السعودية: السيطرة على أكبر شلل كهربائي منذ 9 سنوات.. وخسائر المصانع بالملايين

البراك الرئيس التنفيذي لـ«الكهرباء السعودية» لـ «الشرق الأوسط»: التعويضات لا تتم إلا في الانقطاعات المبرمجة

الكهرباء تعد أحد مصادر الطاقة الرئيسية التي لا يمكن الاستغناء عنها («الشرق الأوسط»)
TT

أُعلن في السعودية أمس، رسميا، السيطرة على أكبر شلل كهربائي ضرب مدن ومصانع وسط وشمال وشرق البلاد، وذلك بعد سلسلة انقطاعات، نجمت عنها أضرار بملايين الريالات، وأعادت ذاكرة السعوديين للمشهد نفسه الذي عاشوه منذ قرابة الـ9 سنوات.

أمام ذلك، قال المهندس علي البراك الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما جرى هو حادث عرضي، نتج عن عطل فني متمثل بقطع في إحدى الدوائر الممتدة بين الرياض ومحطة حوطة سدير، وأدى إلى إرباك جزء من النظام».

وأكد البراك، أن شركته أحكمت سيطرتها بالكامل على الخلل الذي أصاب نظام الربط الكهربائي. وقال «لقد عادت الأمور إلى طبيعتها منذ السابعة والنصف مساء الأربعاء. كل الأمور تحت السيطرة. والوضع مطمئن. الخلل تم تجاوزه وإصلاحه.

ونتج عن سلسلة الانقطاعات، التي ضربت السعودية أمس الأول، توقف العمل في عدد من المصانع الواقعة في مدينة الجبيل الصناعية.

من جانبه، قدر مطلق المريشد نائب رئيس الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» للشؤون المالية ورئيس مجلس إدارة شركة «كيان للبتروكيماويات» في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، حجم خسائر سابك بالجبيل الناجمة عن انقطاع التيار الكهربائي بملايين الريالات.

وفيما أوضح المريشد أن نصف المصانع التابعة لسابك توقفت عن العمل، جراء الانقطاعات الكهربائية الأخيرة، أكد الرئيس التنفيذي لـ«السعودية للكهرباء»، أن المصانع التي طالتها الانقطاعات، لا يتجاوز عددها الـ5 مصانع.

ولفت المهندس البراك، إلى وجود تنسيق وصفه بالقوي بين الشركة السعودية للكهرباء، والمصانع المتضررة. وقال «نحن على اتصال مستمر بكافة المتضررين». لكن المريشد أبان أن بعض المصانع قد تحتاج من 3 إلى 5 أيام حتى تعود إلى العمل، مشيرا في هذا الصدد إلى أن بعض الأفران قد تتلف الأنابيب فيها وتحتاج إلى تغيير كلي.

وقال سعد المعجل نائب رئيس الغرفة التجارية في الرياض ورئيس اللجنة الصناعية في مجلس الغرف لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الصناعيين في السعودية «يطالبون شركة الكهرباء بمصداقية أكبر في توفير الطاقة الكهربائية، خصوصا في أوقات الذروة في موسم الصيف». وأضاف أن الصناعيين يشّغلون بعض مصانعهم حسب برمجة وقتية للحد من استهلاك الطاقة الكهربائية، عبر إيقاف المصانع التي يسهل توقيف الأعمال فيها. وأوضح أنه مقابل ذلك، «تحتاج شركة الكهرباء الى أن تجتهد في توعية الأفراد في توفير الطاقة الكهربائية في فصل الصيف، خصوصا عند تشغيل أجهزة التكييف التي تصرف الكثير من الطاقة الكهربائية».

واستغرب عجز شركة الكهرباء السعودية في توفير الطاقة الكهربائية لبلد ينتج الطاقة. مضيفا، إذا استمر أداء شركة الكهرباء على حاله، ولم تطور خدماتها لتوفير التيار الكهربائي في أوقات الذروة، فسوف تتكرر العملية في السنوات القادمة، خصوصا مع النمو العمراني والسكاني والصناعي في السعودية.

واقترح المعجل، توفير شركات بديلة لتوفير الطاقة البديلة عن الكهرباء، من خلال توزيع الغاز المسال والجاف لتوليد الطاقة في المدن لاستخدمها في التكييف، خصوصا في المنشآت السكانية والإدارية والتجارية الكبيرة.

وطالب المعجل، بإعطاء التراخيص للشركات القادرة على تحويل الغاز المسال والجاف إلى طاقة تشغيل أجهزة التبريد، لتكون مستعدة لمد المستهلك بالطاقة البديلة عن الكهرباء بعد 5 سنوات من الآن. وطالب بدراسة تجربة كل من مدينتي موسكو وباريس، وتركيا في استخدام الغاز كطاقة بديلة عن الكهرباء.

بدوره، قال لـ«الشرق الأوسط»، سلمان الجشي رئيس اللجنة الصناعية في غرفة الشرقية، إنه من الصعب تقدير حجم الخسائر الناجمة عن انقطاع التيار عن وحدات صناعية متعددة. ولفت إلى أن الأهمية تكمن في المخاطر التي تواجهها المصانع مع العملاء والالتزامات التجارية، خصوصا إذا تكرر انقطاع التيار الكهربائي في المناطق الصناعية، الذي قد يؤدي إلى حدوث خلل في تلك الالتزامات والى تدهور العلاقة بين الطرف المنتج والعملاء. وتمنى رئيس اللجنة الصناعية في غرفة الشرقية، أن تكون الانقطاعات التي حدثت «أمر عابر ولا يتكرر في المستقبل»، مذكرا بوعود سابقة كانت الشركة السعودية للكهرباء قد قطعتها على نفسها ببذل أقصى جهدها لعدم انقطاع التيار الكهربائي عن المناطق الصناعية.

وعاد مطلق المريشد ليؤكد أن ما يفاقم المشكلة، عدم شمول التأمين لمثل هذه الحالات، الأمر الذي قال إنه يكبد شركته مزيدا من الخسائر حتى على مستوى علاقتها بمستهلكي منتجاتها، مشيرا إلى أن من الخسائر ما يتعلق بالأسعار وأخرى بالسمعة، وهو الأهم الذي يقاس معه مدى الالتزام.

واستبعد البراك، أن تقوم شركته بتعويض المصانع المتضررة من الانقطاعات الأخيرة. وقال «ليس هناك شركة كهرباء في العالم تعوض إذا حدث عطل فني من مثل هذه الانقطاعات».

وأشار إلى أن الحالات التي تنطبق عليها التعويضات، تنحصر في الانقطاعات المبرمجة، بحيث تكون هناك اتفاقية لإدارة الأحمال وتخفيض الأحمال. أما الانقطاعات التي تحصل بشكل عارض فليس هناك قانون للتعويض».

وكانت الانقطاعات الكهربائية الأخيرة، قد شملت أجزاء من العاصمة الرياض والمنطقة الشرقية والقصيم وحائل. وأكد المهندس البراك أمام ذلك، أن قوة العطل الذي تعرض له الجهد الفائق، أبطل فعالية أجهزة الحماية، والتي تقوم بالعادة بحماية محطات التوليد، وهو الأمر الذي جعل تأثير العطل يؤثر بوحدات توليد محطات (القريه، القصيم حائل).

وقال إن كافة الانقطاعات تمت السيطرة عليها منذ الساعة الـ7.30 من مساء الأربعاء، حيث أن مدينة الرياض لم تتأثر سوى بـ5 في المائة من الانقطاعات، وأعيد تشغيلها خلال أقل من ساعة. أما القصيم فتمت إعادة الكهرباء لها خلال ساعتين.

وفي حائل، أكدت الأنباء، أن الانقطاعات عادت للمنطقة، منذ ظهر يوم أمس الخميس. وقال المهندس البراك إن هناك مصاعب في إعادة توليد الكهرباء لحائل لأنها بعيدة عن الشبكة الكهربائية. لكنه أكد أن محطتا توليد القصيم وحائل أعيد تشغيلهما خلال فترة زمنية قصيرة، مشيرا إلى وجود احتياطات من مولدات القصيم وحائل، لكن مثل هذه الانقطاعات تحتاج إلى وقت لتشغيل الوحدات وإدخالها على النظام، على حد قوله.

وأشار الرئيس التنفيذي لـ«كهرباء السعودية»، إلى أن مشكلة الانقطاعات المتزامنة، تكشف عن أحد سلبيات نظام الربط الكهربائي. لكنه أقر بأن إيجابيات هذا النظام تفوق سلبياته.

ويرى المهندس البراك، أن عدم وجود احتياطي كبير في النظام لهذا العام، تسبب في تفاقم هذه المشكلة. وأكد أن الاحتياطي العام للكهرباء سيصل إلى 10 في المائة، في السنوات المقبلة.

وبحسب بيان للشركة السعودية للكهرباء، فإنه «تم تكليف فرق عمل متخصصة لدراسة أسباب العطل والعمل على تفادي حدوثه مستقبلا». يأتي ذلك، فيما طالب صناعيون سعوديون، شركة الكهرباء بتوفير ضمانات جدية للحد من حوادث انقطاع التيار الكهربائي على المنشآت الصناعية، معتبرين أن هذا الانقطاع يؤدي إلى خلل في عملية الانتاج يتحملها القطاع الخاص.