أثرياء الشرق الأوسط «يلوذون» بالاستثمار في القطع الفنية والأثرية

في ظل المناخ الاستثماري العالمي المضطرب

أحد المزادات لبيع لوحة فنية في نيويورك («نيويورك تايمز»)
TT

فيما يُعتبر تناقضاً صارخاً، ترسم الأزمة المالية العالمية المترتبة عن الرهن العقاري صورة مشرقة لدى أثرياء العالم الكبار، فبينما تعاني شرائح كثيرة من المجتمع، خاصة في الغرب، من تبعاتِ هزة الأزمة التي كانت أميركا مركزها، والتي زادها ارتفاع اسعار النفط والغذاء العالمية تعقيداً، فان أغنياء العالم، يواصلون صرف اموال طائلة لاقتناء القطع الفنية والأثرية الثمينة.

وفي هذا السياق، ذكرت الهيئة الملكية للمساحين في بريطانيا في تقرير حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن «القوة الشرائية للأثرياء الكبار خاصة من الشرق الأوسط وروسيا لها اثر ايجابي على قطاع القطع الفنية والأثرية الثمينة». ويُعتقد في هذا الاطار أن الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش، مالك نادي تشيلسي الانجليزي، دفع أخيراً 17.2 مليون جنيه استرليني (34 مليون دولار) لشراء لوحة للرسام لوسيين فرويد، وهو ما اعتبر مبلغاً قياسياً بالنسبة لرسام ما زال على قيد الحياة.

وأشارت الهيئة البريطانية في تقريرها إلى «أن الاثرياء الكبار مستعدون فقط للحصول على مقتنيات ذات قيمة تمكن من تحقيق عوائد عالية مستقبلا».

وبرغم ان الهيئة قالت إن قطاع اللوحات الفنية والقطع الاثرية الثمينة يعرف بعض التراجع بفعل التباطؤ المسجل في مبيعات المنازل، والذي ترتب عنه نقص في اللوحات والقطع المعروضة للبيع، فان «كريستي»، دار البيع بالمزاد العلني، سجلت الشهر الماضي، بحسب صحيفة «التايمز» البريطانية، مبيعات قياسية للوحات الفنية من المدرسة الانطباعية والفن الحديث ومن مدرسة ما بعد الحرب العالمية الثانية والفن المعاصر، حيث ثم بيع أكثر من 80 عملا بقيمة فاقت 500 ألف جنيه استرليني (مليون دولار)، فيما بيع 52 عملا بقيمة فاقت مليون جنيه استرليني أي (مليوني دولار). وتم بيع لوحة «نايمفيس» للفنان كلود مونيه مقابل مبلغ قياسي بلغ 41 مليون جنيه استرليني (42 مليون دولار).

وذكرت وكالة «بلومبيرغ» في تقرير لها في بداية هذا الشهر أن دور المزاد في لندن سجلت مبيعات قياسية للقطع الفنية بلغت خلال اسبوعين 558.8 مليون جنيه استرليني (1.1 مليار دولار)، وذلك مع دخول مستثمرين سعياً لتحقيق عوائد في ظل تعثر استثمارات أخرى.

وأكدت هيئة المساحين البريطانية أن سوق المقتنيات الفنية والأثرية قد يشهد تباطؤاً في المستقبل، غير انها شددت على أنه من «الأرجح ان يبقى الأثرياء الكبار على استعداد لدفع أموال كبيرة لقطع نادرة».

ويُعزى توجه الأثرياء الكبار للاستثمار في القطع الفنية والأثرية، على اعتبار، أنها «ملاذ آمن» في ظل الوضع الاستثماري العالمي المضطرب، خاصة في الغرب بسبب أزمة الرهن العقاري. ونقلت وكالة بلومبيرغ عن آلان هوبيرت من دار المزاد «بيمس» في لندن قوله «ليست هناك ثقة بأسواق الأسهم في الوقت الحالي، وقد أدرك بعض الناس ان هناك عوائد يمكن تحقيقها من وراء الفن». وفي تعليقه على هذا التوجه، قال جيريمي لاموند، المتحدث باسم الهيئة الملكية للمساحين في بريطانيا: المستثمرون الكبار يرون في القطع الفنية والأثرية بديلاً استثمارياً في ظل المناخ الاقتصادي المضطرب. لقد دعمت أزمة الائتمان أسعار مبيعات المقتنيات الثمينة جدًا (...) ان تكاليف المعيشة في تزايدٍ مما يجعل اقتناء القطع الأثرية بذخاً يتحمله القليلون فقط. ان الوضع ليس مرشحاً للتحسن في المدى القريب، لكن مع بقاءِ المستثمرين الكبار فان الشعور سيظل أن السوق مدعمة».