خبراء لـ«الشرق الأوسط»: تراجع أسعار النفط نتيجة زيادة إنتاج أوبك ومخاوف تباطؤ الطلب

وكالة الطاقة الدولية تعتبر أن السعودية وفت بوعودها لكنها حذرت من تخفيض الإنتاج

متعاملون في بورصة نايمكس للنفط في نيويورك (إ.ب.أ)
TT

فقدت أسعار النفط في أقل من شهر نحو 20 في المائة من قيمتها، الأمر الذي دفع العديد من المراقبين إلى إلقاء اللوم على المستثمرين والمضاربين، نتيجة تحركهم بعيدا عن أسواق النفط بفعل ان المخاوف من تباطؤ النمو العالمي قد يخفض الطلب. ولكن هذا الامر لا يشير إلا لنصف القصة، وبنفس القدر من الأهمية، فان الزيادة الكبيرة في المعروض من «أوبك»، خصوصا من السعودية، ساهم في تخفيف حدة الاختناق في السوق، حسبما أشار إليه عدد من الخبراء لـ«الشرق الأوسط». وهذا الامر أكده المحلل في مؤسسة «غلوبال انسايت» في لندن صامويل سيسزوك، حيث قال «إن تراجع الاسعار يرجع الى العديد من العوامل، من أهمها انخفاض الطلب في الولايات المتحدة وامتداد ذلك حاليا إلى أوروبا، فضلا على تزايد المخاوف من تراجع الطلب في الصين والهند». وانتعشت أمس أسعار النفط عن أدنى مستوياتها في ثلاثة اشهر، لترتفع أكثر من دولارين مع تجدد المخاوف بشأن المعروض في السوق، التي كانت تعرضت لضغوط من تزايد الدلائل على تباطؤ الطلب على الوقود.

ومع ذلك فان السعر الحالي لبرميل النفط، وهو أقل بأكثر من 20 في المائة من السعر القياسي، الذي وصلت إليه اسعار النفط الخام عندما بلغت 147.27 دولار للبرميل في 11 يوليو (تموز) الماضي، وتراجعت اسعار السلع بشكل عام، فان تجدد ارتفاع الأسعار في الأجل القصير أو المتوسط يخضع لجدل بين الخبراء الاقتصاديين، خصوصا في حال وجود مؤشرات جديدة على احتمال تراجع الطلب في الدول الصناعية. وفي المقابل يجادل آخرون في ان الاقتصادات الناشئة ليست محصنة هي الأخرى ضد التباطؤ الاقتصادي العالمي، خصوصا في حال استمرار قيام البنوك المركزية بزيادة معدلات الفائدة الرئيسية لمحاربة التضخم.

ولكن كلا الجانبين يركزان على جانب الطلب من المعادلة، لكن المتابعين للأسواق النفطية متفقون تقريبا على ان الأسعار المرتفعة تساهم في تقليل الاستهلاك، وبدأوا يحولون أنظارهم نحو إمدادات أوبك. وأفضل دليل على مدى تحسن العرض جاء أول من أمس من وكالة الطاقة الدولية، التي أعربت، بعد أشهر من مطالبتها لأوبك لزيادة العرض، عن رضاها حاليا من مستوى الانتاج لدى منظمة أوبك. وأشارت الوكالة الى أن إمدادات أوبك من النفط بلغت في شهر يونيو (حزيران) الماضي 32.4 مليون برميل يوميا، بزيادة قدرها 1.8 مليون برميل للفترة ذاتها من العام الماضي، متوقعة ارتفاع إنتاج أوبك لنحو 32.6 في يوليو (تموز). وفي هذا السياق قال لرويترز نوبو تاناكا، رئيس وكالة الطاقة الدولية أول من أمس ان منظمة البلدان المصدرة للنفط وفت بوعودها، قائلا «إنها )أوبك) قد تعهدت بزيادة الانتاج، وبالفعل وفت بتعهداتها. وإذا ما حافظت المنظمة على المستوى الحالي من الانتاج، فان حالة العرض ستكون أفضل».

لكنه حذر «أوبك» من إجراء تخفيض في الانتاج إذا استمرت الاسعار في الهبوط، قائلا «إننا نريد ان نرى الإبقاء على المستوى الحالي من الانتاج». ومن المنتظر ان تجتمع دول أوبك في بداية الشهر المقبل في فيينا وفي منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) في وهران، الجزائر.

ويعود الفضل الى ارتفاع إنتاج الأوبك الى حد كبير لزيادة الانتاج في السعودية، اكبر منتج في المنظمة، حيث رفعت إنتاجها بنحو نصف مليون برميل الى 9.7 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى لها منذ أوائل عام 1981. وهنا عاد المحلل في مؤسسة «غلوبال انسايت» في لندن صامويل سيسزوك للقول: «ان زيادة إنتاج أوبك وخصوصا من السعودية ساهمت في تراجع الاسعار، ويبدو ان هذا الاتجاه سيبقى سائدا ما لم تعكره تطورات جيوسياسية تعيد قلب المعادلة من جديد». محللون آخرون ليسوا على يقين من ان الكثير قد تغير، محذرين من ان الزيادة الكبيرة في إنتاج «أوبك» ليست سوى بداية لتعويض التقلص الحاد في إمدادات الدول غير الأعضاء في أوبك، خصوصا مع تراجع الانتاج في روسيا وبحر الشمال والمكسيك بدرجه كبيرة. وهنا قال بنك كريديه سويس في مذكرة بحثية «انه من اجل تراجع اسعار النفط بشكل كبير جدا، ينبغي ان ترتفع الطاقة الاحتياطية لدى أوبك إلى أكثر من 5 في المائة. وحاليا تلك الطاقة في أدنى مستوياتها منذ 4 سنوات وستتراجع الى نحو 1.1 في المائة بحلول عام 2013». من جهته قال كيفن نوريش، المحلل في «باركليز كابيتال» في لندن «ان زيادة الانتاج السعودي تم استيعابها بسهولة في السوق، ومن غير المرجح ان تساعد على بناء أي مخزن اضافي في الأسواق».