وزير التجارة والصناعة المغربي يرسم في لندن صورة إيجابية لاقتصاد بلاده

رغم الأوضاع الاقتصادية العالمية الصعبة والتحديات الداخلية الجسيمة

الوزير المغربي يتحدث في «تشاتهام هاوس» أمس (تصوير: حاتم عويضة)
TT

رسم وزير مغربي صورة إيجابية لأداء بلاده الاقتصادي، على الرغم من الاضطرابات الاقتصادية التي تجتاح الأسواق العالمية، والتحديات الداخلية الجسيمة التي تواجهها الحكومة المغربية. وقال وزير التجارة والصناعة والتكنولوجيا الحديثة في المغرب، الذي كان يتحدث على هامش لقاء صحافي عقده امس في مقر غرفة التجارة العربية بلندن، وفي محاضرة أخرى ألقاها لاحقا في المعهد الملكي للدراسات الدولية (تشاتهام هاوس) ان تطورات الاقتصاد المغربي الايجابية أشاد بها صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير الذي أصدره الشهر الحالي، فضلا عن التصنيف الايجابي الذي منحته وكالة التصنيف الائتماني «فيتش» لبلاده أخيراً.

وأكد أحمد رضا شامي ان هذه التطورات الايجابية تحدث في ظل أوضاع اقتصادية عالمية صعبة تتمثل في ارتفاع اسعار الطاقة والغذاء ووجود عدة أزمات تجتاح الأسواق الدولية، فضلا عن انخفاض قيمة العملة الاميركية وارتفاع اليورو. وشدد الوزير المغربي على ان بلاده رغم تلك الصعوبات تعمل على تعميم فوائد النمو الاقتصادي على جميع مكونات المجتمع المغربي، مؤكدا في هذا الاتجاه ان سياسة خلق «جزيرة غنية» وسط بحر من الفقر والبطالة لن يكتب لها النجاح، ومشددا على ان الحكومة رصدت مليار يورو لدعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وأنها تخطط لإنشاء 13 مدينة إسكانية جديدة؛ بما في ذلك مساكن للطبقات الشعبية، موضحا أن معدل البطالة انخفض الى 9.8 في المائة. وأضاف ان المغرب اتخذ خطوات متقدمة في السابق من اجل الانفتاح الاقتصادي ومنذ وصول الملك محمد السادس تسارعت وتيرة الإصلاحات من خلال توقيع اتفاقيات للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة وأوروبا، فضلا على سياسات الخصخصة وتطوير البنية التحتية والنظام المالي والسياحي في البلاد.

وفي هذا السياق، حدد الوزير المغربي 7 قطاعات (الافشور وصناعة السيارات والفوسفات والصيد البحري والسياحة والمنسوجات والزراعة) كقطاعات محركة للاقتصاد الوطني وتنويعه. وبين شامي ان الحكومة تعول كثيرا على قطاع السياحة، حيث تسعى الى استقطاب 10 ملايين سائح بحلول عام 2010، من نحو 7.6 مليون شخص، وخلق 600 ألف وظيفة جديدة في قطاع السياحة، مبينا ان الحكومة تطمح الى جعل نصيب القطاع السياحي يصل الى نحو 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2010. وأشار إلى أنه رغم ارتفاع فاتورة الغذاء والطاقة التي يدفعها المغرب، إلا أن النمو الاقتصادي المستهدف هذا العام هو 6.8 في المائة خلال العام الحالي، والنسبة ذاتها العام المقبل، مبينا ان بلاده تستهدف متوسط نمو في حدود 6.3 في المائة خلال الفترة 2008-2012. وقال شامي نعتقد أننا سنحقق معدلات نمو مستهدفة «لأننا نتحرك بعيداً عن الاعتماد على الزراعة فقط من خلال إنشاء ـ محركات نمو ـ جديدة للاقتصاد الوطني أو باختصار التوقف عن سياسة الاعتماد على المطر فقط».

إلا الوزير المغربي أوضح أن الدعم الحكومي للسلع الأساسية يضع ضغوطا مالية على كاهل الدولة المغربية حيث انه سيشكل نحو 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي عام 2008، وفي المقابل، قال ان إيرادات الضرائب في تحسن نتيجة ارتفاع مدخولات الأفراد والشركات على حد سواء. وأكد ان الدولة تعمل حاليا على تقوية الأنظمة المالية ومنح سلطات أوسع للمؤسسات المالية، خصوصا هيئة سوق المال، مؤكدا ان البورصة المغربية ستشهد تطورات ايجابية خلال الفترة المقبلة. وحول المخاوف من ارتفاع حجم التسهيلات الائتمانية في قطاع العقارات، قال شامي ان التسهيلات الائتمانية في قطاع العقارات تمثل حاليا نحو 14 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وهي ناتجة عن محاولة الحكومة والقطاع الخاص تعويض العجز الحاصل في هذا القطاع منذ فترة طويلة. لكن الوزير المغربي أكد في هذا المجال ان الدولة تراقب الوضع ولهذا السبب رفعت معدل الكفاية الرأسمالية للبنوك الى 10 في المائة العام الحالي من 8 في المائة عام 2007، متوقعا رفعها الى 12 في المائة، العام المقبل. وفيما يتعلق بحجم الدين العام الذي يبلغ حاليا 54 في المائة، فان الحكومة ستسعى لتخفيضه ما دون 50 في المائة خلال السنوات المقبلة. كما ستضاعف الحكومة استثماراتها الداخلية، مشددا على انها إشارة ايجابية للمستثمرين الأجانب. كما قال الوزير ان الحكومة ستعمل على زيادة مرونة نظام الصرف خلال المدى القريب، مبينا أن نظام الصرف الحالي غير مرن حيث أنه يرتبط بنحو 80 في المائة في اليورو والباقي في الدولار. ورغم تلك التطورات الايجابية، عاد وزير التجارة والصناعة والتكنولوجيا الحديثة في المغرب للتشديد على ان التحديات التي تواجه بلاده عديدة، ذاكراً أهم أربعة منها أولها تعميق إصلاح التعليم وربطه بمسيرة التنمية، ثم إعادة هيكلة نظام الدعم الحكومي للسلع الأساسية، والذي سيستنزف 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام، وجعله في فائدة الفئات التي تستحقه بالفعل. كما ستعمل الدولة على تحسين نوعية النمو الاقتصادي، فضلا على المحافظة على أساسات الاقتصاد تحت السيطرة، خصوصا ما يتعلق بالتضخم والاستقرار المالي، مشدداً على ان هذا الامر لن يتم بين عشية وضحاها بل يحتاج الى عدة سنوات.