«غولدمان ساكس» تتحول إلى لاعب أساسي في تحليل الأسواق النفطية

مع تحقق العديد من توقعاتها

توقعات بارتفاع أسعار النفط بصورة كبيرة إلى نحو 170 ـ 200 دولار للبرميل («الشرق الأوسط»)
TT

يتحدث أرجوان مورتي المحلل في شركة غولدمان ساكس للبترول وجيفري كوراي محلل السلع عن أسواق البترول كثيرا في الوقت الحالي. فقد كشف مورتي الذي يبلغ من العمر 39 عاما وكوري الذي يبلغ من العمر 41 عاما في وقت سابق من هذا الشهر عن توقعاتهما بشأن أسعار النفط، والتي يريان أنها قد تصل إلى 141 دولارا للبرميل خلال النصف الثاني من العام الحالي، كما كررا توقعهما السابق بشأن ارتفاع أسعار البترول بصورة كبيرة إلى نحو 170 إلى 200 دولار للبرميل. وقد ارتفعت الأسعار على الفور. وقد كانت هذه هي المرة الثالثة التي تزيد فيها توقعات غولدمان خلال خمسة أشهر، والمرة الخامسة خلال أربع سنوات التي يزيد فيها المحللون في الشركة على التوقعات التي كان الناس يرونها مستحيلة. وفي كل مرة كان يتضح أن فريق غولدمان كان على صواب. لكن ليس كل الناس يصدق ذلك. وقد أفاد محللا السلع بول هورسنيل وكيفين نوريش خلال الأسبوع الماضي بقولهما: «بالنسبة لنا، فإن توقع ارتفاع الأسعار لا يمثل جديدا بالنسبة لنا». وقد أصدر مورتي تقريرا في مارس (آذار) 2005، تحدث فيه عن «الارتفاع الكبير» الذي قد تشهده أسعار البترول والتي يمكن أن تصل إلى 50 ـ 105 دولارات للبرميل خلال 6 إلى 24 شهرا. وقد تضاعفت الأسعار بالفعل خلال السنوات الثلاث الماضية إلى المعدل الذي ذكر وخلال الوقت الذي توقعه. وفي بداية شهر مايو (أيار)، وبعد ارتفاع الأسعار إلى نحو 120 دولارا للبرميل، زاد فريق غولدمان توقعاته لعام 2008. ومن المتوقع أن يتراوح معدل الأسعار حول 108 دولارات، وأن يصل إلى أقصى مستوى له عند 141 دولار خلال النصف الثاني من العام. وقد أفاد كوري في مقابلة صحافية في لندن بقوله: «إن سعر 141 دولارا للبرميل لا يبتعد كثيرا عن السعر الحالي الموجود بالفعل».

ولكن ليس معنى أن توقعات فريق غولدمان ساكس كانت صحيحة في الماضي، أن يستمر ذلك. وقد أفاد بعض خبراء البترول بأن توقعات الشركة كانت صحيحة بسبب أعاصير الولايات المتحدة فقط.

وهم يرون أن غولدمان ساكس مخطئة بشأن التقليل من شأن مستقبل واردات البترول والرفع من شأن الطلب المستقبلي عليه. ويتساءل آخرون عن سبب توقع غولدمان لزيادة كبيرة في الأسعار خلال العام الحالي رغم أن الواردات تعتبر كافية، على الرغم من أنها قد تثير المخاوف بعد عدة سنوات.

ويعتقد البعض أن غولدمان التي تعمل في مجال سمسرة البترول، تدير أكبر صندوق لمؤشرات السلع وتقدم الاستشارات الاستثمارية وتتاجر في البترول لحسابها الخاص ـ ولها العديد من المصالح المتضاربة. ويتساءل بعض المحللين عن السبب في تدني توقعات غولدمان لأسهم بعض شركات البترول مع زيادة توقعاتها بالنسبة لأسعار البترول الخام. وقد حققت الشركة أرباحا قياسية كما أن مخزونها قد زاد بنسبة 25 بالمائة خلال عام ونصف العام الماضي. وقد تساءل أحد محللي البترول والذي رفض الإفصاح عن هويته لأن شركته لا ترغب في تشويه سمعة الشركات الأخرى: «إذا واصلت أسعار البترول ارتفاعها إلى 200 دولار، فلماذا تكون هناك معدلات محايدة لاحتياطي البترول؟ ألن يقال إنها تعيق الشراء؟». ويصر كوري الذي التحق بغولدمان عام 1996، على أن تحليل الشركة معقول وأن العالم يبحث عن «معادلة جديدة» لأسعار النفط. ويقول كوري إنه خلافا لأزمتي الأسعار في السبعينات، فإن هذه الأزمة يتسبب فيها ازدياد الطلب. فعندما ارتفعت الأسعار في السبعينات، كان السبب في ذلك هو الثورة الإيرانية والحرب العراقية الإيرانية والتي استهلكت 10 في المائة من البترول العالمي. وكان من الواجب تقليل الطلب نظرا لقلة الإمدادات. ويقول: «لكن هذه المرة، فإن الإمدادات لا تنهار مثلما حدث في السبعينات. ولكن بدلا من ذلك، فإننا نرى الطلب يتزايد في الأسواق الناشئة التي ترهق نظام إمداد وإنتاج البترول. ومن شأن ذلك أن يكون فارقا واضحا بين ما نحن فيه وما حدث في الماضي. فنحن نشهد أزمة تتمثل في ازدياد الطلب». ويصف إيد مورس تحليل كوري بأنه «مسؤول ومنسجم من الناحية التحليلية» لكنه لا يتفق معه. ويقول مورس إن كوري متشائم جدا حول مستقبل الإمدادات وتكاليف الاستكشاف. ويقول مورس إن معدات الحفر الجديدة سوف تكسر عنق الزجاجة الذي يبطئ من عمليات الاستكشاف الواعدة في البرازيل وآلاسكا والنرويج وغرب إفريقيا وشمال غرب أستراليا. ويقول: «إن الشيء الذي يعوق الاستكشافات الجديدة ليس المساحة الشاسعة بقدر ما هو القدرة على الاستكشاف». وهناك نحو 70 نوعا من معدات الحفر، كما يجري الإعداد لنحو 70 معدة أخرى، حسبما أفادت مصادر صناعة الخدمات البترولية. ويقول مورس إن المعدات الجديدة سوف تعمل على استقرار تكاليف الاستكشاف، ما يعني أن أسعار اليوم أكثر من مناسبة لتوفير الإمكانيات للقيام باستكشافات جديدة، رغم العقبات السياسية في الدول الغنية بالنفط وعدم تلبية منظمة أوبك لبعض متطلبات السوق. وفي شهادته التي أدلى بها أمام الكونغرس خلال أخيرا، أفاد جون هوفميستر رئيس شركة شيل للبترول إن أسعار البترول الخام «يمكن أن تكون بين 35 إلى 65 دولارا للبرميل». إذا أردنا حساب القيمة العادلة.

ويعتقد كوري أن السعودية لن تفي بتعهدها بزيادة إنتاجها إلى 12.5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2011. ويقول إن السعودية لا تقوم بالاستثمار بما يكفي وأن «البيئة الجيولوجية تتسم بالصعوبة أكثر مما هو متوقع». ويقول مورس إنه لا يقلل من قيمة التعهدات السعودية. ويعتقد البعض أن سلسلة توقعات غولدمان بشأن ارتفاع أسعار البترول تعيد إلى الأذهان فقاعة التكنولوجيا التي ظهرت في أواخر التسعينات، عندما حدد أحد المحللين الكبار سعرا لأسهم أمازون، التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق. ثم رفع المحلل توقعه للأسعار مرة أخرى، وزادت أسعار الأسهم مرة أخرى. ويرفض كوري هذا الطرح الذي يشبه ما يحدث بفقاعة التكنولوجيا. ويقول: «عندما تنظر إلى الأسهم، فإن قيمتها تتحدد بشكل كبير وفق... التوقعات» الخاصة بمستقبل الأرباح والسيولة النقدية. ويقول أيضا: «ليس الأمر متعلقا بما هو عليه الحال اليوم ولكنه متعلق بما سيكون عليه في المستقبل. ولذلك، فمن السهل ظهور فقاعة توقعات كبيرة». وخلافا لذلك، فإنه يقول: «إن السلع أصول مادية حيث من المفترض أن توضح الأسعار العلاقة بين العرض والطلب». وفي أثناء حدوث فقاعات التوقعات الماضية، مثل التي حدثت في أزمة الرهن العقاري في أميركا، فإن الأفراد كانوا «يقومون بالتخزين». ويقول: «لقد كانوا يجمعون ويكدسون الأشياء. ونحن نعلم أن مخزونات البترول متواضعة في الوقت الحالي. إننا نعلم ذلك». ويقول مورس إنه ينظر إلى الأمر بوجهة نظر مختلفة. فالأسعار المبالغ فيها قد أضرت بالطلب، وأدت إلى زيادة المخزون. ويشير إلى زيادة مقدارها 30 مليون برميل من المخزونات الإيرانية ذات المستوى الرديء و65 مليون برميل أخرى منذ شهر فبراير (شباط)، تم تخزينها في ناقلات بترول في البحر. ويضيف روغر ديوان، وهو شريك في مؤسسة بي اف سي لاستشارات الطاقة، إن الذين يتوقعون ارتفاع الأسعار ليس عليهم تخزين البترول بطرق تقليدية. ويقول إن اللاعبين مثل صناديق التحوط والتقاعد أو المؤسسات مثل غولدمان والتي تقود السوق الآن لا تحتاج إلى امتلاك سفن أو حاويات. خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»