صناعة النفط تنظر بعين الحذر للاستثمار في العراق

خبير الطاقة جون ميتشل: لا أعتقد أنه ستكون هناك أية عقود سخية للشركات

TT

لندن ـ رويترز: تبدي صناعة النفط حذرا تجاه قرار العراق، منح شركات أجنبية عقودا طويلة الأجل لتطوير اكبر حقول النفط المنتجة في البلاد، وترى ان تحقيق أرباح كبيرة سيستغرق بعض الوقت، وسيكون من نصيب عدد قليل من الشركات المختارة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال العراق انه سيمنح عقود تطوير، تهدف إلى زيادة الانتاج من ستة حقول بواقع 5.1 مليون برميل يوميا. وتهدف الخطة لمساعدة البلاد على رفع مستوى انتاجها الى 5.4 مليون برميل يوميا بحلول عام 2013 من حوالي 3.2 مليون برميل الآن. الا ان قرار العراق سداد رسم للشركات مقابل استخراج النفط بدلا من بيعها حصة في الحقل، بدد الآمال في تحقيق عائدات ضخمة في المستقبل القريب، وربما يؤجل زيادة انتاج الخام بشكل كبير.

ويقول محمد علي زيني الاقتصادي بمركز دراسات الطاقة العالمية «لا تحب شركات النفط عقود الخدمة. يفضلون اتفاقيات المشاركة في الانتاج الاكثر ربحية، كما تسمح لها بتسجيل احتياطيات في دفاترها».

وعادة ما تعمل شركات النفط العالمية، مثل «اكسون موبيل» و«رويال داتش شل» سواء عن طريق امتلاك حقل وسداد ضرائب على الانتاج، او ابرام عقود مشاركة في الانتاج تمول بمقتضاها المشروع، مقابل حصة من النفط المستخرج. وفي اطار هذه العقود، يمكنها الاستفادة حين ترتفع اسعار النفط او حين تتيح لها التكنولوجيا زيادة الانتاج من الحقل او خفض تكلفة التشغيل. كما تتيح هذه الاتفاقات للشركات اضافة احتياطيات الحقل في دفاترها، وهو معيار مهم عند تقييم قيمة الشركة او توقعات الانتاج في المستقبل. وتحد اتفاقات الخدمة من الارباح وعادة ما تحول دون تسجيل الشركات احتياطيات.

ويقول سامويل سيزوك محلل الطاقة المتخصص في منطقة الشرق الاوسط لدى «غلوبل انسايت» عن الخطوة العراقية «يبدو نطاق تحقيق شركات النفط العالمية أرباحا، محدود جدا».

ويقول مسؤولون تنفيذيون في الصناعة، أن السبب الرئيسي لإبداء شركات نفط استعدادها لدراسة ابرام اتفاقات خدمة أنها تأمل أن تتيح لها فرصة ضمان عقود أفضل في مرحلة لاحقة.

ويقول روبين الان مدير تطوير الاعمال في «بريميير أويل» وهي واحدة من 41 شركة أجنبية، تأهلت لتقديم عروض في العراق «أعتقد أن العراق» سيتجه لعقود المشاركة في الانتاج في نهاية الامر. من الصعب الحصول على أي شيء في العراق غير عقود الخدمة». واذا تحقق ذلك فإنه بمثابة انقلاب في الصناعة، نظرا لأن احتياطيات العراق تبلغ 115 مليار برميل، وهي تحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم، بعد احتياطيات السعودية وايران، ولكن كثيرين يشكون في ذلك.

ومثل الكويت والسعودية، طرد العراق شركات النفط العالمية في السبعينات، ولا يزال هناك عداء كبير تجاه الاستثمار الأجنبي في النفط في المنطقة. بل ويعتقد بعض العراقيين أن الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، كان هدفه ضمان امدادات النفط.

وقال جون ميتشل المتخصص في الطاقة في المعهد الملكي للشؤون الدولية «لا أعتقد أنه ستكون هناك أية عقود سخية لشركات الطاقة في العراق. سيطول التأجيل وستكون الشروط صعبة والظروف صعبة».

وعدم اليقين بشأن عرض العراق شروط استثمار مغرية في المستقبل، يعني ان كثيرا من الشركات التي تأهلت لتقديم عروض للفوز بعقود، ربما لا تقدم عروضا.

وقال متحدث باسم شركة هيس، ومقرها الولايات المتحدة ان الشركة ستنتظر ما ستعرضه وزارة النفط في أغسطس (آب) قبل أن تقرر تقديم عروض للفوز بعقود.

ورغم تأهلها استبعدت مجموعة بي.جي البريطانية للغاز الاستثمار في العراق على المدى القريب. وقالت متحدثة باسم الشركة «لا يشكل العراق جزءا من استراتيجية مجموعة بي.جي الحالية». وتشير تجارب تفاوض العراق مع شركات غربية، بشأن عقود خدمات فنية قصيرة الأجل الى أن العقود طويلة الأجل المزمعة ستستغرق وقتا طويلا.

ولم توقع عقود قصيرة الأجل بعد، ويقول مسؤولون تنفيذيون في صناعة النفط ان العراق طلب من الشركات أمس الاثنين مراجعة مقترحاتها. وقالت الحكومة انها تريد توقيع عقود طويلة الاجل في يونيو (حزيران) 2009 غير ان كريستوف دي مارجري الرئيس التنفيذي لمجموعة توتال، احدى أكبر الشركات التي تأهلت لتقديم عروض، قال في وقت سابق هذا الشهر انه لا يتوقع ابرام أية عقود في عام 2009. ويقول توبي تشين المتخصص بمنطقة الشرق الاوسط في شركة كنترول ريسكس للاستشارات، ان الوضع الامني يتحسن. غير ان شركات النفط الكبرى ما زالت تعتقد أن التحسن غير كاف لارسال موظفين الى هناك بشكل دائم، بينما ترى بغداد أنه ينبغي للشركات فتح مكاتب في العراق، اذا أرادت التقدم بعروض للفوز بعقود. ولا يزال زعماء العراق، يحاولون نيل موافقة البرلمان على مسودة قانون جديد لقطاع النفط.

ويقول الان، ان اتفاقات الخدمة ممكنة في ظل الاطار القانوني الحالي، الا أن ميتشل يقول ان الشركات يقلقها توقيع اتفاقيات في غياب قانون جديد.

ويخشى البعض في الصناعة، أن تمنح العقود عالية الربحية للشركات الكبرى، رغم أن وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني، أعلن أنه لن تكون هناك أية أفضلية لأي من الشركات. ويضيف الان «ما يقلقنا تعرض السلطات لضغط شديد لمنح العقود لشركات عملاقة، أمثال اكسون وشل وتوتال وبي.بي. لا أعتقد أن ذلك في مصلحة شعب العراق». وأضاف أن الضغط للجوء الى شركات عملاقة، لن يكون صريحا، ولكنه أضاف «هناك دهاليز».