اجتماع لممثلي المستشفى «التخصصي» السعودي وشركات التبغ في جنيف لبحث إمكانية تسوية ودية

«التخصصي» يطالب بتعويضات قدرها 15 مليار دولار من الشركات الأميركية.. والسعودية في المرتبة التاسعة عشرة عالميا في قائمة الدول المستوردة للتبغ

TT

حدد طرفا قضية تعويضات المدخنين في السعودية التي رفعها مستشفى الملك فيصل التخصصي على شركات التبغ العالمية، يوم بعد غد الأربعاء موعدا لعقد اجتماع ودي في جنيف (سويسر) لبحث إمكانية التوصل إلى حلول قبل المضي في المحاكمات والترافع.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة على سير المحاكمة أن هذه الخطوة تأتي بعد الاتفاق الذي تم بطلب من شركات التبغ عبر مكتب المحامي صلاح الحجيلان المستشار القانوني في السعودية، والدكتور أحمد التويجري المستشار القانوني المكلف من قبل مستشفى الملك فيصل التخصصي برفع قضايا ضد هذه الشركات، لتفادي الاستمرار في رفع القضايا ضد شركات التبغ.

وتوقعت المصادر ذاتها، تمسك «التخصصي» بمبلغ الـ15 مليار دولار كتعويض، والتي تمثل مجموع ما أنفقه المستشفى خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية على علاج الأمراض الناتجة عن التدخين، مشيرة إلى أنه في حال الوصول إلى اتفاق مبدئي مع هذه الشركات، سيتم تحديد موعد آخر للاجتماع النهائي، للتوقيع على اتفاقية الحل الودي.

ونوهت الى أنه في حال فشل المفاوضات بين الطرفين، فإن مستشفى التخصصي سيباشر في إجراءات رفع القضايا ضد تلك الشركات سواء داخل السعودية أو خارجها، مؤكدا أن دعوته تلقى تأييدا واسع النطاق في القضاء السعودي، الذي يستمد مبادئه من الشريعة الإسلامية، التي تغلظ أحكامها على كل ما يضر بصحة الإنسان.

وفي ما يتعلق برفع الدعوى عبر القضاء الأميركي، فإن القضية تكاد تكون محسومة، على خلفية ما أصدرته اخيرا محاكم ولاية كاليفورنيا ضد شركات التبغ لصالح بعض الأفراد الذين تضرروا من التدخين، وحاولت هذه الشركات التشويش عليه لحجب النجاح الذي تحقق لصالح المدعين، مشيرا إلى أن القضاء الأميركي يستمد أحكامه من قرارات سابقة مشابهة لذات القضية المنظورة لديه.

وأكدت المصادر، أن الاتجاه الحالي في أميركا يتجه إلى محاكمة شركات التبغ على مستوى الولايات وليس على المستوي الفيدرالي، حيث بدأت بالفعل المجالس النيابية في هذه الولايات بسن قوانين تيسر من إجراءات مقاضاة شركات التبغ.

وعن إمكانية رضوخ هذه الشركات للأحكام الصادرة عن القضاء السعودي، أكدت مصادر قانونية، أنه في حال إدانة هذه الشركات وهذا أمر وارد جدا، كون القضاء السعودي يدعو إلى محاكمة شركات التبغ الأجنبية، وتغليظ العقوبة عليها وعلى الوكلاء المحليين، فإن هذه الشركات مخيرة بين أمرين: إما رفض تنفيذ هذه الأحكام والإنسحاب من السوق السعودي الذي يعد ثالث أو رابع سوق لها على المستوى العالمي، وبالتالي خسارتها لمليارات الدولارات، أو الخضوع للأحكام وتنفيذ التعويضات الصادرة بحقها، ومعلوم أن الوكلاء المحليين لا يتحملون عادة سوى جزء من الأعباء المالية التي تترتب على الشركات، فيما يكون النصيب الأكبر من هذه الغرامات على عاتق الشركات الأم.

وأضافت، أن القضاء السعودي بمختلف فئاته يسعى حاليا إلى سن تشريعات جديدة ضد التدخين، ومحاربته بشتى الطرق الممكنة، من خلال رفع الضرائب الجمركية عليه، وتكثيف الحملات التوعوية الإعلامية الداعية لنبذ التدخين.

يشار إلى أن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الابحاث أعلنا في فبراير (شباط) الماضي، قبول المحاكم الاميركية النظر في القضية التي رفعها مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الابحاث على شركات التبغ العالمية، وتطالبها بتعويضات عن الخسائر التي تكبدها المستشفى من خلال علاج المتضررين من التدخين.

وأكد وقتها الدكتور انور الجبرتي المستشار والمدير العام التنفيذي لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الابحاث اصرار «التخصصي» على متابعة القضية عبر ممثل المستشفى في هذه القضية مكتب الدكتور احمد التويجري للاستشارات القضائية بالتعاون مع مكاتب قانونية محلية وعالمية، كاشفاً انه تم رفع دعوى جديدة ضد مصانع الجراك والمعسل ووكلائها بالسعودية لتعويض المستشفى عن الخسائر التي دفعها لعلاج المتضررين من استخدامه على غرار ما اتخذه المستشفى لشركات التبغ العالمية.

وقد رفع الفريق القانوني للمستشفى جزءا من هذه الدعاوى إلى ديوان المظالم والمحاكم الشرعية في السعودية فيما تم رفع القضايا الموكلة لمحامين عالميين عن المستشفى في كل من اوروبا والولايات المتحدة الاميركية وعدد من الدول المصنعة للمعسل والجراك كاليمن والبحرين وايران وباكستان للغرض نفسه.

وتظهر الاحصائيات ان دول الخليج وخاصة السعودية من اكثر الدول استيراداً واستهلاكاً للتبغ مقارنة بعدد السكان حيث يحرق سكان مدينة الرياض وحدها ما قيمته 54 مليون دولار سنويا، فيما تحتل السعودية المرتبة التاسعة عشرة عالميا في قائمة الدول المستورة للتبغ.

ويعتبر مستشفى التخصصي المرجع الرئيسي في المنطقة الذي يتولى علاج الاف حالات السرطان التي لها علاقة مباشرة بالتدخين اضافة الى الاصابات بامراض القلب والشرايين والاوردة والجهاز العصبي كالجلطة والشلل الناتجين عن تدخين السجائر وامراض الفم واللثة والمريء والرئة والمثانة والقرحات في المعدة والاثني عشر والتشوهات الخلقية والمشاكل التي يتعرض لها المواليد والعجز الجنسي والمشاكل الاجتماعية والنفسية.

ويستند المستشفى في دعواه الى ان شركات التبغ تلك ووكلاءها المحليين قد عرفوا لفترة طويلة ان تدخين السجائر امر خطير ويؤدي الى مضاعفات صحية خطيرة، وان التدخين يؤدي الى الادمان إضافة الى ان شركات التدخين حجبت معلومات متعلقة بمخاطر التدخين والادمان عن الجمهور، وتضمنت قائمة إقامة الدعوى انها تستند على ان شركات التبغ والجراك والمعسل عملت بشكل منظم على تضليل الجمهور واستهداف الاطفال والمراهقين لجعلهم مدمنين على التدخين.

جدير بالذكر ان جميع الولايات الاميركية التابعة لاتحاد الولايات المتحدة قامت برفع قضايا ضد شركات التدخين التي الزمت بدفع ما يزيد عن 246 مليار دولار تدفع على 25 عاماً، اضافة الى منع هذه الشركات من الاعلان في هذه الولايات، ومن المتوقع ان ترتفع هذه التعويضات لتتجاوز مبلغ 300 مليار دولار كعقوبة لشركات التدخين، فيما تنفق الحكومة الفيدرالية سنوياً اكثر من 20 مليار دولار لعلاج المشاكل الصحية المترتبة التدخين.

=