موجة تضخم عاتية تضرب العالم مع مرور عام على أزمة الائتمان

كوريا الجنوبية تتجه نحو تسجيل أول عجز تجاري لها منذ 11 عاماً

TT

يمر عام على «هزة» أزمة الائتمان التي كان مركزها في أميركا، والتي امتدت ارتداداتها المدمرة الى اوروبا، خاصة مع اعلان مؤسسات مالية أميركية وأوروبية خسائر مهولة؛ كان آخرها بنك مصرف «اتش اس بي سي» البريطاني (أكبر البنوك الاوروبية) الذي أعلن أول من أمس أن أرباحه في النصف الاول تراجعت بمقدار 3.9 مليار دولار، محذراً من ان آسيا، التي كان يُعتقد انها بعيدة عنها، ليست في مأمن من ارتدادات هزة أزمة الائتمان، التي توقعت غالبية التقارير من المؤسسات المالية العالمية استمرارها وحتى تعمقها في المدى المنظور.

وبالتزامن مع أزمة الائتمان المتفاعلة مع التباطؤ الاقتصادي وضغوط أسعار النفط والغذاء تضرب العالم موجة تضخم عاتية لم تسلم آسيا التي اصبحت لاعبا اقتصاديا كبيرا ومؤثرا في الساحة الدولية منها. وفي هذا السياق، أشارت تقارير اقتصادية نشرت أمس إلى أنه من المتوقع أن تسجل كوريا الجنوبية هذا العام عجزاً تجارياً قدره 3.5 مليار دولار، وهو العجز الأول في نوعه منذ 11 عاما بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب. واعلن امس ارتفاع معدل التضخم في الفلبين إلى أعلى مستوى له منذ 17 عاما. كما ارتفع في تايوان إلى أعلى مستوى له منذ 14 عاماً.

وأكد لـ«الشرق الأوسط» الخبير غاي دو جونكوراييس، الباحث الخبير من المعهد الملكي للشؤون الدولية بلندن (تشاتهام هاوس)، أن التضخم يشكل قلقا حقيقيا للدول الآسيوية، مشيرا الى ان التوجه الغالب كان التركيز على النمو بدلا من محاولة مواجهة التضخم. وقال دو جونكوراييس ان الدول الآسيوية التي يعتمد اقتصادها على التصدير ستتأثر لا محالة من تبعات أزمة الائتمان المتعمقة بشكل واضح في اسواقها باميركا وأوروبا. ونقلت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية عن اتحاد التجارة الدولية في كوريا الجنوبية القول إنه من المتوقع نمو الصادرات خلال النصف الثاني من العام الحالي بمعدل لا يزيد عن 17.4% مقابل 20.4% عام 2007.

ويجيء هذا التوقع في وقت سجل فيه رابع أكبر اقتصاد آسيوي عجزاً تجاريا خلال النصف الأول من العام الحالي بلغ 6.2 مليار دولار.

وصدرت كوريا الجنوبية خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي سلعاً وخدمات قيمتها 213.9 مليار دولار واستوردت بقيمة 220.1 مليار دولار.

ومن المتوقع أن تبلغ الصادرات خلال النصف الثاني 227.6 مليار دولار والواردات 224.9 مليار دولار بفائض قدره 2.7 مليار دولار. وكان البنك المركزي الكوري الجنوبي قد ذكر أول من أمس أن احتياطي النقد الأجنبي نقص بواقع 10.58 مليار دولار، الشهر الماضي، ليصل إلى 247.5 مليار دولار. وكان النقص بسبب قيام الحكومة والبنك المركزي بجهود لتعزيز سعر صرف الوون الكوري الجنوبي منعاً للمزيد من التضخم الذي وصل إلى أعلى معدل خلال عشر سنوات. ولكن وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، اتضح أن تلك الجهود هي سلاح ذو حدين لكوريا الجنوبية حيث أن ارتفاع سعر الوون يؤثر سلبا على الصادرات الكورية لأنه يرفع أسعارها في السوق العالمية.

من جهة اخرى، أعلنت الإدارة العامة للمحاسبة والإحصاء التايوانية أمس ارتفاع معدل التضخم بتايوان خلال يوليو (تموز) الماضي إلى 5.92% وهو أعلى مستوى له منذ 14 عاماً تقريباً. وزاد مؤشر أسعار التجزئة خلال يوليو الماضي بمقدار 0.9 نقطة مئوية عند يونيو (حزيران) الماضي ليصل إلى 5.92%، وهو أعلى مستوى له منذ سبتمبر (أيلول) 1994.

وبلغ معدل التضخم خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي 4.18%.

من جهتها، أعلنت الحكومة الفلبينية أمس ارتفاع معدل التضخم في الفلبين خلال يوليو الماضي إلى 12.2%، وهو أعلى مستوى له منذ ديسمبر (كانون الأول) 1991 في ظل استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

وذكر مكتب الإحصاء الوطني الفلبيني أن معدل التضخم كان في يونيو الماضي 11.4%، في حين كان المعدل في يوليو من العام الماضي 2.6% فقط. وأشار المكتب إلى أن معدل التضخم، الشهر الماضي، هو الأعلى منذ ديسمبر 1991 حيث كان أعلى معدل تضخم تم تسجيله في قطاع السلع الأساسية.