هيئة الإسكان.. هل تعالج المشكلة؟

سـعود الأحمد

TT

مضت خمسة أشهر على صدور الأمر الملكي الكريم بإنشاء وتنظيم الهيئة العامة للإسكان. وحول هذا الموضوع، أود في البداية التذكير بأن الحالة التي نعيشها في السعودية ليست حالة استثنائية. فمعظم الدول المتقدمة تحصل لها حالة من أزمة سكن، وتعمل على معالجتها... لكن الفرق في تكلفة المعالجة وطول وقتها ومستوى النتائج التي تتحقق. فلدينا تزايد في معدل النمو السكاني وارتفاع في نسبة المواطنين السعوديين الذين لا يملكون مساكن خاصة (موظفين ومتقاعدين)... ولأن المشكلة وإن اعتبرها البعض قد تفاقمت، إلا أنها في الحقيقة ما زالت في بدايتها. ولا بد عندما تستفحل، أن تضطر الحكومة للتدخل لتحّمل العبء عن المواطن أو مشاطرته العبء.. وعندها ستكون التكلفة أعلى. وبهذا الصدد، لعلنا نتفق على أن صندوق المؤسسة العامة للتقاعد (مساكن)، لم يحقق المأمول منه. وان مؤسسة التأمينات الاجتماعية توقفت عن فكرة الدخول في السوق، ولا ينتظر منه تقديم حلول جديدة. وأن صندوق التنمية العقارية، باعتباره الجهاز المالي المتخصص في الدعم والإقراض العقاري والمؤمل فيه معالجة مشكلة الإسكان، هو الآن بصدد تسليم الشارة للهيئة العامة للإسكان! ولعلي أُذكر بسابق رؤيتي لمستقبل سوق العقار.. في مقال بهذه الزاوية بتاريخ 27 نوفمبر 2006 بعنوان «الفرصة مواتية للعقار على حساب الأسهم»... ثم بتاريخ 13 أغسطس 2007 بعنوان «جدوى الاستثمار في العقار السكني»... وفي هذين المقالين تحدثت عن الفرصة الاستثمارية السانحة في العقار السكني. لكن ذلك كان من باب حث المستثمر على الدخول في هذا المجال، وأظن أن شيئاً مما توقعته في ثنايا المقالين قد حدث (إن لم يكن كله). واليوم أود أن أُعقب على الموضوع من منظور حاجة ومصلحة المواطن.

فالمواطن يعاني من ارتفاع إيجارات السكن.. وأسعار الأراضي والوحدات السكنية تحلق فوق طاقة محدودي الدخل. يقابل ذلك تضاؤل في حجم المعروض من العقارات السكنية، ومستثمرو العقارات السكنية يطلقون الشكاوى من تضاعف تكاليف البناء وقلة العمالة وارتفاع أجورهم ... إلى جانب عدم وجود آلية فاعلة لمعالجة مشكلة تهرب المستأجرين من دفع الأقساط المستحقة عليهم. وبالمقابل هناك توجه من البنوك التجارية للاستفادة من نظام الرهن العقاري للدخول في المجال. ولدينا مشاريع سكنية ضخمة مثل مشروع الوصل بقيمة 45 مليار ريال لبناء مدينة سكنية حديثة بالعاصمة الرياض، ولدينا مشاريع إسكانية استثمارية وتكافلية أخرى. لكن الذي نشاهده أنها بمستوى من الفخامة ما يعول عليها أن تُحلق بالأسعار إلى أعلى مما هي عليه الآن! إضافة إلى ذلك... فإن لهيئة الإسكان أن تأخذ على عاتقها مسؤولية متابعة مشاريع الإسكان الحكومية والخاصة ذات التمويل الداخلي والخارجي. وكذلك مهمة التنسيق مع (وبين) الجهات الحكومية لتحقيق مهمة توفير السكن. وتشارك في بناء إستراتيجية التوزيع السكاني. وعمل ما يمكن للتغلب على الطبيعة الجيوغرافية للمدن السعودية، ومشكلة تباعد المدن السعودية.. وتناثر الأحياء داخل المدن. وتقوم بمهمة ترتيب الأولويات وتبني برامج تنفيذها بأقل تكلفة ممكنة وفي الوقت المناسب وعلى الوجه المطلوب. وللهيئة أن تقوم بدور التوعية لترشيد المواطنين بأهم ما يجب عليهم معرفته ومراعاته عند بناء منازلهم... والأولويات التي يجب مراعاتها، والخطوات الطبيعية لبناء السكن، مما يجهله معظم من يشرعون في بناء منازلهم، والأولويات التي يجب مراعاتها، وتخفيض الخسائر التي تدفع أثماناً لأخطاء فنية فردية كل بحسبه. وختاماً.. أود التذكير بمذكرة التفاهم التي وقعها وزير المالية مع أربع جهات هي صندوق الاستثمارات العامة ومؤسسة التقاعد ومؤسسة التأمينات ومؤسسة التمويل الدولية، لتقديم قرض طويل الأجل من مؤسسة النقد لمؤسسات التمويل الإسكاني السعودية المرخصة بمبلغ إجمالي قدره 1.5 مليون ريال، على أن يزيد في المراحل المقبلة!... وأطلب من وزارة المالية أن تعقد مؤتمراً صحفياً لإلقاء الضوء على هذا المشروع.

* كاتب ومحلل مالي [email protected]