أزمة شركتي «فاني ماي» و «فريدي ماك» تضرب البورصات العالمية

الذهب يلمع من جديد وسط صعود قوي للنفط وتراجع الدولار

متعاملون في بورصة نايمكس للنفط حيث قفز النفط بشكل قياسي (ا.ف.ب)
TT

تلقت شركتا «فاني ماي» و «فريدي ماك»، اللتان تمثلان عماد صناعة الرهن العقاري في أميركا، ضربة شديدة نتيجة أزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة، حيث هبطت أسهمهما بقوة وارتفعت تكاليف الاقتراض. كما بدأ المستثمرون الشعور بالقلق من ان الشركتين ربما تعانيان من خسائر أكبر بكثير من خسائر 11 مليار دولار في الأشهر الأخيرة، وأنهما قد تحتاجان نحو 77 مليار دولار قبل تنفيذ خطط الإنقاذ الحكومية. يشار هنا الى ان أسهم الشركتين فقدت نحو 80 في المائة من قيمتها منذ بداية العام الحالي طبقا للأرقام التي أورها موقع «بلومبيرغ» المالي.

وفي إطار خطة الحكومة، التي كشفت النقاب عنها أمس صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية فان أسهم الشركتين ستقيم قيمتها بمبالغ قليلة أو لا شيء. في حين أن الخسائر نتيجة الرهون العقارية التي بحوزتهما، وهي تمثل نحو نصف قيمة الرهون العقارية الاميركية والتي تبلغ 12 تريليون دولار، سيكون على دافعي الضرائب تمويلها. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين حكوميين ان الإدارة الاميركية تدرس الدعوة الى إقرار تشريعات من شأنها ان توفر ضمانات حكومية صريحة على 5 تريليونات دولار من الديون التي تملكها أو مضمونة من قبل الشركتين. ولكن هذا هو الخيار أقل جاذبية الآن، على حد قولهم، لأن من شأنه ان يزيد بشكل فعلي حجم الدين العام. وقال المسؤولون أيضا ان مثل هذه الخطوة لن تكون فعالة، لان الأسواق بالفعل تعلم على نطاق واسع ان الحكومة سوف تتدخل. وشدد المسؤولون المعنيون في المناقشات على ان اي إجراء من جانب الإدارة ليس وشيكا، وان الإدارة لا تعتبر الشركتين في حالة أزمة. وقال بعض المحللين، بحسب الصحيفة، إن الخطة التي أوردتها صحيفة «نيويورك تايمز» ستؤذن بانتهاء الأزمة التي شهدها القطاع المالي. لكن آخرين قالوا ان مجرد التفكير في هذه الخطة يشير الى أن الأزمة شديدة السوء ويجب ألا ينظر إليها على أنها عامل ايجابي للاقتصاد الاميركي والدولار والأسهم.

وألقت أزمة الشركتين بظلالها على البورصات العالمية حيث انخفضت الأسهم الاميركية عند الفتح في وول ستريت أمس وسط مشاعر قلق بين المستثمرين من اتساع آثار أزمة الائتمان على القطاع المالي واستقرار مؤسستي التمويل العقاري المدعومتين من الحكومة «فريدي ماك» و«فاني ماي».

وهبط مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الاميركية الكبرى 163.00 نقطة أي ما يعادل 1.45 في المائة ليصل الى 11066.02 نقطة. وهوى مؤشر ستاندرد اند بورز 500 الأوسع نطاقا 16.02 نقطة أو 1.28 في المائة مسجلا 1237.37 نقطة.

وانخفض مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 34.03 نقطة أو 1.51 في المائة الى 2223.83 نقطة.

وواصلت الأسهم الأوروبية تراجعها أمس لتهوي فترة قصيرة أكثر من اثنين في المائة مسجلة أدنى مستويات لها في ثلاث سنوات وذلك بعد فتح الأسواق الاميركية على هبوط حاد أوائل المعاملات.

وشعر المستثمرون على جانبي الأطلسي بقلق من أنباء في صحيفة «نيويورك تايمز» مفادها بان الحكومة الاميركية تدرس وضع يدها على مؤسستي التمويل العقاري (فريدي ماك وفاني ماي) اللتين أصبحتا مهددتين بالتعرض لنقص في رأس المال بسبب الحالات المتزايدة لحبس العقارات المرهونة والتخلف عن الوفاء بالديون.

وتضررت الأسهم أيضا من صعود أسعار النفط الى أكثر من 145 دولارا للبرميل واستمرار التوترات السياسية في الشرق الأوسط.

وتراجع مؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى 1.7 في المائة الى 1137.80 نقطة بعدما انخفض في وقت سابق من الجلسة الى 1132.04 نقطة أدنى مستوى له منذ أوائل يوليو (تموز) 2005 بحسب آخر أرقام رويترز.

وفي اليابان تراجعت الاسهم بنسبة 0.2 في المائة في المتوسط في نهاية التعاملات في بورصة طوكيو للاوراق المالية أمس بقيادة أسهم شركات التصدير مثل «كانون» مع تزايد حذر المستثمرين قبل بدء اعلان نتائج أعمال البنوك الاميركية الاسبوع المقبل.

وكانت سوق الاسهم قد ارتفعت في تعاملات بعد الظهر بفضل تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» جاء فيه ان الحكومة الأميركية تفكر في تولي السيطرة على شركات التمويل العقاري المتعثرة بشدة. وانخفض مؤشر نيكي القياسي لاسهم الشركات اليابانية الكبرى 27.52 نقطة أي بنسبة 0.2 في المائة لينهي اليوم على 13039.69 نقطة. وهبط مؤشر توبكس الاوسع نطاقا بنسبة 0.4 في المائة الى 1285.91 نقطة.

وفي رد فعل على هذه الأنباء السيئة وبحث المستثمرين عن ملاذ آمن ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية الى أعلى مستوى منذ أربعة أشهر ليصل الى 961.40 دولار للأوقية (الاونصة) أمس مع ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية وتراجع الدولار.

ويميل الذهب الى مسايرة الخام إذ أن المستثمرين يعمدون الى شرائه كوسيلة للتحوط من التضخم الذي يقوده النفط. ويعزز صعود اسعار النفط ايضا من جاذبية السلع الاولية.

وبلغ الذهب 959.10 ـ 960.10 دولار للأوقية بالمقارنة مع 944.10 ـ 945.30 دولار في أواخر المعاملات في نيويورك أول من أمس الخميس.

وتحدد سعر الذهب في جلسة القطع المسائية في لندن أمس على 962.75 دولار للأوقية (الاونصة) ارتفاعا من 949.00 دولارا في جلسة القطع الصباحية. وبلغ سعر الذهب عند الإقفال السابق في نيويورك 944.10 ـ 945.30 دولار للأوقية طبقا للارقام التي أوردتها رويترز.

لكن في المقابل هوى الدولار مع تراجع أسواق الأسهم هذا الأسبوع لتزايد التوترات بين المستثمرين بشأن بيع أسهم الشركتين وسنداتهما، الأمر الذي سلط الضوء على ضعف أسواق المال بعد ما يقرب من عام من بدء أزمة الرهون العقارية عالية المخاطر.

وهوى الدولار أمس تحت ضغط من اشتداد المخاوف بشأن القطاع المالي الاميركي بعد أنباء ان الحكومة تدرس وضع يدها على مؤسستي التمويل العقاري (فاني ماي وفريدي ماك).

وانتعش الدولار بادئ الأمر إذ أحس المستثمرون بارتياح أملا في أن يكون هذا الإجراء الحكومي إيذانا بنهاية متاعب القطاع المالي لكن لم يلبث هذا التفاؤل ان تبدد.

وسجل اليورو أعلى مستوى له في أسبوع فوق 1.5885 دولار مرتفعا نصف نقطة مئوية عن إغلاق اليوم السابق. وهبط مؤشر الدولار 0.5 في المائة الى 72.153 بعد ان سجل أدنى مستوى له في أسبوع 72.107 ومقابل الين هبط الدولار 0.9 في المائة الى 106.14 ين.

وساهم صعود أسعار النفط أيضا وتراجع أسواق الأسهم العالمية في ضعف الدولار. فارتفاع تكاليف الطاقة يضر بالدولار لان الولايات المتحدة مستهلك رئيسي للنفط. هذا وارتفع سعر صرف العملة الأوروبية اليورو أمام الدولار الاميركي أثناء التعاملات بعد ظهر أمس وسجل اليورو 1.5908 دولار.