السعوديات للأعمال التي تتواءم مع طبيعة المرأة بالمصانع، ويمكن ان تستفيد منها الكثير من الاسر، ويمكن ان تضم المطلقات والارامل، والسيدات اللاتي لم تسمح لهن ظروفهن بالتعليم وإكمال الدراسة.

وأنا لا أقول إن المصانع يمكن أن تكون للنساء فقط، بل فكرتي هي تهيئة أماكن وأجواء مناسبة، تلائم قيمنا، فيمكن ان تعمل المرأة في تعليب المواد الغذائية، وعلى الرغم من اني لا أضمن كيف ستكون نتائج عملية التعبئة مع العمالة الأجنبية، لكنني أضمن أن السعوديات المدربات يمكن ان يُجدنَ العمل خاصة ان التدريب لن يكون صعبا، لأن عملية التعليب عملية مصنعية، ولكن تحتاج إلى إشراف ومعالجات معينة.

ومن الأفكار الأخرى التي أراها في هذا السياق، تكثيف عمل المرأة في صناعة الزي الموحد الخاص بالمدارس الحكومية على سبيل المثال، فلكل مرحلة زي معين، وأيضاً يمكن أن يكون المصنع يعمل للجهات الأخرى كالشرطة وحرس الحدود والطيران وحتى عمال النظافة، وكل ذلك يصب في رفد الاقتصاد على أساس تحريك الأيدي العاملة نحو مواقع الإنتاج المناسبة.

> عرفت نورة الشعبان بأنها من المهمومات بأمور التدريب وتهيئة الشابات لمواجهة متطلبات الانخراط في موكب تنمية بلادهن لكن، إلى ماذا تعزين زيادة عدد المدربين والمدربات في مجال تنمية القدرات البشرية، ففي السنوات الماضية زاد العدد بصورة لافتة؟

ـ طبعا هذا شيء رائع جدا، بما أن هناك وعيا ويوجد إدراك لأهمية تطوير الموارد البشرية، فيجب حاليا التركيز على الاستثمار في العقول وليس الاستثمار في العمران أو في الأموال، لأن الاستثمار في العقول هو الذي يرتقي بالأمة ويرتقي بالوطن ويجعله معطاء، لأن أساس البشر ليس المال والعمران، وأنا يهمني أن ياخذ كل مختص باختصاصه فيكون التعليم من صميم مهام وزارة التربية والتعليم، والعمل يرجع لوزارة العمل، ومن المهم أن تكون هناك وزارة متخصصة في موضوع التدريب والتطوير، كما يجب أن يكون هناك مرجع يحدد المواصفات المطلوبة في المدرب حتى يكون مهيأ للقيام بمهام التدريب، بحيث يكون العمل الأساسي فيها عن هذا المجال. يجب أن نعرف مَن هم المدربون ومدى كفاءاتهم، بالإضافة إلى معرفة ما هي الأشياء التي يقدمونها، والمهم أن تعرف أهداف المدرب، فالتدريب العشوائي ينتج مخرجات عشوائية.

> كيف ترين وجود سيدات الاعمال في العمل الاقتصادي في المملكة خاصة مع بروز المشاركة بشكل لافت مؤخرا في كل من غرفة جدة والرياض والشرقية عبر مجالس ادارات الغرف؟

ـ تظل المرأة إنسانة منجزة في هذا المجتمع، وقد أثبتت فعاليتها ضمن النسيج المحيط بها، فهي إنسانة كفء، تحتاج فقط إلى الفرصة، ونحن قد بدأنا نأخذ هذه الفرصة، وهنا يعود الفضل الى الله سبحانه وتعالى ثم إلى خادم الحرمين الشريفين، الذي اختار ان يصطحب سيدات الأعمال معه في زيارته إلى الهند والصين، وهذه أول مرة في تاريخ المملكة يتم مثل هذا الحدث، وهذا دليل على أنها رسالة سامية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، لأنه أعطى فرصة للسيدات، وقال للسيدات (الخير جايكم)، وفي هذا الصدد نذكر صندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز، وكان عنوانه «استوصوا بالنساء خيرا». فأنا أتوقع أن توجهات الدولة هذه بالاهتمام بالمرأة ستتيح لها مجالات وتفتح لها الأبواب، التي اعتبرها الان قد فتحت بالفعل.

وفي المقابل نحن نحتاج إلى سيدات كفء وإلى سيدات يمكن ان يفتخر بهن الوطن، ولأجل هذا كنت أقول دائما إننا يجب أن نركز على التدريب المدروس المقنن الذي من خلاله نُعد ونهيئ فتياتنا إلى سوق العمل أو إلى مواجهة الآخر، فأنا لي حوالي سبع سنوات في سوق العمل، وقبل ذلك كنت أعمل لنحو ثماني سنوات في مجال التعليم، وتوقفت عن ذلك لأنني لا أحب الروتينية، فأنا أحب الإبداع والإنتاج، ولهذا اخترت اسم ملتقيات الإبداع، لأن هذا الشيء جعلني أقدم خبراتي ومهاراتي بإبداع لأخواتي ومن حولي باستمرار، فالمبدع دائماً يرتقي بنفسه ويرتقي بمن حوله.

> إلى أي مدى يدعمكن رجال الأعمال؟

ـ كثير من رجال الأعمال يدعمون المرأة، وشخصيا اعتبر نفسي من السيدات اللاتي يدعمهن رجال الأعمال، والله تعالى قال: (للإنسان ما سعى)، ولم يقل سبحانه للرجل أو المرأة، بل للإنسان ودائما أقول للسيدات إذا أردتن الخروج إلى سوق العمل، فان أشياء كثيرة مطلوبة منكن، أولها كيفية التعامل مع السوق الخارجي، يجب أن تكون المرأة كفء في التعامل مع هذا المجتمع، فالخروج إلى العمل يحتاج إلى سيدة تعرف كيف تقف أمام الأزمات وكيف يمكنها أن تتعدى العقبات وأقول لهن «لكي تكوني إنسانة ناجحة يجب أن تفكري في العقبات التي أمامك ثم تبدئي بإزالتها من الآن».

> الاموال المجمدة في البنوك، والشراء بترف، من اهم صفات المرأة السعودية، ماردكم؟

ـ نعم فالمرأة بشكل عام تمثل قوة شرائية قوية، وهناك نوع من النساء يهتم بالمظهر والمنظر، فيشترين بترف، وهناك نوع آخر من النساء يعرفن كيف يدرن أموالهن، وهذه من الأشياء التي تحتاج إلى توعية المرأة، ويلاحظ ان المرأة بدأت في الدخول مؤخرا في مجالات مختلفة، وهناك كثير من النساء نجحن في إدارتهن، واذكر على سبيل المثال السيدة لبنى العليان والسيدة ناريمان أباالخيل والدكتورة ناهد الطاهر والكثيرات قد استطعن إبراز اقتصاد المرأة السعودية.

> لكن، يؤخذ على المرأة أن هناك قطاعا كبيرا يحتفظ بالأموال بشكل لا يشارك في دفع حركة الاقتصاد والتنمية؟

ـ نعم هذه حقيقة، وربما انها لم تجد الفرصة أو ربما قد تكون خائفة من سوق العمل، أو ليس لديها دراسات أو خبرة في هذا المجال وتحتاج إلى من يساعدها ويعينها لتدرك وتعي سوق العمل، وهنا يأتي الدور الجوهري لرجال الاعمال، لأن رجل الأعمال سبقني وأنا لست من الناس الذين يقفون ضد رجال الأعمال، ولكني مع العدالة بين الرجل والمرأة، فكما هم رجال يأخذون كل هذه الأمور والصلاحيات، فنحن أيضا كسيدات أعمال لدينا الحق الذي يجعلنا نمارس حقوقنا وواجباتنا وكل الأشياء التي نحتاجها بكل سهولة ويسر.

> أين تقف الشركات النسائية من أعمال الخدمة الاجتماعية؟

ـ كل فرد يحتاج إلى توعية في هذا الموضوع، لأن تلك أشياء ترجع إلى الشركة والفرد، فهناك أشخاص يحبون الخير للآخرين بدون مقابل، على الصعيد الشخصي يسعدني أن أساعد وأقدم الخير للناس، كان لدي ضمن تدريباتي تدريب اسميته «تخلقي لتتألقي»، وكان ردود أفعال المتدربين رائعة، واذكر ان رسالة وردتني تقول صاحبتها إنها كانت تسهر طوال الليل وتنام طول النهار، وقالت ان التدريب غير طريقة تفكيرها نحو الإيجابية وإلى الأفضل. ويقولون إن أكثر الأوقات ظلمة هي التي تسبق الفجر، ونحن نحاول أن نصنع الذات قبل إدارة الذات، فأنا أعتبره كالمشروع. هذا المشروع يحتاج إلى صناعة ثم إلى إدارة بعد ذلك أطور وأقيم ومن ضمن الأشياء التي نطورها هي خدمة المجتمع. > هل تتوقعين على الواقع المنظور أن ترأس امرأة لمجلس ادارة احدى الغرف التجارية في السعودية؟

ـ لم لا، فالنساء قادرات على ذلك، لكن توجد بعض المناطق تشك في قدرة النساء، والآن كما يوجد في الإمارات لبنى القاسمي، فهي الآن وزيرة التجارة الخارجية، ويمكن التكلم عن كثير من النساء المناسبات لهذا العمل، فمن الكفاية أنها تقود جيلا بأسره، كالأم في المنزل، فإن الرجل ليس القائد على الدوام، وإذا رجعنا إلى السنة النبوية الشريفة فمثل خديجة بنت خويلد كانت سيدة أعمال، وقد كان من يعمل معها رجل ليس بأي رجل بل كان نبي الأمة، وقد أدركت كيف تقود هذه المسيرة، وساندت هذا الرجل ودعمته. أصبحت المرأة في هذا العصر قادرة على تولي القيادة لهذه المهام والمساعدة في تفعيل دورها لرفع اقتصاد هذا الوطن.