ارتفاع قياسي لأسعار الأراضي الزراعية مع اشتداد أزمة الغذاء العالمية

قفزت في بريطانيا لوحدها بنسبة 47% خلال عام

TT

سجلت أسعار الاراضي الزراعية في بريطانيا زيادات قياسية، حيث قفزت خلال النصف الأول من العام بـ24 في المائة، لترتفع بذلك نسبة الزيادة مقارنة بالعام الماضي الى 47 في المائة. يأتي هذا في وقت تواصل اسعار العقارات تراجعها، حيث نزلت بنسبة 1% خلال يونيو (حزيران) الماضي، فيما هبط عدد القروض العقارية الممنوحة الى أدنى مستوى له منذ 1993 وسط جدل حول ضرورة تدخل الحكومة لمساعدة سوق القروض العقارية المتعثر بسبب أزمة الائتمان. وذكرت هيئة المساحين الملكية البريطانية في تقرير لها حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن الزيادة في اسعار الاراضي الزراعية هي الأعلى في تاريخ تقاريرها حول القطاع، والتي بدأت قبل 13 عاما. وذكرت الهيئة أن معدل سعر الهكتار من الأراضي الزراعية قفز خلال النصف الأول من العام من 10439 جنيها استرلينيا (الجنيه الواحد يساوي 2 دولار أميركي تقريبا) الى 12965 جنيها، مشيرة الى أن الاراضي الصالحة للزراعة ارتفعت بنسبة 32 في المائة خلال النصف الأول، فيما زادت الاراضي المخصصة للرعي بنسبة 16 في المائة. وفي المقابل اشارت هيئة المساحين البريطانية الى أن مبيعات المزارع التي عادة ما تتخذ اقامات للراحة في العطل ونهايات الاسبوع، تسجل تراجع الطلب عليها بشكل كبير حيث نزل، وذلك لأول مرة منذ 2005، من 50 في المائة الى ـ 3 في المائة. وأٌرجع هذا الهبوط الى تراجع طلب المشترين التقليديين لهذه المزارع من المتعاملين الاثرياء في الحي المالي في لندن، الذين يقبلون عادة على شراء المزارع كاستثمار طويل المدى وكإقامات ثانوية للراحة خاصة أثناء عطل نهاية الاسبوع القصيرة أو العطل الأخرى الطويلة. غير ان مخاوف المتعاملين في ظل المناخ الاقتصادي المضطرب بسبب أزمة الائتمان دفعت الكثيرين منهم الى اعادة حساباتهم، والتضحية بما كانوا يعتبرونه احدى المكملات الأساسية لأسلوب حياتهم.

ودفعت الزيادات القياسية بعض المزارعين الى اغتنام الفرصة وبيع أراضيهم والتقاعد، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف استغلال تلك الأراضي مع ارتفاع اسعار الوقود والطاقة والمواد المستعملة في العناية بالأراضي مثل الاسمدة. غير أن الاراضي الزراعية، وفي ظل الارتفاع القياسي لأسعار الغذاء العالمية تمثل فرصة استثمارية ثمينة، خاصة مع التوقعات التي ترجح استمرار أزمة الغذاء العالمية على المدى البعيد في ظل الارتفاع السكاني العالمي وزيادة الطلب على الغذاء، خاصة في أكبر بلدين من حيث عدد السكان في العالم، الصين والهند، القوتين الاقتصاديتين الصاعدتين اللتين تشهدان بروز طبقة وسطى تعرف عادتها الغذائية تغيرا كبيرا مع زيادة الطلب على الغذاء ذي البروتينات العالية.

وفي هذا السياق، يقول جوليان سايرز، الناطق باسم هيئة المساحين البريطانية: «ارتفاع اسعار السلع دفعت أسعار الاراضي الزراعية الى مستويات قياسية وسط تنافس المزارعين والمستثمرين على الاراضي الصالحة للزراعة». وتشير صحيفة «التايمز» الى ان الإقبال على الاراضي الزراعية في بريطانيا يأتي من قبل صناديق استثمارية محلية ومزارعين كبار، غير أن هناك منافسة شرسة من مستثمرين ومزارعين من آيرلندا والدنمارك، والتي تعرف الاراضي الزراعية فيهما ارتفاعا كبيرا، وذلك على غرار أنحاء كثيرة من العالم.

واصبح الاستثمار في الزراعة أحد التوجهات الاستراتيجية، في ظل ارتفاع اسعار الغذاء العالمية، حيث أعلنت الكثير من الحكومات والمستثمرين الخواص في منطقة الخليج عن عدة مشاريع استثمارية زراعية غير بعيد عن المنطقة، بالتحديد في السودان أو في بلدان آسيوية مثل تايلند، وذلك سعيا لتحقيق الأمن الغذائي.