27 مصنعاً للجلود في السعودية يواجه خطر الإفلاس

ندرة المادة الخام والسماسرة والتعقيدات الإدارية تقلص أرباح القطاع

TT

يواجه 27 مصنعاً للجلود والدباغة بالسعودية خطر الإفلاس أو الخسارة، في ظل تراجع هذا القطاع بشكل ملحوظ في العامين الأخيرين، مقارنة ببقية القطاعات التجارية الأخرى، ومقارنة بالنتائج التي كان يعطيها القطاع نفسه في الفترات السابقة.

ويقول بعض أصحاب هذه المصانع بأن سوق الجلود يمر بمرحلة صعبة تكاد تكون الأصعب في تاريخه على الإطلاق، وتراجع السوق بأكثر من 50 بالمائة نتيجة لعوامل مختلفة، أبرزها صعوبة تأمين المادة الخام وتلاعب السماسرة بأسعارها في السوق، الأمر الذي يزيد كلفتها داخلياً ويجعلها عرضة لمنافسة شديدة عند تصديرها إلى الخارج من قبل أسواق أخرى أقل سعراً.

وقال جمال محمد أوغلو، أمين لجنة الدباغة والجلود بغرفة جدة، بأن معظم هذه المصانع على شفا الهاوية، ومهددة بالإفلاس، وما يعمل منها حالياً بالكاد يوازن بين مصروفاته وأرباحه، وذلك من خلال اعتماده على قنوات إضافية كفتح المواقع والمسالخ ومحطات التكرير والصرف الصحي، بدلاً من تطوير المهنة والصناعة.

وأوضح أوغلو، إضافة إلى صعوبة تأمين المادة الخام بسبب الوضع المالي العام وارتفاع معدل التضخم، وهو ما يتسبب بتقليل اعتماد الناس على اللحوم، الأمر الذي ينعكس سلباً على معدل توافر الجلود، فإن سهولة منح التراخيص واشتراط رأسمال قدره 5 ملايين ريال (1.3 مليون دولار) فقط على المستثمر الأجنبي، ساهم في زيادة عدد المصانع التي لا تستطيع الإيفاء بمتطلبات الصناعة.

وأرجع ذلك إلى أنها تتكلف أكثر من هذا المبلغ من خلال ضرورة اشتمالها على محطات للتنقية وتكرير المياه، ومعالجة المخلفات بطريقة غير ضارة بالبيئة، رغم أن السوق السعودية برأيه تتحمل فقط 7 مصانع كبيرة للجلود، بحساب متوسط معدل توفر المادة الخام اليومي، الذي لا يتجاوز الـ 70 ألفا.

وحمَّل أوغلو المصانع التي تعمل بهذه الطريقة، من دون أن يتم تقييد مخالفاتها من قبل الجهات المختصة، مسؤولية تراجع السوق باعتبار أن ملاكها المتواطئين مع سماسرة السوق يقومون بزيادة السعر لعدم تحملهم تكاليف إضافية، وبالتالي فإن من يدفع الثمن هو المصانع المجهزة والنظامية، بحسب وصفه.

وأكد في الوقت نفسه أن هناك من يدفع مقدما للمطابخ والمسالخ للحصول على الخام بطريقة غير مدروسة، داعياً الجهات المعنية للتفاعل والتدخل في عملية حصول المصانع على نسب المادة الخام بطريقة نظامية مدروسة تربط بين طرق المعالجة البيئية وحصول المصانع على الجلد.

وتابع أوغلو، أن الشكاوى المتراكمة من التجار المتعاملين في هذا القطاع أمام لجنة الغرفة التجارية المعنية تشير إيضاً إلى صعوبات أخرى في الحصول على العمالة، وإلى بيروقراطية من وزارات وجهات معنية بسبب قلة موظفيها تجعل الحصول على مستندات مهمة كالشهادة البيطرية، وشهادة المنشأ أمراً عسيراً.

ويوافق الدكتور خالد الدقل، مدير مصنع الدقل للجلود، وعضو لجنة الدباغة والجلود بغرفة جدة، على خطورة الوضع واحتمال إفلاس بعض المصانع في القريب العاجل، حسب رأيه، بسبب تراجع الثروة الحيوانية، وارتفاع أسعارها، وإحجام المستهلكين عن اللحوم بسبب غلاء أسعارها، ومنع الاستيراد من دول اخرى كالصومال مثلاً، إلى جانب الأمراض التي تصيب الماشية بشكل كثير.

ولفت إلى أن عوامل أخرى ستضغط مستقبلا على السوق، مثل ندرة المياه ومرحلة انفتاح السوق ودخول مستثمرين جدد. وعلق الدقل على ذلك قائلا: «أعتقد أن البقاء للأفضل ولصاحب الميزة النسبية في السوق التي يستحوذ عليها نشاط التصدير لحد الآن، حيث أن الناتج السعودي من الجلود يصدر منه 80 بالمائة، في حين أن المستخدم في الصناعة والتلوين داخلياً لا يتخطى الـ 20 بالمائة.

وقال الدقل بأنه، ورغم الملاحظات السلبية بشأن الرقابة وتعدي السماسرة والمصانع غير المنضبطة، التي لا يمكن إنكارها، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت تطوراً إيجابياً في الجانب البيئي من مصلحة الأرصاد وحماية البيئة وغيرها من الجهات المهتمة.

وأشار إلى دور كبير من المتوقع أن تلعبه التكتلات والاندماجات بين مصانع الجلود والدباغة مستقبلاً من أجل دعم المصانع الوطنية، مؤكداً أن هناك دفعا في هذا الاتجاه حالياً.