شركات الطيران «فوّلت» طوال يوليو وأغسطس

التذاكر تباع في السوق السوداء والمتاح إلى بيروت الرحلات غير المباشرة

مكاتب السفر: اذا اردت الحصول اليوم على تذكرة سفر باريس ـ بيروت عليك ان تدفع ليس اقل من 2000 دولار («الشرق الأوسط»)
TT

يكاد الحصول على تذكرة سفر الى بيروت يكون مهمة مستحيلة، هذا ما يعاني منه اللبنانيون الموجودون في الخارج، من مغتربين وطلاب، وكذا الراغبون في تمضية فصل الصيف في ربوع الوطن الأم. وقد ترافقت هذه الاستحالة مع ارتفاع أسعار تلك التذاكر بمستويات هي الأعلى منذ عشر سنوات. وبلغ الطلب على التذاكر حداً رفع سعر التذكرة ثلاثة أضعاف ما هي عليه في «الموسم الميت». وهذا الأمر يحصل انطلاقاً من اي عاصمة في الخارج، ولا سيما العواصم الأوروبية والخليجية، والولايات المتحدة وكندا.

وتأكيداً لذلك، فما عليك سوى أن تحاول الحصول على تذكرة عبر الانترنت حيث ستفاجأ بنفاد التذاكر لشهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، أي ان جميع شركات الطيران قد «فوّلت» وباعت جميع مقاعدها. واذا ما توفرت بعض المقاعد النادرة فهي تذهب الى السوق السوداء. وتقول مسؤولة في احد مكاتب السفر: «اذا اردت الحصول اليوم على تذكرة سفر باريس ـ بيروت مباشرة عليك ان تدفع ليس اقل من ألفي دولار، و3 آلاف دولار للعودة في 31 أغسطس (آب)، وفي الدرجة الاقتصادية بالطبع».

ويؤكد أكثر من مكتب سفر وسياحة ان الرحلات مع توقف متاحة، ولا سيما على الخطوط اليونانية، أو التشيكية، أو القبرصية، ولكن سعر التذكرة لا يقل عن ألف دولار من باريس باتجاه بيروت. «واذا كانت هذه الاسعار، كما تقول المسؤولة السياحية، تحبط السياح الاجانب، فان المغتربين والطلاب اللبنانيين الموجودين في الخارج يتحملون هذا «الوجع» لأنهم يصرون على المجيء الى لبنان والانضمام الى اهلهم وعائلاتهم، وهؤلاء يشكلون 85 في المائة من الوافدين على لبنان. وبامكان هؤلاء ان يشركوا اهاليهم بهذا «الوجع» من خلال التذكرة الالكترونية التي يدفع ثمنها في بيروت، وتطبع في بلد المصدر. ولا يتردد الزبائن في دفع مبلغ 1800 دولار ثمن تذكرة باريس ـ بيروت».

وتقتضي الإشارة الى ان سعر التذكرة يجب ان يدفع في مهلة اسبوع في اقصى حد، وان التعريفات تصاعدية حتى في الفئة نفسها. ويقول مسؤول في شركة طيران الشرق الاوسط (الميدل ايست) ـ شركة الطيران اللبنانية الوحيدة ـ «ان المقاعد في طائرات الشركة لم تعد مقسمة الى ثلاث فئات: درجة اولى، درجة الأعمال، والدرجة الاقتصادية، بل كل فئة باتت مقسمة الى عدة درجات ذات أسعار تصاعدية. فالفئة الاقتصادية مثلاً مقسمة الى 7 درجات، وفئة الأعمال مقسمة ثلاث درجات. ويتم بيع التذاكر ابتداء من السعر الأدنى وفي اتجاه صعودي. وفي الفئة الواحدة يختلف السعر بين الدرجة الدنيا والدرجة الأعلى بما بين 60 و70 في المائة».

ويعزو المسؤول هذا الارتفاع في الأسعار الى جسامة الرسوم ورسم الوقود والسعي الى الربحية «ففي مايو (أيار) تكون الطائرات شبه فارغة. وفي الخريف تنعدم الحركة. وخلال الصيف نعوض كل النقص ونحقق الربحية المرتجاة»، على حد قوله.

فعندما تبلغك موظفة مكتب السفر والسياحة بسعر التذكرة، تضيف عبارة «مع كامل الرسوم». والرسوم التي تدفع في مطار رفيق الحريري الدولي هي نفسها اياً كانت وجهة الرحلة وتبلغ نحو 36 دولاراً باستثناء قبرص والأردن. وفي مقابل ذلك يعتبر لبنان احد البلدان النادرة الذي يجزئ نفقات الملاحة تبعاً لدرجة حجز المسافر، وذلك من اجل زيادة العائدات والاستفادة من الحجم الكبير لزبائن الدرجة الأولى انطلاقاً من بيروت. يضاف الى ذلك تشكيلة من رسوم المقصد، المختلفة تبعاً لمطارات الاستقبال. ففي بعض البلدان، كفرنسا مثلاً، يضاف «رسم الأمان» الذي يراوح بين 7 و11 يورو، وفقاً للمطار المستقبل. وثمة بلدان اخرى، كهولندا مثلاً، بدأت بتطبيق «الرسم البيئي» (11.5 يورو) ابتداء من يوليو (تموز) الحالي. واذا كانت هذه الرسوم توزع على المطارات، فان شركات الطيران تحظى ببدل اصدار التذاكر ورسم الوقود اللذين يمثلان الأكلاف الرئيسية التي يدفعها المسافر.

وبهدف تجنب زيادة اسعار التذاكر تبعاً لتقلبات اسعار النفط، فان صناعة النقل الجوي أنشأت، منذ نحو عشر سنوات، ما سمته «رسم الوقود»، الذي يمثل الجزء الأساسي من الرسوم التي تضاف الى سعر التذكرة. وبعد ذلك لجأت بعض شركات الطيران، لحماية نفسها من ارتفاع اسعار النفط، الى القيام بعمليات شراء آجلة. لكن هذه العقود توشك على الانتهاء، مما سيدفع الشركات الى اعادة النظر في اسعار التذاكر في ضوء ما سيرسو عليه سعر برميل النفط.