تباين مصالح الدول النامية يتقدم على الخصومة التقليدية بين الشمال والجنوب

أميركا تتهم الهند والصين بإفشال مفاوضات منظمة التجارة العالمية

تطالب الولايات المتحدة و27 دولة اوروبية بظروف استثمارية افضل لصناعاتها وقطاعها المالي وشركات التأمين والاتصالات الدولية مقابل خفض الرسوم الجمركية (ا.ف.ب)
TT

حصل اصطفاف جديد بين الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية في الأسبوع الأخير من مفاوضات المنظمة، وبدلا من التحالفات التقليدية بين الدول المتقدمة والدول النامية، او الدول الغنية والدول الفقيرة، اسفرت التسوية التي اقترحتها المنظمة في المفاوضات الجارية الى تشتيت شمل الدول النامية التي باتت مصالحها الاقتصادية المتباينة تتقدم على الخصومة التقليدية بين الشمال والجنوب. وتعددت مواطن الخلاف بين اعضاء المنظمة البالغ عددهم 153 دولة، غالبيتها من البلدان النامية، من الشرق الاقصى الى اميركا اللاتينية حول آليات الحماية والمنتجات الحساسة والموز والقطن. وقد ادت التسوية حول الزراعة والمنتجات الصناعية الى قيام فجوة بين البرازيل والهند اللتين قادتا مجموعة العشرين.

وقد تأسست «مجموعة العشرين» عشية مؤتمر منظمة التجارة في كانكون، المكسيك، عام 2003. وتمكنت المجموعة من فرض وجهة نظرها على الدول المتطورة وطالبتها بخفض حجم الدعم الزراعي. وأيدت البرازيل، التي تأمل ان تستفيد صادراتها الزراعية من الاتفاق، التسوية التي اقترحها المدير باسكال لامي. لكن الهند واصلت معارضتها لمشروع الاتفاق بسبب خشيتها من ان يهدد خفض الرسوم الجمركية مصير مئات ملايين المزارعين الهنود.

وأكد الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا أن بلاده «لم تكسر التضامن» مع حلفائها، كما ذكرت الوكالة الفرنسية، لكنه أقر بوجود «فروقات وعدم تناسق ضمن المجموعة». كما اتهمت الولايات المتحدة بعض الدول النامية بتهديد المحادثات الجارية للمنظمة بسبب مواقفها المتعنتة، وخصت بالذكر الصين والهند، وحملت الدولتين مسؤولية افشال سبع سنوات من المفاوضات التي بدأت في الدوحة عام 2001 للوصول الى اتفاق تجاري ينظم العلاقات بين الدول الاعضاء في المنظمة. وقال ديفيد ستارك الممثل الأميركي في المفاوضات إن الولايات المتحدة «تحملت الكثير» ووافقت على تسوية تنظم العلاقات التجارية التي تخص البضائع الصناعية والزراعية بشكل عام. وانتقد الهند على رفضها الصيغة التي اقترحها مدير المنظمة الدولية باسكال لامي، والصين بسبب تراجعها عن موقفها الذي تبنته الاسبوع الماضي «موقفاهما يفشل دورة الدوحة من المفاوضات ويهدد سبع سنوات من المفاوضات»، كما ذكرت وكالة الاسوشييتد بريس في تقرير لها من جنيف. وجاء اجتماع المنظمة في جنيف كجزء من مفاوضات التجارة الحرة التي بدأت في الدوحة بقطر عام 2001. ومنذ ذلك التاريخ والمفاوضات تتعثر بسبب الاختلاف في الموقف بين الدول الصناعية الغنية والدول النامية التي تطالب بخفض المعونات التي تقدمها الأولى لمزارعيها حتى يتمكن المزارعون في الدول الفقيرة من تسويق منتجاتهم في الأسواق العالمية. وتطالب الولايات المتحدة و27 دولة اوروبية في الاتحاد الأوروبي بظروف استثمارية افضل لصناعاتها وقطاعها المالي وشركات التأمين والاتصالات الدولية مقابل خفض المعونات. وأظهرت الولايات المتحدة بعض المرونة عندما قررت خفض معاوناتها لمزارعيها بمقدار 1.4 بليون دولار.

وقالت الصين أمس انها تعارض بشدة محاولة بعض الدول الغنية، خصوصا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والتي تتمثل في الوصول الى اتفاقيات تخص بعض القطاعات الصناعية بشكل انفرادي ومحاولتها في نفس الوقت حماية تجارتها الزراعية. وأضافت الصين ان الوصول الى اتفاقيات انفرادية يتنافى مع مفاوضات هونغ كونغ عام 2005. وقال لو اكسيانكون ممثل المركز التجاري الصيني «بالنسبة لهم فإن الآلات الزراعية والكيماويات والسيارات التي تعطيهم منافسة اقوى تأتي في مقدمة أولوياتهم في المفاوضات». وتتهم الولايات المتحدة الصين والهند في اضافة التعريفة الجمركية على بعض المحاصيل مثل القطن والرز والسكر. وقال وزير التجارة الهندي كمال ناث ممثل الهند في المفاوضات «ليست فقط الهند التي تطالب ذلك، هناك اكثر من 100 دولة تطالب بنفس الشيء، وهذا يثبت ان الدول الغنية تقف بعزلة عن الآخرين»، مضيفا «اذا كانت المعارضة تعني عدم القبول بما تطالب به هذه الدول فلا مانع عندي من ذلك». من جهته، قال دبلوماسي برازيلي «ان مجموعة العشرين تلعب دورا ينعكس بشكل كبير في الاتفاق الذي يجري التفاوض حوله. وقد عقدت اجتماعا السبت وستبقى مواقفها ثابتة حتى انتهاء جولة (المفاوضات)».

بدوره، اضاف وزير التجارة الهندي كمال ناث «نحن متفقون وليست هناك مشاكل داخل مجموعة العشرين، رغم ان نيودلهي تعرقل مسألة آلية الحماية التي تسمح لبلد ما بزيادة رسوم الجمارك في حال تجاوز الاستيراد معدل الاربعين في المائة. بخسارة كل ما قد تكسبه بانفتاح الاسواق».