ازدهار أعمال شركة بريطانية للقروض في وسط وشرق أوروبا

يعمل بها 28 ألف موظف وتعرف إقبالا كبيرا فيما يعاني سوق الائتمان العالمي من اضطراب

على الرغم من أن الاستدانة لا تحظى بقبول في غرب أوروبا وأميركا في الوقت الحالي، فإنها تحظى بالكثير من القبول في شرق أوروبا وأماكن أخرى، حيث يرغب المواطنون في حياة أفضل
TT

عندما تزور إيوا راتشوال أحد عملائها، البالغ عددهم 150 عميلا، في منازلهم يحييها هؤلاء العملاء كما لو كانت صديقة قديمة لهم، وليست موظفة تأتي إليهم أسبوعيا لتحصل على مستحقات القروض التي حصل عليها العملاء. تعد راتشوال واحدة من 28000 موظف بشركة «إنترناشونال برسونال فينانس»، وهي شركة بريطانية تقدم قروضا للمواطنين ذوي مصادر العيش المتواضعة في وسط وشرق أوروبا، وهؤلاء المواطنون لا تسمح لهم ظروفهم بالتعامل مع البنوك التقليدية. وعلى عكس معظم المؤسسات المالية الكبرى، فإن الشركة البريطانية تشهد نجاحا مطردا، في الوقت الذي يعاني فيه سوق الائتمان العالمي من اضطراب ملحوظ، حتى بات الكثير من المؤسسات التي تقدم قروضا تعاني من خسائر جمة وتناقص في قيم أصولها. وعلى الرغم من أن الاستدانة لا تحظى بقبول في غرب أوروبا والولايات المتحدة الأميركية في الوقت الحالي، فإنها تحظى بالكثير من القبول في شرق أوروبا وأماكن أخرى، حيث يرغب المواطنون في حياة أفضل. وقد تمكنت «إنترناشونال برسونال فينانس»، من ابتكار وسيلة، من خلالها تقوم الشركة بتقديم القروض مباشرة للعملاء، وتبقى على دراية بما يقوم به عملاؤها. يقوم موظفو الشركة بزيارة العملاء في منازلهم لتكون لهم نظرة أفضل لأوضاعهم المالية، قبل أن تقدم لهم الشركة قروضا نقدية صغيرة تبلغ في المتوسط 500 دولار، ويمكن استخدام تلك القروض في أي من الأغراض، بدءا من تصليح الغسالات إلى قضاء العطلات. هناك انتقاد من بعض العملاء ومسؤولين بسبب معدلات الفائدة التي تبلغ نحو 20 في المائة، ولكن تصر الشركة على أن تلك المعدلات ضرورية لدفع مقابل الخدمة المنزلية، وتغطية مخاطر تلك القروض.

ارتفعت أرباح الشركة البريطانية بنسبة 40 في المائة خلال العام الجاري، كما زادت قيمة أسهمها، المطروحة في بورصة لندن، بنسبة 52 في المائة، في الوقت التي انخفضت فيه قيمة أسهم الكثير من البنوك الأميركية، وتلك الموجودة في دول غرب أوروبا. ويقول كريستوفر رودريجس، الرئيس التنفيذي بالشركة، إن «إنترناشونال برسونال فينانس»، تعد «أفون» الخدمات المالية، في إشارة إلى شركة «أفون» العالمية المختصة في مستحضرات التجميل. ويقر رودريجيس بأن الشركة ليست محصنة ضد المشاكل المالية، التي نالت من المؤسسات المصرفية الأخرى، ولكن بتجنبها الأنماط المالية المعقدة، وعلاقتها اللصيقة بعملائها، الذين يبلغ عددهم 1.94 مليون عميل، تمكنت الشركة من تقليل المخاطر الماثلة أمامها.

وعلى الرغم من أن رسوم تخفيض قيمة الموجودات، التي تبلغ 22 في المائة من العوائد، تعد كبيرة، فهي تراقب قروضها بحرص لتتلافى أي مفاجآت أو خسائر كبيرة غير متوقعة. ويقول بلازس باب، رئيس فرع «إنترناشونال برسونال فينانس» في بولندا، إن نهج الشركة يتخطى شيكات الائتمان ونظم الكومبيوتر التي تعتمد عليها البنوك الأكبر. ويضيف أنه إذا «قال لك شخص ما عبر الهاتف أن لديه طفلا واحدا، ولكن عندما تذهب إلى منزله تجد أن هناك ثلاثة أزواج من الأحذية بأحجام مختلفة» يعرف الموظف أن هناك خطأ ما. وتقول راتشوال، التي تقدم القروض لصالح شركة «إنترناشونال برسونال فينانس» منذ ثمانية أعوام، إنها عندما زارت أحد العملاء لأول مرة ألقت نظرة متمعنة على الشقة وحاولت أن تستكشف أقصى ما تستطيع، بعيدا عن الأسئلة الروتينية حول مستوى دخل العميل، وما إذا كان هناك تليفون لدى الأسرة أم لا. ويكون كل موظف مسؤول عن منطقة صغيرة في المدينة لا تتجاوز ميلا مربعا أو 2.6 كيلومتر، ويكون هذا الموظف معروفا في المعتاد للمواطنين القاطنين في تلك المنطقة. تقول راتشوال: «يلقي الناس التحية علي في الشارع، فأنا أعرف أطفالهم وأسرهم، فحتى أفراد العائلة لا يقومون بزيارتهم مثلما أفعل».

وقد ساعد النمو الاقتصادي في وسط وشرق أوروبا الشركة على تحقيق الكثير من النجاحات. ويشير نيل شارنغ، وهو اقتصادي بـ«كابيتال إكونوميكس» بلندن، إلى أنه على عكس غرب أوروبا، حيث بدأ النمو يتباطأ بشكل كبير خلال العام الجاري ومن المحتمل أن تعاني بعض الدول من الركود، يتوقع أن تشهد اقتصادات دول شرق أوروبا استمرارا في معدل النمو الذي بلغ هذا العام 4 في المائة في المتوسط.

ويعد ذلك خبرا جيدا لشركة «إنترناشونال برسونال فينانس»، التي تعمل أيضا في جمهورية التشيك ورومانيا وسلوفاكيا والمجر والمكسيك وتخطط للتوسع في روسيا وأوكرانيا والهند. وفي الوقت الذي تنمو فيه الاقتصادات، حيث يحقق العملاء مكاسب أكبر ومن ثم تكون لديهم الرغبة والمقدرة على الاستدانة بكميات أكبر.

ومع ذلك، فقد بدأت معدلات التضخم في الارتفاع في أوروبا الشرقية وستكون هناك مخاطر أمام أنشطة «إنترناشونال برسونال فينانس» لو ارتفعت معدلات البطالة هي الأخرى. وتقول الشركة إنها أخذت استعداداتها للتعامل مع الوضع إذا ما بدأت اقتصادات تلك الدولة تعاني من مشاكل. ويقول بلازس باب: سيتطلب ذلك تصرفا فوريا من جانبنا، وسيكون علينا وقف تعاقدات القروض الأكثر عرضة للمخاطر، والتأكيد على متطلباتنا الائتمانية. ومع ذلك، يمكننا ملاحظة التغيرات التي تطرأ على الوضع بسرعة جدا بسبب اتصالنا المباشر مع العملاء».

ويمكن أن تجد الشركة أصولها تعود إلى عام 1880، عندما بدأ جوشاوا وديلف، وهو رجل خيري، في تقديم قروض إلى الأسر البريطانية التي تنتمي إلى الطبقة العاملة. عرضت الشركة أسهمها في عرض عام مبدئي عام 1962، ثم بعد ذلك توسعت في الخدمات المصرفية أخرى، كان من بينها الكروت الائتمانية. وفي العام الماضي، بدأت الشركة الأم «بروفيدنت فينانشيال» في توسيع العمليات الخارجية مثل «إنترناشونال برسونال فينانس». وفي الوقت الحالي، تتزايد الأرباح التي تحققها «إنترناشونال برسونال فينانس» بصورة متسارعة لأنها تعمل في منطقة بها أسواق ائتمان لم تستوف نموها بعد. ففي بولندا، يوجد لدى 40 في المائة من المواطنين حسابات في البنوك مقارنة بـ90 في المائة في بريطانيا. وتبلغ قروض العائلات هنا 15.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بـ98.7 في المائة في الولايات المتحدة و111 في المائة في بريطانيا و59.7 في المائة في الدول التي تستخدم اليورو. وقد يمكن للكثير من المواطنين في الدول التي تقدم فيها «إنترناشونال برسونال فينانس» خدماتها في الوقت الحالي، أو تلك التي تأمل في الوصول إليها في المستقبل، الاستدانة من البنوك، ولكن لا يعد ذلك خيارا متاحا أمامهم. وتقول حنا كرزيسيوسكا ريبنسكا، وهي متخصصة في التغذية بأحد المستشفيات، تعيش مع زوجها وأمها، التي تبلغ من العمر 90 عاما، إنها كانت تحتاج إلى تمويل سريع كي تساعد ابنها، سائق تاكسي، على شراء سيارة جديدة. وتضيف: «لم يستطع هو الحصول على القرض بنفسه لأنه اشترى مع زوجته منزلا جديدا ولديهما رهن عقاري كبير». وتشير: «مع البنوك، يكون علي الدفع في تاريخ محدد، ولكن هنا توجد المرونة للدفع في ما بعد». استدانت كرزيسيوسكا ريبنسكا 5000 زلوتي بولندي (2225 دولارا) لمدة عامين، وعليها الآن دفع 95 زلوتيا كل أسبوع، ما يعني أنه بعد عامين ستكون قد دفعت 9880 زلوتيا (4396 دولارا). يعد ذلك معدل فائدة كبيرا بصورة غير طبيعية، ولكن سبب ذلك هو أن القرض يتخطى متوسط القروض التي تقدمها شركة «إنترناشونال برسونال فينانس» بصورة كبيرة. يحصل عملاء الشركة في بولندا على دخل شهري يبلغ في المتوسط 2500 زلوتي (1112 دولارا). ويقول السيد رودريجس إن معدلات الفائدة بشركة «إنترناشونال برسونال فينانس» ليست أكبر كثيرا من الكثير من معدلات كروت الائتمان في الولايات المتحدة وأوروبا، وقد ساعدت على تغطية مخاطر تقديم القروض إلى العملاء الذين لديهم تاريخ ائتماني محدود، أو ليس لديهم أي سابقة في هذا المجال على الإطلاق، كما تساعد على دفع مقابل شبكة الموظفين. ويضيف رودريجس أنه تتم هيكلة رواتب الموظفين في المؤسسة بطريقة معينة لتجنب أي حوادث إقراض غير موافقة لشروط الشركة، حيث يتم الدفع للموظفين بنظام العمولة فقط، ومعظم الراتب يمنح عند جمع مستحقات الدين وليس عندما يشترك عميل جديد.

* خدمة «نيويورك تايمز»