البنك الدولي: لا نهاية في الأفق لأزمة الغذاء العالمية

وسط دعوات لحاجة العالم للقمح المعدل وراثيا لمكافحة الجوع

تمثل محاصيل الذرة والقمح نحو 40 في المائة من الغذاء العالمي («الشرق الأوسط»)
TT

قال البنك الدولي أمس انه لا تلوح في الأفق نهاية للنقص في الغذاء العالمي وان ارتفاع الأسعار بسبب تغير المناخ وندرة الطاقة والمياه ستفاقم قريبا ما بات بالفعل مجاعة صامتة.

وقالت كاترين سييرا، نائبة رئيس البنك للتنمية المستدامة في مقابلة مع «رويترز»: «ربما يكون هناك انخفاض طفيف لكن أسعار الغذاء ستواصل الارتفاع في المستقبل المنظور».

وأضافت على هامش أعمال مؤتمر بشأن الزراعة وتغير المناخ في استراليا «ما نشهده في الوقت الحالي هو نوع من مجاعة صامتة.. أناس اضطروا بالفعل لتقليص استهلاكهم من الغذاء بقدر كبير.. 100 مليون شخص يعودون الى الفقر في افريقيا».

وتستعد كثير من الدول لمزيد من عدم الاستقرار بعد أعمال شغب في 37 بلدا. كما ارتفعت أسعار الأرز الدولية من 400 الى 1000 دولار للطن. وبلغ سعر الأرز القياسي التايلاندي 720 دولارا للطن. كما تخفض دول منتجة مثل كمبوديا وفيتنام والهند والصين صادراتها لتوفير الأرز للسوق المحلية.

وتشير سجلات الأمم المتحدة الى أن أسعار الأرز العالمية زادت 35 في المائة في العام الذي انتهى في يناير (كانون الثاني) في تسريع لوتيرة توجه صعودي بدأ في عام 2002.

ومنذ ذلك الحين زادت الأسعار 65 في المائة. وبلغت أسعار القمح ذروتها في مارس (آذار) مسجلة 454 دولارا للطن لترتفع الى أكثر من المثلين بين منتصف عام 2007 ومارس من العام الحالي.

وفي كلمة لها بالمؤتمر قالت سييرا ان الحكومات في أنحاء العالم تقاعست عن الاستثمار بشكل مناسب في البحوث الزراعية وزيادة انتاج أنواع جديدة من الاغذية في وقت مناسب لتلبية الطلب.

وفيما يرتفع عدد سكان العالم متجها الى تسعة مليارات دولار بحلول عام 2050 يتوقع نمو الطلب على الغذاء بنسبة 110 في المائة خلال نفس الفترة. في الوقت نفسه يخفض الاحتباس الحراري امدادات المياه المتاحة لزراعة المحاصيل.

وفي حين يعارض أغلب الأوروبيين أنواع المحاصيل المعدلة وراثيا قالت سييرا ان كثيرا منها بدا واعدا لتخفيف النقص في الغذاء.

وأضافت أن استراليا التي تواجه أسوا موجة جفاف منذ 117 عاما لديها الخبرة لتحسين انتاجية المحاصيل في مواجهة تغير المناخ ونقص المياه.

وأبلغ وزير الزراعية الاسترالي توني بيرك المؤتمر أن المحاصيل الغذائية المعدلة وراثيا ستكون ضرورية على نطاق واسع للمساعدة في مواجهة النقص العالمي في الغذاء قائلا إن الوقود الحيوي الذي يقلل المحاصيل الغذائية المتاحة غير ملوم في ذلك. وقال«لا أعتقد أننا ينبغي أن ندير ظهورنا الى أي جانب من العلم. سيكون من الخطأ أن يعتقد أي شخص أن الرجوع عن سياسات الوقود الحيوي تلك سينهي التحدي الذي نواجهه مع النقص العالمي في الغذاء». وقالت سييرا انه يجب أن تركز البحوث على محاصيل أشد صلابة قادرة على تحمل الجفاف والحرارة والملوحة علاوة على الحبوب.

من جهته قال رئيس معهد عالمي لدراسات القمح أمس ان اليابان وأوروبا تحتاجان لتبني القمح المعدل وراثيا لمكافحة نقص الغذاء في الدول الفقيرة بدلا من محاولة استرضاء المستهلكين.

وكانت معارضة الرأي العام وجماعات المستهلكين في الدول الغنية للقمح المعالج وراثيا قد دفعت كبرى الدول المنتجة مثل استراليا والولايات المتحدة وكندا للابتعاد عن زراعته.

وقال طومسون لومبكين، رئيس المركز الدولي لتحسين الذرة والقمح ومقره المكسيك، ان المحاصيل المعالجة وراثيا يمكنها زيادة الإنتاجية ومساعدة الدول الفقيرة على إطعام شعوبها في وقت نقص الغذاء وارتفاع الأسعار العالمية. وقال لومبكين في مقابلة مع «رويترز» أمس « يجب ان تحاول الحكومات مساعدة الناس على تقدير الى أي مدى يؤثر ارتفاع أسعار الاغذية على الفقراء في الدول النامية». وأضاف «حرمانهم من هذه التكنولوجيا نبقيهم جياعا ومهددين بالموت».

وتمثل محاصيل الذرة والقمح نحو 40 في المائة من الغذاء العالمي و25 في المائة من السعرات الحرارية التي تستهلك في الدول النامية حسب منظمة الاغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو).

وارتفعت أسعار القمح بحدة في العامين الماضيين فزادت على مثليها بالمقارنة بمستواها في عام 2006 حتى بلغت ذروتها في مارس عام 2008 عند 545 دولارا للطن قبل ان تتراجع بعض الشيء. وارتفعت أسعار الغذاء بنحو 50 في المائة على مستوى العالم خلال الفترة نفسها. ومركز تحسين الذرة والقمح هو مركز دراسات عالمي عن القمح له مكاتب في مائة دولة نامية ويهدف الى تحسين مستويات المعيشة ودعم الامن الغذائي في الدول النامية.

وليس هناك قمح معالج وراثيا في أسواق العالم في الوقت الراهن بسبب المعارضة القوية من جانب المستهلكين والجماعات المدافعة عن البيئة في العديد من الدول.

لكن العديد من الشركات المطورة للتكنولوجيا الحيوية الزراعية وبخاصة شركة «مونسانتو» وشركة «سينجنتا» قامت بأبحاث مكثفة على تطوير أنواع مختلفة من القمح المعالج. غير أن «مونسانتو» نحت جانبا مشروعها لتطوير القمح و«سينجنتا» أبطأت خطاها في ما يتعلق بقمح مقاوم للآفات بسبب المعارضة القوية.

ولم يوافق الاتحاد الاوروبي على أية محاصيل معدلة وراثيا على مدى عشر سنوات، والدول الأعضاء وعددها 27 دولة كثيرا ما تتشاحن بسبب هذا الأمر. وتدعم اليابان البحوث في هذا المجال، لكن الرأي العام معارض بشدة للقمح والأرز المعالجين وراثيا.

وقال لومبكين على هامش مؤتمر عن الزراعة والمناخ «هذا يعطل كندا والولايات المتحدة واستراليا». وأضاف «اليابان سوق مهمة للغاية».

وأضاف أن الدول التي تحظر المحاصيل المعالجة وراثيا ومنها استراليا قصيرة النظر وتحاول «استرضاء الناخبين».