البورصات العربية: عشوائية التداولات تفقد النتائج الربيعية من مضمونها

تراجعات جماعية وارتفاع وحيد في عمان

TT

ابتعدت التحركات المسجلة لدى بورصات المنطقة خلال الأسبوع الماضي كثيرا عن مهمتها الأساسية، وفشلت مرة أخرى في عكس صورة ما يجري داخل اقتصادات دولها، ذلك أن التصحيح الحاصل تجاوز مضامين موجات جني الأرباح المتواصلة والتي تتعرض لها البورصات من وقت إلى آخر.

وهنا ينبغي القول إن التوقيت غير مناسب للتصحيح ومستويات الانخفاض المسجلة مبالغ فيها لتتجاوز مفاهيم كسر حواجز المقاومة على إغلاقات مؤشراتها لتصل لدى بعض البورصات إلى كسر العظام للمتعاملين فيها وخاصة لمن دخل للتداولات متأخرا من الأفراد وبالتحديد خلال الثلث الثالث من الشهر الماضي.

فالفترة الحالية تشهد دخول «الكبار» مرة أخرى للإمساك بزمام المبادرة، وأن من يستطيع رفع البورصة يستطيع خفضها على وقع اللعب بأحجام السيولة المتداولة واتجاهاتها وبشكل خاص المحافظ الاستثمارية وكبار حملة الأسهم ذات الأوزان الثقيلة على المؤشر حيث نجح هؤلاء في تحقيق الأرباح الدفترية عند الإغلاق النصف سنوي لمراكزهم المالية فيما استطاعوا تسجيل أرباح حقيقية بفضل تخليهم عن الأدوات المحمولة عند بدء إفصاح الشركات المتداولة عن نتائجها للربع الثاني فاسحين المجال لإعادة هيكلة أدواتهم أفقيا عن طريق الاستبدال، وعموديا عن طريق الشراء عند الأسعار الدنيا المسجلة، وهذه التحركات غاية في الدقة والحرفية في الاستثمار والتي طالت انعكاساتها المستثمرين الصغار، وغاية في التأثيرات السلبية على أداء البورصات ودورها في الوصول إلى التكامل المالي والاقتصادي.

ومن الملاحظ أن هناك فواصل مادية بين الشركات المصدرة للأسهم وبين مجريات التداول على أسهمها لدى البورصات حيث نجد أن الانخفاضات والارتفاعات الحادة على أسعار أسهمها لا يتم تفسيرها أو تبريرها أو حتى الدخول للعب دور صانع السوق على أسهمها لحمايتها من التدهور المستمر في ظل السماح لها بذلك خلال فترات محددة لتكرس بذلك انتفاء العلاقة في مرحلة ما بعد الإدراج في السوق الثانوي، حيث أن الشركة المصدرة للأسهم حصلت على التمويل المطلوب لرأسمالها وتستطيع إنجاز كافة خططها ومشروعاتها ليواجه حملة الأسهم، كل حسب قدرته على التقييم والتوقع، فمنهم من يخرج رابحا ومنهم من يطمح في الوصول إلى نقطة التعادل.

في حين تبقى الاتجاهات المسجلة أخيرا للبورصات تدور ضمن ضعف قدرة الأفراد والمؤسسات من التوسع أفقيا داخل الأدوات المدرجة حيث تعكس الإغلاقات اليومية للمؤشرات تركيز غالبية المتداولين على الأسهم القيادية وذات الأوزان الكبيرة بالإضافة إلى الأدوات التي تتميز بسرعة دورانها، مما يرفع من مستوى التذبذب الحالي والمتوقع على تلك الأدوات وقيمها ليرفع بذلك مستويات المخاطر التي يتعرض لها حملتها في فترات جني الأرباح وإعادة الهيكلة لتصل إلى مستوى التصحيح الحاد بشكل مباشر أو غير مباشر لينصب الاهتمام مجددا على مجريات التداول وأسبابه والتوقعات بشأنه فيما تنخفض ثقة المتداولين الحاليين والمحتملين بالبورصات وجدوى الاستثمار في أدواتها سواء كانت مسعّرة بأقل من قيمها العادلة أم أعلى، فيما تمر فترة إعلان النتائج بكافة مضامينها الايجابية بدون تأثيرات موجبة على أسعار تلك الأدوات وتقييماتها.

وفي حال حدوثها ستعمل على تعويض خسائرها المسجلة في أقصى مستويات التفاؤل بدون أن تحقق نقاطا إضافية تذكر وليبقى أداء البورصات معاكسا للواقع، حيث ما زالت البورصات تنخفض خلال الفترات التي يجب أن ترتفع فيها اعتمادا على الأسس التي وجدت من اجلها تلك البورصات وترتفع في خلال الفترات التي من المرجح أن تنخفض فيها اعتمادا على غياب المحفزات وتراجع النتائج المحققة لشركاتها وتوفر بدائل استثمارية مجدية لدى القطاعات الاقتصادية الأخرى.

وبنظرة على أداء الأسواق، أنهت السوق السعودية تداولاتها على تراجع حاد بنسبة 5 في المائة إلى مستوى دون 9000 نقطة، متجاهلة أداء الشركات الايجابي، والمؤشرات الايجابية للاقتصاد السعودي المدعوم بارتفاع أسعار النفط، إلا أنه لا توجد أسباب حقيقية تذكر لهذا التراجع القوي الذي أفقد السوق 469 نقطة إلى مستوى 8998 نقطة.

وواصلت السوق الكويتية أداءها السلبي لتتراجع مجددا بواقع 480 نقطة إلى مستوى بعد تداولات بلغت 1.35 مليار سهم بقيمة 585 مليون دينار تم تنفيذها من خلال 33969 صفقة، في حين سجلت 17 شركة ارتفاعا مقابل انخفاض 137 شركة.

وسجلت السوق القطرية انخفاضا بواقع 3.37% إلى مستوى 11751.1 نقطة، حيث أفقدت عمليات جني الأرباح السوق 410 نقاط بعد عمليات بيع مكثفة طالت مختلف قطاعات السوق وبخاصة الأسهم القيادية في ظل تراجع ملحوظ لأحجام التداولات.

وفي البحرين، تراجعت السوق بواقع 0.68 في المائة إلى مستوى 2848.9 نقطة تحت تأثير عمليات جني الأرباح بعد الارتفاع الذي شهدته خلال الأسبوع الذي سبق، وبتأثير من قطاع الاستثمار مفردا.

أما في عمان فقد ارتفعت السوق بواقع 0.74 في المائة إلى مستوى 11718 نقطة نتيجة لارتفاع قطاع الخدمات، وإقبال المستثمرين على الشراء والذي عكسه ارتفاع أحجام التداولات بالمقارنة مع الأسبوع الذي سبق.

وفي مصر أنهت السوق تداولات الأسبوع الماضي على انخفاض بواقع 383.34 نقطة وبنسبة 3.85 في المائة ليستقر عند مستوى 9566.59 نقطة على الرغم من ضخ بعض الصناديق الأجنبية سيولة جديدة إلى السوق والتي لم تحل دون انخفاضها.

وانخفض مؤشر السوق الأردنية بواقع 92.6 نقطة وبنسبة 1.99 في المائة وصولا إلى مستوى 4556.3 نقطة، بعد تداول 126.6 مليون سهم بقيمة 94.4 مليون دينار.

* مستشار اقتصادي لشعاع كابيتال