تعديل الناتج المحلي الإماراتي يبرز مشاكل البيانات في الخليج

محاولات إصلاح نوعية المؤشرات الاقتصادية وتحسينها

أصبحت دول الخليج الغنية بالنفط محط أنظار العالم مع نمو اقتصاداتها بوتيرة أسرع من باقي الدول («الشرق الأوسط»)
TT

أدى الارتباك الذي أثاره تعديل مفاجئ في مقياس رئيسي للنمو في دولة الامارات العربية المتحدة هذا الاسبوع الى مطالب بتحسين نشر البيانات الاقتصادية مع تنامي اهتمام المستثمرين بمنطقة الخليج التي تشهد طفرة اقتصادية كبيرة.

وأصبحت دول الخليج الغنية بالنفط محط أنظار العالم مع نمو اقتصاداتها بوتيرة أسرع من باقي العالم بفضل أسعار النفط المرتفعة التي حققت لها ايرادات هائلة أقبلت الدول على استثمارها في عمليات استحواذ ضخمة في الدول الغربية والآسيوية. لكن البيانات الاقتصادية المنتظمة بما فيها اجمالي الناتج المحلي والتضخم والمعروض النقدي تكافح لمواكبة خطى النمو الاقتصادي، اذ أن قلة فقط من هذه الدول تصدر إحصاءات تفصيلية تصدر في توقيتات مناسبة أو تكشف مسبقاً عن مواعيد اعلان الاحصاءات. وفي اطار استعدادها للوحدة النقدية الاقليمية تحاول الاجهزة الحكومية في دول الخليج اصلاح وتحسين نوعية المؤشرات الاقتصادية ودقة مواعيد اعلانها. ويوضح ماريو ماراثفتيس، رئيس الابحاث في بنك ستاندرد تشارترد، «أصبحت هذه الاقتصادات الآن عالمية. وفي مجال الاحصاءات يمكن ادخال تحسينات كبيرة على مدى توفر البيانات.

وستستفيد السوق من معرفة جدول مواعيد اعلان البيانات والتحديثات الدورية». وأظهرت بيانات أرسلتها وزارة الاقتصاد لوكالة رويترز يوم الاربعاء أن دولة الامارات العربية المتحدة ـ ثاني أكبر اقتصاد عربي وخامس اكبر مصدر للنفط في العالم ـ عدلت بالخفض معدل النمو في عام 2007 الى ما يقدر بنسبة 5.2 في المائة من تقديرات سابقة بنمو بنسبة 7.6 في المائة. وفي ما يبدو انه تناقض في الموقف أصدرت الوزارة في وقت لاحق امس نفيا عن طريق وكالة أنباء الامارات قالت فيه انها لم تعدل بالخفض توقعات النمو الاقتصادي للعام الماضي، وأنها ملتزمة بمعدل النمو الاساسي، وهو 7.4 في المائة الذي أعلنته بتقرير في مارس (اذار) الماضي. وامتنع مسؤولو الوزارة عن التعليق على الفور على دقة البيانات التي قال بعض الاقتصاديين انها جاءت نتيجة تعديل كامل للاسلوب المستخدم في حساب الموازين المحلية.

وفي اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، قال صندوق النقد الدولي في تقرير عن الامارات ان نظام حساب الموازين المحلية يعاني من عدد من أوجه النقص تشمل عدم وجود برنامج شامل لجمع البيانات. واضاف ان الاساليب الاحصائية المستخدمة في احتساب اجمالي الناتج المحلي من خلال أوجه الانتاج والانفاق ليست سليمة. ويعتمد الاقتصاديون على البيانات الرسمية الاقتصادية الدورية في تحليل الاتجاهات الاقتصادية ولكن هناك ندرة في البيانات التي تصدر في توقيتات مناسبة في المنطقة. وعلى سبيل المثال، فان قطر والبحرين والكويت وسلطنة عمان لم تعلن بعد تقديرات لاجمالي الناتج المحلي عام 2007.

وفي مثال آخر، عدلت قطر اواخر يونيو (حزيران) نمو اجمالي الناتج المحلي بالاسعار الحالية لعام 2007 الى 25 في المائة من 12 في المائة الذي أعلنته في مارس. وذكر بعض الاقتصاديين في المنطقة انه ليست لديهم ثقة ببعض بيانات الاقتصاد الكلي لدول الخليج، وانهم يدرسون بدلا من ذلك اتجاهات الاقتصاد الجزئي مثل أداء قطاع البنوك واصدارات الديون للحكم على حالة الاقتصاد بشكل عام. ويجري حاليا أخذ اجراءات لتحسين البيانات الاقتصادية في منطقة الخليج. ومع نمو اقتصادات الخليج، يتسارع أيضا التضخم مع ارتفاع أسعار العقارات والمواد الغذائية. والامارات هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تعلن بيانات سنوية للتضخم، وإن كانت البيانات تصدر بعد شهور من نهاية العام. وبلغ التضخم في الامارات 11.1 في المائة العام الماضي.

وتعمل وزارة الاقتصاد الاماراتية مع صندوق النقد لتعديل المؤشر الحالي وبدء اعلان اتجاهات الاسعار بشكل شهري، اعتبارا من العام المقبل.

ومن المقرر افتتاح مركز للاحصاءات في ابوظبي يتولى تجميع واعلان بيانات اقتصادية واجتماعية عن الامارة بشكل دوري.