نقص الغاز يهدد مشاريع الألومنيوم في الشرق الأوسط

خبير: التكاليف الباهظة قد تجبر الشركات على التخلي عن الخطط والبحث عن مواقع أخرى

ارتفاع أسعار الغاز أثر بشكل كبير على صناعة الألومنيوم (شاتر ستوك)
TT

يعجز معروض الغاز في الشرق الأوسط، عن مواكبة النمو السريع في المنطقة، ومن شأن احتدام المنافسة بين الصناعات، أن يؤخر أو حتى يرجئ بعض المشاريع الكثيفة الاستهلاك للطاقة مثل مصانع الالومنيوم. وفي اطار بحثها عن كهرباء رخيصة، تعتزم عدة شركات ألومنيوم كبرى، إقامة مصانع جديدة في الشرق الأوسط الذي يتحول سريعا إلى منطقة نمو مهمة للمعدن المستخدم في النقل والكهرباء والتغليف.

لكن النمو السريع للمنطقة يضطرها الى التزاحم على إمدادات دون المتوقع من الغاز والكهرباء في وقت يشهد طلبا متسارعا. ويتنافس منتجو الألومنيوم على الطاقة مع قطاعي الصلب والبتروكيماويات، وهناك أيضا الزبائن الآسيويون المستعدون لدفع المزيد مقابل الغاز الطبيعي المسيل.

وبحسب وكالة رويترز أوضح الاستشاري المستقل جيمس كينج متحدثا عن المنطقة أن الكثير من مشاريع الالومنيوم التي طرحت كانت متفائلة أكثر من اللازم، مؤكدا أن الطاقة التي تحتاجها ليست متوافرة حقا، والتكاليف الرأسمالية هائلة وسعر الطاقة مرتفع.

وقد تجبر التكاليف الباهظة التي تقدر بـ9 آلاف دولار لطن الألومنيوم وعدم كفاية الطاقة بعض الشركات على التخلي عن خطط والبحث عن مواقع أخرى مثل ليبيا والجزائر، لديها احتياطيات غير مستغلة من الغاز، لضمان قدرة المعروض العالمي على مواكبة الطلب، بينما قد تسفر التأخيرات عن صدمات في المعروض.

ويلقي بعض المحللين ظلالا من الشك، على ما يصل الى ثلاثة مشاريع ألومنيوم في الشرق الأوسط.

وفي الشهر الماضي قالت ريو تينتو ان مشروعها لبناء مصهر ألومنيوم في أبوظبي معلق لحين مراجعة الحكومة لاحتياجاته من الطاقة. ولمحت تقارير إعلامية سابقة الى «موت المشروع». وتعد قطر هي البلد العربي الخليجي الوحيد، الذي لا يعاني نقصا في الغاز. وهي أكبر الدول المصدرة للسلعة في العالم. لكن حتى قطر علقت أي استغلال جديد لمواردها من الغاز الطبيعي، وتقول انها تحتاج الى تخصيص مزيد من الوقود للاحتياجات المحلية.

ولشركة نورسك هايدرو مشروع هناك، من المقرر أن تصل مرحلته الاولى الى طاقتها القصوى البالغة 585 ألف طن سنويا في عام 2010.

ويشهد قطاعا الصلب والبتروكيماويات في المنطقة توسعا سريعا ولدى الخليج نصف مشاريع البتروكيماويات الجديدة في العالم. ومما يشغل صناعة البتروكيماويات أيضا توافر الغاز لعمليات المعالجة في المنطقة، لكن محللين يقولون ان منتجي الصلب سيكونون أكثر قلقا بشأن ارتفاع تكاليف الطاقة عن المعروض عندما يبحثون مشاريع جديدة.

ويستهلك مصهر الالومنيوم 30 مثلا قياسا للكهرباء التي يستخدمها مصنع صلب نموذجي قدرة 500 الى 600 كيلوواط في الساعة.

لكن المحللين والمنتجين يقولون ان مشاريع الالومنيوم والصلب الكبيرة في الشرق الاوسط، دبرت الكهرباء اللازمة وستمضي قدما.

وقال خالد بوحميد المدير العام لشركة ألومنيوم دبي «دوبال» المملوكة لحكومة الامارة، ان مشروع ألومنيوم الامارات «امال» الذي تباشره الشركة، يمضي قدما بعد تدبير امدادات الكهرباء للثلاثين عاما المقبلة على الاقل.

وتطمح حكومات المنطقة الى تنويع موارد اقتصاداتها بعيدا عن الاعتماد على النفط والغاز، مما قد يوفر فرصا لمنتجي ألومنيوم آخرين، اذا استطاعوا ابرام صفقات كهرباء طويلة الأجل.

ويتوقع كينج ارتفاع إنتاج الشرق الأوسط من الالومنيوم إلى أكثر من مثليه عن العام الماضي، ليصل الى4.9 مليون طن بحلول عام 2015 ثم لما يقرب من أربعة أمثاله إلى 7.9 مليون طن بحلول 2025. ويتوقع ارتفاع إنتاج الصلب الى 26.2 مليون طن بحلول 2025 من 16.8 مليون في 2007.

وقال ماسيمو روسي كبير المحللين لدى سي.ار.يو غروب، انهم يتوقعون نجاح منتجي الالومنيوم في زيادة الطاقة الإنتاجية عالميا، بما يكفي للوفاء بالطلب. وأضاف «لكن اذا حدت التكاليف الرأسمالية والتضخم أو اختناقات الطاقة من الاستثمارات الجديدة في طاقة الصهر، فقد نواجه بعض المشكلات، ومن ثم ارتفاع أسعار الالومنيوم».

وقد تفكر بعض شركات الصناعات الثقيلة مليا بشأن خطط طويلة الأجل في الشرق الأوسط.

ذلك أن ما أعلن بالفعل من مشاريع بتروكيماويات بعشرات المليارات من الدولارات، يضمن لها تقريبا احتياجاتها من المواد الخام واللقيم.

غير أن مايكل كورك النائب الاول للرئيس لدى «بورفين اند جرتز» في دبي يقول، ان شح إمدادات الغاز وارتفاع الأسعار، قد يكبحان استمرار التوسع بعد استكمال موجة المشاريع الحالية. وأضاف أن «الشرق الأوسط هو المكان المناسب لبناء الطاقة الإنتاجية، بفضل تدني سعر الغاز. لكن ميزة سعر اللقيم التي استفادت منها تلك المصانع، في ظل غاز رخيص، ستختفي على الارجح».