الذهب يبدأ رحلة صعود نحو اختراق حاجز الألف دولار

خبير لـ «الشرق الأوسط»: المستثمرون يتجهون للمعدن الأصفر كملاذ آمن

TT

قفزت أسعار الذهب مع ختام تداولات الأسبوع الى أعلى مستوى لها منذ شهر مارس (آذار) وسط مخاوف اقتصادية وموجة ذعر اجتاحت البورصات العالمية، بالترافق مع ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية في ظل تراجع قيمة الدولار.

وفي هذا الإطار، ارتفع سعر الذهب أكثر من 2 في المائة الى أعلى مستوى له في أربعة أشهر في ختام تعاملات الأسبوع، إذ هبط الدولار مقابل اليورو وقفز النفط الى مستوى قياسي جديد وتداعت أسواق الأسهم بفعل تجدد المخاوف بشأن آثار أزمة الائتمان بعد متاعب الكيانات التي ترعاها الحكومة الاميركية مثل عملاقي التمويل العقاري (فاني ماي وفريدي ماك).

كما صعدت العقود الآجلة للنفط الخام الى مستوى قياسي بلغ 147.27 دولار للبرميل وسط تكهنات ان إسرائيل من المحتمل ان تهاجم المنشآت النووية الإيرانية. وحقق مؤشر (ستاندرد آند بورز 500) خسارة أسبوعية هي السادسة على التوالي بعد دخول الأسواق (bear market)، أو فقدان الأسهم أكثر من 20 في المائة من قيمتها. وأذكت قفزة جديدة لأسعار النفط الصعود الأولي للذهب. ويميل الذهب الى مسايرة الخام، إذ ان المستثمرين يعمدون الى شرائه كوسيلة للتحوط من التضخم الذي يقوده النفط. ويعزز صعود أسعار النفط أيضا من جاذبية السلع الأولية.

يقول محللون ان النفط والسلع الأولية الأخرى تجد مزيداً من الوقود الذي يشعل أسعارها إذا استمرت متاعب الكيانات التي ترعاها الحكومة الاميركية مثل عملاقي التمويل العقاري فاني ماي وفريدي ماك في منع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) من رفع أسعار الفائدة. وقال لـ«الشرق الأوسط» علي اشكناني، وهو تاجر ذهب إيراني، يعمل في منطقة الخليج «هناك عامل الخوف الآن، والمستثمرون بدأوا يتجهون للذهب كملاذ آمن، التوجه للمعدن الأصفر شيء منطقي في حالات الاضطرابات السياسية والاقتصادية». وكان المستثمرون قد تكالبوا على شراء النفط الخام والذهب وغيرهما من المواد الخام للتحوط من تراجع الدولار بعد ان تسببت سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة التي أجراها مجلس الاحتياطي في ارتفاع الاسعار في محطات الوقود ومتاجر التجزئة.

وقال جيمس تيرك مؤسس موقع «غولدموني دوت كوم» على الانترنت بالقول: «الذهب يستعد مرة أخرى للصعود نحو حاجز الالف دولار خلال الأسابيع القليلة المقبلة». طبقا لما ورد في موقع بلومبيرغ المالي على الانترنت. وحتى أواخر الشهر الماضي، كان بعض المستثمرين يراهنون على ان مجلس الاحتياطي سيغير مساره ويرفع أسعار الفائدة قريباً لترويض التضخم وإبعاد بعض أموال الاستثمار الساخنة في السلع الأولية. ولكن مع تعرض فاني وفريدي، أكبر شركتين للتمويل العقاري في الولايات المتحدة لمشكلات تمويل متزايدة يقول خبراء ان مجلس الاحتياطي الاتحادي قد لا يمكنه التصرف في الأجل القصير. وقال لرويترز جون كيمب، محلل السلع الأولية في مؤسسة ار.بي.اس سيمبرا في لندن، «القلق المتزايد على صحة فاني وفريدي الآن يضمنان ان مجلس الاحتياطي الاتحادي سيبقى على الهامش خلال الأشهر القليلة القادمة مهما يحدث للتضخم». وأضاف «ضعف الدولار واستمرار عهد النقود الرخيصة هما أيضا ضوء أخضر لأسعار السلع الأولية للعودة الى المستويات المرتفعة التي شهدتها في الآونة الأخيرة ولأسعار النفط لتستكشف مرتفعات جديدة فوق 145 دولاراً امتداداً للعبة التضخم العالمية». وقفز الذهب الى أعلى مستوى له في أربعة أشهر متخطيا 960 دولاراً للأوقية بعد أن تضررت الأسهم الأميركية والدولار من متاعب فاني وفريدي اللتين تملكان او تضمنان ما قيمته خمسة تريليونات من الديون. وارتفعت أيضا أسعار العقود الآجلة للذرة وفول الصويا والقمح.

وهو ما أكده لرويترز مات مكورميك، المحلل في مؤسسة بال آند جينور انفستمنت كاونسل في سينسيناتي بولاية اوهايو «انك تشهد الى جانب فاني وفريدي أثر المضاعف للتوترات السياسية. وهو يوضح أن الخوف يسيطر على هذه السوق». وأضاف «لو أضفت ما هو آت الى موسم الأرباح حيث تجد بالفعل بيئة اقتصادية عسيرة، فاني لا أرى أية تهدئة قريباً. وسيبحث المستثمرون أيضا عن استثمارات الملاذ الآمن ذات الجودة العالية والذهب ـ كما هو واضح ـ من أفضلها». وكان الطلب القوى من الأسواق الصاعدة قد وضع السلع الأولية على طريق انتعاشة قوية مضى عليها ستة أعوام وشهدت خلالها أسعار الوقود والغذاء قفزات الى مستويات مرتفعة جديدة، الأمر الذي تسبب في ضغوط على اقتصادات الدول المستهلكة التي تضررت بالفعل من جراء أزمة الائتمان العالمية. وقال محللون ان الألم على المستهلك قد يتضخم إذا وجد مجلس الاحتياطي الاتحادي نفسه عاجزا عن التحرك لمعالجة التضخم بسبب مشكلات الكيانات التي تضمنها الحكومة مثل فاني وفريدي. ويقول بعض المحللين ان النفط قد يقفز الى 200 دولار للبرميل، وان الذهب قد يعود لتخطي حاجز الف دولار للأوقية الذي شهده في وقت سابق من هذا العام.

وقال لرويترز، دانييل هاينز، محلل السلع الأولية في ميريل لينش «هذه البيئة من أسعار الفائدة المنخفضة في الولايات المتحدة تذكي فيضانا من السيولة في الأسواق الصاعدة تساعد أيضا على إضعاف الدولار الاميركي وتزيد من القوة الشرائية للمستهلكين في مناطق مثل الصين». وأضاف «سيكون صعباً على مجلس الاحتياطي الاتحادي أن يرفع أسعار الفائدة.. وأعتقد أن قدرتهم على التحرك لمعالجة هذه المسائل أصبحت مقيدة بشدة إذا ما قورنت بما كانت عليه في هذا الوقت من العام الماضي».