رغم المخاوف.. مزيد من الاستثمارات في الطاقة الشمسية

ما يتحكم في القطاع هو السلع وليس التقنية

التكلفة الخاصة بالطاقة الشمسية بدأت تتحسن بالنسبة لمقدمي خدمة الطاقة والمستهلكين («نيويورك تايمز»)
TT

عندما جلس ريك حنا وعدد من المحللين المتخصصين في الطاقة بشركة «مورنينغ ستار» بشيكاغو لمناقشة أسهم الطاقة الشمسية، كان السؤال المطروح هو: هل ثمة مخاطر تحدق بقطاع الطاقة الشمسية؟ يعد ذلك تساؤلا مشروعا على خلفية الوضعية المتقبلة لقطاع الطاقة الشمسية، فخلال عام 2007، ارتفعت قيمة أسهم الطاقة الشمسية، لتحقق أرباحا في المتوسط تصل قيمتها الى 200 في المائة، ثم عادت إلى التراجع خلال الجزء الأول من العام الحالي. وفي 16 أغسطس (آب) 2007 كان سعر سهم شركة «فريست سولر» يبلغ 74 دولارا، وارتفعت قيمته إلى 317 دولارا في منتصف شهر مايو (أيار) من العام الحالي. وخلال العام الماضي، قل المعروض من أسهم العرض المبدئي العام الخاص بالشركات المستثمرة في مجال الطاقة الشمسية. يذكر أن ما يتحكم في قطاع الطاقة الشمسية هو السلع وليس التقنية، أي أن الانخفاض في أسعار البترول الخام سيكون له تأثير لأن ذلك يؤثر على القدرة التنافسية لأسعار الطاقة الشمسية. كما أن هناك نقصا مستمرا في الـ«بولي سيليكون»، وهي المادة الخام الرئيسة التي تستخدم لعمل معظم المنصات الشمسية. وعلى الرغم من الحديث في الفترة الأخيرة عن توسعات في قطاع الطاقة الشمسية، ما زال القطاع غير ثابت في إمداداته. وفي مايو (ايار)، أعلنت شركة «مورنينغ ستار» أن السعر الفوري للمادة الخام يبلغ 500 دولار للكيلو غرام. ويقول حنا أنه مع أن الأسعار المدرجة في العقود ما زالت أقل من هذا المستوى، فإن القيود على الإمداد قد تقلل من الإنتاج الكلي. ورغم أن هذه العوامل قد تؤثر كثيرا على المستثمرين، فإن أكثر الأمور حساسية، حسب حنا، هو الشكوك التي تحيط بالسياسية العامة. ويقول حنا: « يعتمد هذا القطاع على الدعم الحكومي، ولذا إذا قامت الحكومة بأي تغير في دعمها الذي تقدمه لقطاع الطاقة، فسيؤثر ذلك بشكل كبير على هذه الصناعة.» بعد أشهر من النقاش، مرر البرلمان الألماني قانونا في يونيو (حزيران) يقلل دعم المستهلك المخصص لعمليات شراء الطاقة الشمسية بنسبة 10 في المائة. ومع أن ذلك، أفضل من الـ25 في المائة التي كان يتوقعها المستثمرون، لم تستقر الأوضاع في القطاع حتى الآن. ويقول حنا: «إذا كان هناك طلب غير مستقر، وكانت الدولة التي تمثل نصف سوق الطاقة الشمسية في العالم (تناقش) ما إذا كانت ستجدد التعريفة، فهذا يعني ان المجال مفتوح للتوقعات». ويشير إلى أن أفضل طريقة لاختيار الأسهم التي تستثمر فيها في مثل تلك الظروف هي اختيار شركات تتمتع بـ«ميزات تنافسية مستدامة»، معتمدا على سجل عقود المبيعات، والانخفاض في تكاليف المدخلات وبرامج التقنية التي يمكن قياسها وتوافر النقدية في الميزانية. وعلى الرغم من أن المخاطر التي تحدق بالاستثمار في قطاع الطاقة الشمسية ستستمر على المدى القريب، قد لا يطول أمد الغموض المحيط بسياسات الطاقة، الذي يزيد من تلك المخاطر. وقد بات تهديد أمن الطاقة على الأبواب، بعد أن ازدادت أسعار البترول والغاز بصورة كبيرة وارتفعت القدرات الإنتاجية لكليهما. وقد جعل هذا الأمر، تعززه المخاوف المتزايدة من تأثيرات الانبعاثات الكربونية، صانعي السياسيات في موقف صعب. وحتى لو تم تصحيح أسعار البترول والغاز الطبيعي على المدى القصير، لتتراجع، ولو لحين، قضية بدائل الطاقة التي يجب توافرها، فإن الدلائل المتنامية تشير إلى أن الوقود الاحفوري يشهد تراجعا كبيرا. ويحذر خبراء الصناعة من أزمة إمدادات أكبر تحدق بتوليد الكهرباء. وحسب تقرير من «اكسون موبيل»، فإن أكبر القطاعات استهلاكا للطاقة ليس قطاع النقل والموصلات أو الصناعة، بل قطاع توليد الكهرباء. وتقدر الشركة، التي تعد من أكبر شركات البترول والغاز في الولايات المتحدة، أن نحو 35 في المائة من مجمل استخدامات الطاقة في العالم يذهب إلى توليد الكهرباء. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الكهرباء بصورة كبيرة للغاية خلال عقدين، على ضوء النمو الاقتصادي المتسارع في الأسواق النامية، التي ينخفض فيها نسبيا استهلاك الفرد من الطاقة. ومقارنة بأميركا الشمالية، نجد أن الدول النامية في منطقة الباسيفيك الآسيوية تستخدم ما يقدر بـ1/10 من الكمية التي تستخدم في أميركا الشمالية. وتتوقع «إكسون موبيل» أنه بحلول 2030، سيكون الطلب العالمي على الطاقة أكبر بمقدار 40 في المائة منه عام 2005. وفي الدول النامية مثل دول منطقة الباسيفيك الآسيوية، سيرتفع استهلاك الفرد من الطاقة بمقدار 70 في المائة بحلول 2030. ولمواجهة نقص محتمل، عمدت الدول النامية إلى البحث عن مصادر متجددة من الطاقة. وتشهد الصين، التي تعد ثاني أكبر مستهلك للطاقة بعد الولايات المتحدة وأكبر مصدر لغازات الدفيئات، تراجعا مطردا في موارد الطاقة، فقد حذرت مفوضية الطاقة الشهر الجاري من نقص مزمن خلال فصل الصيف الحالي، ويرجع ذلك جزئيا إلى نفاد احتياطي الفحم. وقد تعهدت الصين، التي مررت قانونا بارزا في الطاقة المتجددة، بإنفاق 200 مليار دولار تقريبا على مدى الخمسة عشر عاما القادمة على الطاقة المتجددة. والهدف هو تحقيق نسبة 20 في المائة من مجمل استهلاك الطاقة من موارد وقود صديقة للبيئة. وقدر تقرير عن الطاقة البديلة أصدرته «جاي بي مورغان»، مستشهدا ببيانات من هيئة الطاقة الدولية، أن قدرة موارد الطاقة المتجددة، بكل صورها، الرياح والشمس والمد والأمواج والفضلات والمائية والطاقة الحرارية الأرضية، ستزداد بمقدار 3.1 في المائة في الفترة من عام 2004 حتى 2015، وتوقع التقرير أن يكون معظم النمو في أوروبا. وهناك توقعات بأن تزداد كمية الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بمقدار 12 و16 في المائة على التوالي. ويشير التقرير إلى عامل يؤثر على النمو وهو التكلفة الكبيرة لمعظم مصادر الطاقة المتجددة. ويشير تقرير مورغان إلى أن «التكلفة الرأسمالية لمصانع الكتلة الحيوية ومزارع الرياح البحرية وغيرها من تقنيات الطاقة المتجددة، باستثناء الطاقة المائية، أقل كثيرا من التكلفة الرأسمالية لإنتاج الفحم، لكل ميغاوات من القدرة التوليدية». ويرى التقرير أن الطاقة الشمسية والرياح والكتل الحيوية «أكثر القطاعات الفرعية جذبا» من مصادر الطاقة المتجددة، مشيرا إلى أن الثلاثة كانت تجارية واستفادت من الطلب الكبير. وقد أعلنت شركة «أي بي إم»، التي لديها استثمارات في تكنولوجيا الطاقة الشمسية منذ نحو 30 عاما، في مايو (أيار) عن تقدم كبير في مجال البحث الكهربي الضوئي. وعن طريق استخدام ما يسمى بالمركزات، وزعمت شركة «أي بي إم» أنها ستتوصل إلى طريق للحصول على المزيد من الطاقة الشمسية في مناطق أصغر. وسواء بسبب مثل هذا النوع من التقدم في مجال الطاقة الشمسية أو بسبب الزيادة في تكاليف الوقود الاحفوري، أو لكلا السببين، نجد أن نسبة القيمة مقارنة بالتكلفة الخاصة بالطاقة الشمسية بدأت تتحسن بالنسبة لمقدمي خدمة الطاقة والمستهلكين، وسيشجع هذا التقدم المزيد من المستثمرين. ويعتقد جيفري سجال، وهو مؤسس موقع GreenChipStocks.com)) الخاص بأبحاث وأخبار الطاقة، أن مصادر الطاقة المتجددة سيتجاوز دورها مجرد تكملة الوقود الاحفوري، كما أنها قد تحل محله. وبفضل الأسهم الموجودة في شركات «آينا سولار» و«ويسترن ويند إنرجي» و«أرمات تكنولوجيز» في أميركا و«جاميسا كوربريشن تكنولوجيز» في إسبانيا و«فستاس ويند سيستمز» في الدنمارك و« سولار فن بور» القابضة في الصين يقول سيجال: «ستحدد الثوابت الأساسية للإمداد والطلب مدى نجاح مصادر الطاقة المتجددة». ويضيف: «ستصل كل موارد الطاقة غير المتجددة إلى ذروتها خلال الـ40- 50 سنة القادمة، ولا يوجد شيء لملء الفراغ جوار موارد الطاقة المتجددة. والشركات التي يمكنها الاستفادة من هذه الموارد لتوليد الطاقة لديها قيمة أقوى على المدى الطويل».

* خدمة «نيويورك تايمز»