وصفة النمو المستمر: 13 دولة حققتها عالميا.. بينها عمان عربيا

د. محمود محيي الدين وزير الاستثمار المصري: قال لـ «الشرق الأوسط»: البعض اختار التنمية بثلث السكان وترك الباقي ولا نستطيع أن نفعل ذلك

د. محمود محيي الدين
TT

من بين 6 مليارات نسمة يعيشون على الارض هناك 65% منهم الان يعيشون في اقتصادات تنمو بوتيرة سريعة مقارنة بـ20% فقط من سكان العالم قبل 30 عاما. ويعيش ملياران في اقتصاديات تراوح مكانها او تتراجع. هذه الارقام التي اوردها تقرير حديث عن النمو صدر مؤخرا لمجموعة من الخبراء والاقتصاديين والسياسيين الحاليين والسابقين بما في ذلك اثنان من الحائزين لجائزة نوبل للاقتصاد تظهر ان العالم تقدم نحو وضع افضل عندما ظهرت فرص لم تكن متاحة سابقا في النصف الثاني من القرن العشرين، لكن التقدم متباين وليس ثابتا فمع تقديرات بان العالم سيزيد 3 مليارات نسمة بحلول عام 2050 يتوقع التقرير ان يعيش ملياران من هذه الزيادة في بلدان تحقق نموا ضعيفا او لا تحقق نموا على الاطلاق. «الشرق الأوسط» التقت في لندن بالدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار المصري، احد الشخصيات الـ19 التي اشرفت على التقرير فكان هذا الحوار ..

> هل هناك وصفة للنمو وهل هناك تجارب يمكن ان تحتذيها الدول النامية التي تحاول تنمية اقتصادياتها؟ ـ هذا ما يحاول هذا التقرير الذي جاء بعنوان تقرير النمو – الاستراتيجيات من اجل نمو مستمر والذي استغرق اعداده عامين واشرفت عليه 19 شخصية رئيسية تضم مونتيك اهلويليا نائب مفوضية التخطيط في الهند والدكتور بودينو محافظ البنك المركزي في اندونيسيا ولورد جون بروان الرئيس السابق لشركة بريتش بتروليوم وكيميل ديرفز من برنامج الأمم المتحدة الانمائي واليجاندرو فوكسلي وزير الشؤون الخارجية في تشيلي وشو شوك تونج الوزير ورئيس سلطة النقد في سنغافورة ودونوتا هوبنر مفوضة شؤون المناطق في لمفوضية الاوروبية وهي من بولندا وكارين جامتين الوزيرة السابقة للتنمية الدولية في السويد وبدرو بابلو كوشينكي رئيس الوزراء السابق في بيرو وداني ليبزيجر نائب رئيس برامج خفض الفقر والادارة الاقتصادية في البنك الدولي وتريفر مانويل وزير المالية في جنوب افريقيا والدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار في مصر وناغوزي اوكنجو ايويليا المدير الاداري في البنك الدولي وروبرت روبن رئيس مجموعة سيتي جروب الاميركية وروبرت سولو الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد والاستاذ في معهد ماساشوسيتا للتكنولوجيا في اميركا وكايكل سبينس الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد والاستاذ في جامعة ستانفورد وسير ك. دوايت فينر محافظ البنك المركزي لشرق الكاريبي وارنستو زيدليو مدير مركز دراسات العولمة في جامعة ييل الأميركية وشو زوكشان محافظ البنك المركزي في الصين. وشارك نحو 300 من الاكاديميين والخبراء في ورشات واوراق عمل.

> على ماذا ركز التقرير؟

ـ ركز على الدول التي حققت نموا عاليا خلال فترة زمنية طويلة لدراسة ما فعلته ووضع شرطين اساسيين هما ان تكون الدولة حققت نموا ليس اقل من 7% سنويا ولمدة 25 عاما. ووجد ان هناك 13 دولة فقط في العالم حققت هذين الشرطين، والدولة العربية الوحيدة بين الـ 13 دولة هي سلطنة عمان.

> ماهي هذه الدول الـ 13.. وماذا يقول التقرير؟

ـ الدول الـ13 هي بوتسوانا والبرازيل والصين وهونج كونج ( عادت الى الصين) واندونيسيا واليابان (تغير وضعها لاحقا) وكوريا الجنوبية وماليزيا ومالطا وسلطنة عمان وسنغافورة وتايوان وتايلاند. زالتقرير يقول ان النمو ليس هدفا في حد ذاته لكنه وسيلة لتحقيق اهداف وطموحات الافراد والمجتمعات. وبينما يعدد 5 عوامل مشتركة بين الدول الـ13 فانه يقول انه لا توجد وصفة واحدة فلكل دولة ظروفها. هذا التقرير مدهش في نتائجه، يقول محمود محيي الدين: فقد عشنا لفترة طويلة في اطار مايعرف بتوافق واشنطن (washington Consensus) الذي يعتمد على نظرية (حقق الاستقرار.. خصخص.. حرر) وكانها قواعد مقدسة لا يمكن الحياد عنها ولو باقل قدر من المرونة او التغيير. وعلي عكس بعض المحاولات التي كانت تستهدف ما يعرف بتوافق واشنطن وتريد القضاء عليها فان التقرير انتهى الى اخذ المنهج العملي في التعامل مع الامور أي اننا لم نرفض شيئا باعتبار مصدره، وبالتالي فان التقرير قال ان كل يؤخذ منه ويترك (المقصود النظريات الاقتصادية) ويكون هناك فلتر وقدرة على التمييز بمعنى انه اخذ منهجا عمليا وليس نظريا.

> ما هي المعايير التي وضعها التقرير في اختياره لهذه الدول؟

ـ نظرت المجموعة المعدة للتقرير الى الدول التي حققت نموا اقتصاديا حقيقيا لفترة طويلة من الزمن بمعدل لا يقل عن 7% سنويا ولمدة لاتقل عن 25 عاما. فوجدت على مستوى العالم ان هناك 13 دولة فقط هي التي حققت هذين الشرطين الـ7% والـ25 عاما. وأن هناك دول حققت معدلات نمو 10% ولكن لفترة تقل عن الشرط الزمني المحدد، وهناك دول حققت نموا مستمرا على مدار 25 عاما ولكن بمعدلات 3و4% بما لم يحقق اهداف التنمية بمعنى انها لم تحقق زيادة ملموسة في الدخول ولم تطور معدلات التنمية البشرية وتقضي على مشكلة الفقر او حجمت منها ولم تحسن رعاية الصحة والتعليم وخلافه. وظهرت النتيجة ان الدول الـ13 متركزة اساسا في اسيا. هذه الدول نحتاج الى ان ننظر اليها. > هل هناك نمط اسيوي معين يقتدى به؟ ـ كلنا اطلع في وقت من الأوقات على كتابات الدراما الاسيوية بعد الاستقلال والحرب العالمية الثانية. الوضع اختلف حاليا وهذه الدول هي الان الاعلى نموا والأكثر ازدهارا والكلام لا يزال للدكتور محمود محيي الدين. ويتابع: في دراسة اخرى اقل عمقا من هذه وجدت ان بعض الدول الاوروبية في توقعاتها للمستقبل ل 2030 و2040 تتنبأ بان ان الدول العشر الكبرى اقتصاديا وقتها سيكون بينها 6 دول اسيوية على الاقل وقد لا تكون هناك دولة اوروبية منفردة بين هؤلاء الـ10 قد يكون الاتحاد الاوروبي ككل ولكن ليس دولة اوروبية منفردة وحدها بما في ذلك المانيا. هذه بعض التوقعات في ضوء معدلات النمو الحالية.

> هل هناك اشياء مشتركة بين الدول الـ13؟

ـ نعم.. ان الفريق وجد ان هناك 5 اشياء مشتركة بين الدول الـ13 التي حققت شرطي التقرير.

اولا ـ كان هناك توجه نحو الاندماج بالعالم الخارجي وزيادة التصدير وزيادة الاستثمارات الاجنبية المباشرة وزيادة في الارتباط بالمعارف الخارجية وهذا ما يؤكده التقرير اكثر من مرة بمعنى العلم النافع أي الاشياء التي يمكن تطويرها وادخالها في الحياة والنشاط الانساني. ثانيا_ هو الاتجاه نحو المستقبل بمعنى ان المسألة لم تكن فقط جذب الاستثمارات الاجنبية لكن ايضا الاهتمام بالاستثمار المحلي وزيادة الادخار المحلي، وفي هذا المجال اهتمت هذه الدول بزيادة التراكم الرأسمالي خاصة في مشروعات البنية الاساسية مثل الطرق والكباري والنقل والمياه ومرافق التعليم والصحة، وانفقت هذه الدول ما يعادل 5 الى 7% من ناتجها المحلي الاجمالي على البنية الاساسية.

ثالثاـ احترام قواعد السوق دون الانحراف عن ذلك وعدم تغليب بعض الافكار الشعبوية التي يمكن ان تفرح الناس لفترة قصيرة ثم يحزنوا بعد ذلك، فمن ثبت سعر سلعة خلق سوقا سوداء ومن وضع سقفا للايجارات ازال لافتة شقة للايجار لعشرات السنوات، ويقول وزير الاستثمار المصري انه لا يتحدث هنا عن ظاهرة مصرية او عربية ولكن عالمية فعدم احترام قواعد السوق قد يفرح لفترة لكن في يوم من الايام سيأتي احد اخر ويدفع ثمن الفاتورة غاليا، وهذا ينطبق على كل الاسواق النقل الخضروات السكن، هذا واحد من الامور التي رأيناها مهمة، قد يمكن الانحراف عن هذه القاعدة لفترة مؤقتة في وقت الازمات لا يمكن ان يكون هو النمط السائد. رابعا _ الاهتمام بالاستقرار الاقتصادي أي السيطرة على معدلات التضخم وعجز الموازنة عليه معول كبير؟

خامسا واخيرا ـ الاستقرار السياسي > الاستقرار السياسي هل يعني نظاما معينا؟

ـ التقرير لم يبشر بنظام سياسي معين ولم يقل إن الديمقراطية الغربية هي الشكل الوحيد الذي يمكن ان يحافظ على الاستقرار الاقتصادي، لكنه اكد على بعض الثوابت منها احترام حقوق الانسان، الامن والامان في المجتمع، الاستقرار بمعنى قدرة المواطن على التنبؤ بالمستقبل أي انه لا يعيش تحت هاجس ماذا سيحصل غدا لو استبدلت الحكومة، فالحكومات تتغير، ولكن الثوابت يجب ان تبقى ثابتة كما يحدث في بعض الدول الغربية، و الثوابت تطمئن الناس على اشياء رئيسية منها حقوق الملكية وحقوق العمل وحقوق التجارة في البعد الاقتصادي. > ما النظام السياسي الذي يضمن ذلك؟

ـ وجدنا ان هناك عدة اشكال له فلا تستطيع ان تقول ان النظام السياسي الماليزي يكافئ تماما السنغافوري او الصين او ان الديمقراطية اليابانية قريبة من الديمقراطية البرازيلية، ستجد ان هناك بعض الدول تتمتع بنظم ديمقراطية مثل البرزايل واليابان وكوريا الجنوبية اخيرا ودول لم تعرف ذلك على الاطلاق مثل الصين وغيرها. وحتى في مجال حريات الاعلام هناك تفاوت كبير بين اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة ولكن ما يجمع هذه الدول هو الاستقرار. لقد خرجنا بفكرة الدولة القوية والسياسات البراغماتية العملية، ولا نعني بالدولة القوية الباطشة او المسيطرة، ولكن الدولة التي تحمي الحقوق والقانون ودولة المؤسسات التي لا يوجد فيها مجال للتمييز غير العادل. وان يكون هناك مجال للفرصة العادلة في كل شيء، وهنا اكد التقرير ان الفرصة العادلة لا تؤدي الى نتائج متساوية بمعنى ان اثنين تنافسا على شيء مثل وظيفة وحصل عليها احدهما بينما الثاني لم يستطع ان يجاريه فلن يشكو الخاسر من ان احدا حابى الفائز. ويؤكد التقرير على وجود فرص متساوية في المجتمع لك ولابنائك في التعليم والرعاية الصحية والانتقال داخل البلد، فعندما يحظى الجميع بذلك تنطفئ نار الحقد او النقمة والشعور بعدم العدالة وتبقى نار المنافسة.

> اللجنة اختارت 13 دولة بينها مثلا سلطنة عمان فقط في الدول العربية في حين ان هناك دولا أخرى حققت طفرات اقليميا ودوليا ؟

_ التقرير اخذ معيارا قد يكون جافا ولكنه عادل من خلال الشرطين اللذين وضعا قد تكون هناك دول عربية حققت طفرات اقتصادية ولكن خلال فترة زمنية اقل، وطبيعي عندما تقود سيارتك لمسافة طويلة بسرعة ثابتة 50 كيلومترا في الساعة ثم يأتي احد بعدك ويقود سيارته بسرعة 100 كيلومتر في الساعة ان يلحق بك في زمن اقل. فنحن لا نقلل من شان دول حققت معدلات نمو 10% فمثلا الهند خارج الـ13 دولة لان معدلات 9و10% حققتها في السنوات العشر الاخيرة فقط وقبل ذلك كانت تنمو بمعدل 3%، ونتوقع مستقبلا ان تلحق دول مثل جنوب افريقيا ومصر بهذا الركب.

> الدول التي حققت معدل نمو مرتفعا على مدار 25 عاما تعرضت بالتأكيد تعرضت لعدة دورات مر بها الاقتصاد العالمي من نمو وركود، في الظروف الحالية التي يبدو فيها الاقتصاد العامل متجها نحو الركود هل يمكن الاستمرار في النمو؟

ـ الخطر الذي يواجه الاقتصاد العالمي حاليا هو ارتفاع عام في معدلات التضخم مصحوبا بالركود، لكن المتابعة تظهر ان الدول النامية والدول ذات الاسواق الناشئة مسؤولة اليوم عن النمو بعد التراجع في الولايات المتحدة والمشاكل في الاتحاد الاوروبي وبعض المراكز المتقدمة. المثير ان هذه الدول تحقق النمو باشكال مختلفة، فالصين من خلال التصدير والتصنيع ودول اخرى مثل سنغافورة من خلال الخدمات وهناك دول نامية تحقق معدلات نمو عالية بسبب السلع الاولية نتيجة تغير ظروف التبادل التجاري العالمي فقد حصلت طفرات في اسعار السلع الاولية مثل النفط والغاز والحديد والنحاس وحتى خام الفوسفات، فالمغرب مثلا يتبع سياسات جيدة جدا في مسالة تعامله مع هذه الثروة والى حد كبير الاردن، ومصر مؤخرا. والسؤال في العالم الان هو هل سيكون الركود عميقا او خفيفا قصيرا او طويلا. لكن بالنسبة الى المنطقة العربية فان كل دولة تحتاج الى مراجعة سياستها على صعيد اذا ما كانت هناك زيادات في عجز الموازنة او سياسات نقدية هشة او غير منضبطة، فيتم ضبطها، او اذا كانت هناك مشاكل في سعر الصرف نتيجة الارتباط بالدولار الذي يجعل الاقتصاد يستورد التضخم ولذلك اتوقع ان تجري مراجعات حول ذلك في العامين المقبلين.

> لكن الدول المرتبطة بالدولار استفادت من ذلك لفترة طويلة؟

_ وهذا ما نتحدث عنه في تقرير اللجنة عن الدولة القوية ذات السياسات البراغماتية فاذا استفدت اليوم من شيء قد لا يكون مفيدا لك غدا، ونحن في مصر كان الاقتصاد لدينا يقترب من المدارس العقيدية، حتى تركنا سعر الصرف لقواعد السوق في 2003 واصبح يديرها البنك المركزي بدون تدخل الحكومة، والنتيجة اختفت السوق السوداء وارتفع سعر الجنيه. وفي رأيي ان الاقتصاد لا يرقى الى أن يكون عقيدة أو مذهبا فهناك مجموعة كبيرة جدا من الادوات لا يجب ان تهدرها لانك تتمسك بعقيدة معينة، والادوات ليست مهمة لكن المهم النتائج.

> هل عائد التنمية يصيب الجميع، هناك دول تحقق معدلات نمو عالية لكن لازالت قطاعات فيها غير مستفيدة فالبرازيل مثلا بها فقر وكذلك الهند وقطاعات من السكان في الصين لم تستفد؟

ـ هناك مستضعفون ومهمشون، وهناك سياسات لإدخال هذه الشرائح في الاقتصاد، وما يميز التجربة المصرية وعددا من الدول العربية ان سياسات التنمية فيها لا تترك احدا وراءها، وتهدف الى احتواء كل مواطن داخلها، فهناك تجارب اخرى في العالم لا اريد ان اسميها قالت انها ستقوم بالنمو والنهوض بثلث السكان والباقي يتفرج او لا يستفيد، والمطلوب ان يكون الكل في هذه العملية على الاقل في التعليم والصحة.

> وهل هذا ممكن؟

_ هذا ممكن.. وهذا ضروري ولم يسمح لك أحد خاصة في حالتنا بان تتمتع فئات دون الاخرى.

التقرير في جزء الاخير يحدد 4 تحديات تواجه العالم هي التغيرات المناخية وانخفاض اسعار المنتجات المصنعة وارتفاع اسعار السلع الاولية والخدمات والمشاكل الديموغرافية نتيجة تغيرات الهرم السكاني في بعض البلدان والحوكمة على مستوى العالم بشأن القدرة على التنسيق والتفاعل العالمي لمشاكل الاقتصاد.

> في الوضع الاقتصادي العالمي الذي يشهد ركودا وارتفاعا في السلع الاساسية، اين تقع المنطقة في الميزان في كفة الرابحين او الخاسرين؟

ـ يختلف الوضع من المغرب الى الخليج طبعا هناك دول استفادت من ارتفاع اسعار النفط واتوقع زيادة كبرى في عائدات دول اساس اقتصادها زراعي او معتمد على سلعة اولية مثل حالة الفوسفات في المغرب وموريتانيا، والسودان مثلا اصبح دولة جاذبة جدا للاستثمارات الاجنبية. في مصر نقول اننا سنحافظ على معدل نمو 7% بينما تزيد الصادرات 305 سنويا والاستثمارات الاجنبية تضاعفت من 2 مليار دولار الى 11 مليار دولار العام الماضي، وكنا نتمنى ان يكون الاقتصاد العالمي في مرحلة نمو بمعدل اعلى.

> لكن المشهد السائد هو احتجاجات اجتماعية في اكثر من بلد؟

ـ طبعا هذه الزيادات تحققت في دول دون دول، وحتى داخل الدولة الواحدة هناك تباين بين القطاعات، ففي الحالة المصرية النمو في قطاعي الاتصالات والصناعة يفوق 7% لكن الزراعة 3.7% والنقل بين 3و4% وهذا يعني ان العاملين في هذه القطاعات معدلات نمو دخولهم اقل. وبالنسبة الى الاحتجاجات فقد اصبحت حرية التعبير واظهار حرية رأيك اكثر انتشارا، وبالتالي اصبحت هناك حركات احتجاجية، وانا من الناس الذين يرون ان هذه صورة حيوية شرط ان تكون في الاطار السلمي وألا تؤثر على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

> تثار كثيرا مسألة دعم الطاقة فاذا اخذنا الحالة المصرية نجد ان مخصصات الدعم تفوق بأضعاف ما يخصص للتعليم أو الصحة؟

ـ الترتيبات التي عقدت منذ السبعينات لا يمكن ان ننهيها في اسبوع او حتى 70 يوما، وقد قمنا بمراجعات هامة في اسعار الوقود في 2004 و2006 وصيف 2007 وفي مايو 2008، وهي تعتبر الأهم في مراجعة اسعار الوقود اما للاغراض الصناعية او الاستهلاك، وكان سيترك اثره بشكل جيد حيث حدث ذلك عندما كان سعر البترول 28 و35 دولارا للبرميل، الان اضيف 100 دولار الى ذلك وهذا له اثره طبعا، ولكن في رأيي الذي يقوم بهذا الموضوع لا يجب عليه ان يحطم السفينة لان المسألة تحتاج الى قدر من التوازن، فالمسألة ليست شجاعة فقط في القرار ولكن حساب الاثر على التضخم وعلى الفئات الاضعف في المجتمع وعلى تنافسية الاقتصاد وعلى تأثير ذلك على الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة.

4 تحديات تواجه العالم > تحدث تقرير لجنة الـ 19 عن 4 تحديات تواجه العالم هي التغيرات المناخية وتغيرات الاسعار النسبية والمشاكل الديمغرافية والحكومة على مستوى العالم.

على صعيد التغيرات المناخية يعتبر التقرير ان الدول الافقر هي الاقل اسهاما في هذه التغيرات المناخية من حيث انبعاث الكربون لكنها تدفع الثمن مباشرة او بشكل غير مباشر بحكم نقص وسائل الوقاية لديها ويدعو الدول المانحة الى القيام بالجهد الاساسي في منع الاضرار.

ويرصد التقرير ظاهرة اعتبرها جديدة هي تراجع اسعار السلع الصناعية وارتفاع اسعار السلع الاولية والخامات والتي قد تعود بالنفع على منتجيها، بينما خفضت الصين والدول الصناعية الجديدة اسعار المنتجات المصنعة بما حقق شبه انقلاب في شروط التبادل التجاري العالمي.

المشكلة الديمغرافية تتمثل في ارتفاع متوسط الاعمار نتيجة تحسن الرعاية الصحية وانخفاض معدلات الانجاب والخصوبة بما يرتب تحديات على معدلات النمو والطلب خاصة في الدول الصناعية ولارتفاع نسب الاعالة بالنسبة الى الذين وصلوا الى سن التقاعد بما يرتب اختلالات في انظمة التأمينات الاجتماعية، وعلى الجبهة الاخرى في العالم النامي هناك نمو للسكان وارتفاع في بطالة الشباب، ويرصد التقرير تعقدا في المشكلة السكانية بسبب قيود حركة العملة والهجرة ويدعو الى تنسيق دولي يحقق مرونة في هذا المجال.

التحدي الرابع هو التنسيق الدولي والتفاعل على المستوى العالمي لمشكلات الاقتصاد التي يعتبر انها لم تعد محدودة بدولة او حتى مجموعة من البلدان متجاورة جغرافيا. ويشير الى انه مع ما يشهده العالم من تحديات مستجدة فان الامر يتطلب بناء مؤسسيا جديدا وقواعد عادلة لادارة النشاط الاقتصادي العالمي.